حظي انسحاب المرشح الرئاسي التركي المعارض محرم إنجه من الانتخابات الرئاسية، قبل يومين من عقدها في 14 مايو/أيار 2023، باهتمام كبير لدى الإعلام التركي الكبير الذي صدّر تقييم صحفيين بارزين حول الانسحاب المفاجئ.
كان إنجه أعلن انسحابه من السباق الرئاسي، في مؤتمر صحفي، الخميس 11 مايو/أيار، أشار فيه إلى أنه واجه حملة تشويه غير مسبوقة ضده خلال الأيام الـ45 الأخيرة، لم يشهدها من قبل في حياته، متهماً تنظيم "فتح الله غولن" الإرهابي بتلفيق ونشر صور وفيديوهات مفبركة عنه، وأخبار كاذبة لا صلة له بها إطلاقاً على شبكة الإنترنت لتشويه سمعته.
إنجه على طريق بايكال
بدورها، قالت صحيفة "يني شفق" إن إنجه واجه مصيراً مشابهاً لرئيس حزب الشعب الجمهوري السابق، دنيز بايكال، قبل 13 عاماً، حينما اضطر للاستقالة من رئاسة الحزب في 2010 بسبب نشر شريط جنسي له، ما أفسح الطريق لكمال كليجدار أوغلو لتولي رئاسة الحزب آنذاك.
وحمّلت الصحيفة تنظيمَ غولن مسؤولية ذلك، مشيرة إلى أن ما أسمته "مؤامرة الشريط" أفلحت اليوم بإجبار إنجه على التنحي من الانتخابات الرئاسية قبل يومين فقط من عقدها.
من جانب آخر، لفتت الصحيفة إلى أن كواليس انسحاب إنجه هي "محل جدل"، وأنه لا أحد يعلم ما الذي جرى في الدقائق الأخيرة قبل إعلان إنجه رسمياً تنحّيه ظهر الخميس.
محرم إنجه فعل الصحيح!
الصحفي التركي البارز أحمد حاقان، قال في مقال بصحيفة "حرييت"، الجمعة، إن محرم إنجه تصرف بشكل صحيح حينما أعلن انسحابه، مشيراً إلى أن كليجدار أوغلو لو خسر الانتخابات، فإن المعارضة ستحمّل إنجه وزر الخسارة.
وذكّر حاقان بما قاله إنجه خلال المؤتمر الصحفي: "لن أدع لهم فرصة كي يلوموني حينما يخسرون"، ولفت حاقان إلى أن إنجه لم يمتنع عن التلميح بوضوح لخسارة كليجدار أوغلو.
في الوقت ذاته، هاجم الكاتب التركي تنظيم غولن وسياسة "المؤامرات والتزييف والافتراء"، لافتاً إلى أن ما جرى قبل 48 ساعة فقط من الانتخابات، لم يحدث طيلة المدة السابقة، وأكد أن التنظيم هو الذي سيخرج خاسراً من الانتخابات بغض النظر عن المرشح للفوز.
أكشنار ليست مستثناة!
في السياق، قال الكاتب في "حرييت"، عبد القادر سيلفي، إن إنجه تعرض لعمليات إعدام سياسية شديدة، وأُجبر على الانسحاب من ترشحه للرئاسة "بأشرطة مونتاج"، وصفها بـ"المثيرة للاشمئزاز"، وأضاف: "أشرطة جمعها تنظيم غولن من مواقع إباحية".
لكن سيلفي رأى أن إنجه كان عليه عدم الانسحاب، وأضاف: "لقد حارب تنظيمي غولن وبي كي كي (العمال الكردستاني)، ولو قرر عدم الانسحاب لكان اليوم بطلاً"، مشيراً إلى أنه "ركع على قدميه" بسبب الابتزازات.
من جانب آخر، رأى سيلفي أن ميرال أكشنار زعيمة حزب الجيد المتحالفة مع كليجدار أوغلو في الطاولة السداسية، تعرضت للأمر ذاته مطلع مارس/آذار الماضي، حينما هاجمت أولاً الطاولة ووصفتها بأنها "لم تعد تمثل الشعب"، لكن بعد 3 أيام اضطرت للعودة بعد "ضغوط لم ترها في حياتها".
واعتبر سيلفي أن أكشنار استسلمت هي الأخرى "للاغتيال السياسي"، مذكراً بما تعرض له دنيز بايكال في مايو/أيار 2010، حينما أُجبر على الاستقالة من رئاسة الشعب الجمهوري، ليأتي كليجدار أوغلو ويتولى الحزب منذ ذلك الحين.
فرص كليجدار أوغلو
في المقابل، اعتبر الكاتب في صحيفة "جمهوريت" المحسوبة على المعارضة، علي سيرمين، أن انسحاب إنجه "زاد من فرص كليجدار أوغلو بالفوز من الجولة الأولى"، لكنه استدرك بالقول: "ومع ذلك يجب توخي الحذر"، لافتاً إلى أن إنجه لم يعلن دعمه لأحد خلال الانسحاب.
أضاف: "إنجه لم يعلن دعمه لكليجدار أوغلو خلال انسحابه، على العكس كان واضحاً أن هدفه هو حزب الشعب الجمهوري في الغالب، ولذا من الصعب لصالح من ستذهب هذه الأصوات، لكن هناك احتمال كبير لاستقطاب كليجدار أوغلو لتلك الأصوات". بحسب تعبيره.
يشار إلى أن محرم إنجه أوضح خلال إعلان انسحابه، الخميس، أن حزبه "البلد" سيشارك في الانتخابات البرلمانية دون تغيير، مطالباً مناصريه بدعم الحزب؛ ليتمكن من دخول البرلمان.
وتابع محرم إنجه قائلاً: "أطلب صوتاً واحداً من كل بيت تركي لحزبي في الانتخابات البرلمانية، وأُعلن انسحابي من الترشح للانتخابات الرئاسية".
وتشير تحليلات إلى أن البقاء على مشاركة الحزب في الانتخابات البرلمانية، وإعلان الانسحاب من الانتخابات الرئاسية دون دعم مرشح آخر، يشير إلى أن غضب إنجه كان موجهاً ضد المعارضة، وأن مناصريه ترجموا هذا الغضب عقب إعلان الانسحاب، ما قد يشير إلى احتمال تصويت جزء كبير منهم لمرشح آخر غير كليجدار أوغلو.
وفي 14 مايو/أيار تنطلق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا، يتنافس فيها 3 مرشحين رئاسيين بعد انسحاب إنجه، وهم الرئيس رجب طيب أردوغان، ورئيس "الشعب الجمهوري" كمال كليجدار أوغلو، ومرشح "تحالف الأجداد" سنان أوغان، إضافة إلى 36 حزباً يتنافسون على مقاعد البرلمان.