تحتل إسرائيل مكانة عالمية في تقنيات أمن الفضاء الإلكتروني ومراقبته، وتستخدم نُظم الخفارة الاستباقية لوسائل التواصل الاجتماعي على منصات مثل فيسبوك وتويتر لفرض قيود على حرية التعبير للفلسطينيين.
يعتبر فيسبوك هو أكثر منصة ينتشر فيها التحريض ضد الفلسطينيين بنسبة 66% يتبعها تويتر بنسبة 16% وفقاً للمركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي (حملة)؛ حيث ازداد عدد المنشورات التحريضية بأكثر من الضعف منذ عام 2017، حيث تستغل وسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز الحرب النفسية وخلق صورة مثالية لإسرائيل، وتزوير الحقائق وبث الأفكار المضللة عن الفلسطينيين الذين يتم تصويرهم كمخربين إرهابيين.
نشر المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي (حملة) مؤشر العنصرية والتحريض في الشبكات الاجتماعية الإسرائيلية وهو تقرير سنوي يظهر نتائج مؤشر العنصرية والتحريض في الشبكات الاجتماعية الإسرائيلية خلال عام 2020؛ حيث ارتفع الخطاب العنيف ضد الفلسطينيين والعرب بنسبة 16٪ مقارنة بعام 2019.
كان عام 2022 الأكثر دموية في فلسطين بسبب ارتفاع جرائم الاحتلال ضد فلسطين في هذا العام، حيث ارتفع عدد الشهداء والمصابين والمعتقلين ارتفاعاً كبيراً لم تشهده فلسطين منذ عام 2005، ووصل عدد الشهداء إلى 230 شهيداً، بينهم 171 في الضفة الغربية، و53 من غزة، كما سلطت عملية اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة وإصابة زميلها علي سمودي، خلال اقتحام الجيش الإسرائيلي لمخيم جنين الضوء على جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين الذين يسقطون يوماً تلو الآخر وهم يواجهون جرائم الاحتلال.
بالرغم من ارتفاع الانتهاكات والجرائم ضد الشعب الفلسطيني في هذا العام، صعد الخطاب العنيف والعنصري المناهض للفلسطينيين بشكل أكبر عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي، وفقاً لتقرير جديد نشرته مؤسسة حملة، وهي منظمة تشارك مع شركة "ميتا"، الشركة الأم لـ"إنستغرام" وفيسبوك"، حيث نمت ملاحظات الكراهية ضد الفلسطينيين بنسبة 10% في عام 2022، مقارنة بالعام السابق.
أظهر التقرير الكثير من خطاب "بينيت" الذي زعم أن العرب إرهابيون، وأن أعضاء الكنيست العرب يدعمون الإرهاب، ودعا إلى قتل العرب الفلسطينيين أو تهجيرهم قسراً، وأشار التقرير إلى أن فيسبوك لا يزال بؤرة للكراهية ضد العرب ، وأن تويتر هو المنصة الرئيسية للخطاب العنيف ضد الفلسطينيين داخل إسرائيل.
أعلن مركز صدى سوشيال لرصد وتوثيق الانتهاكات الرقمية ضدّ المحتوى الفلسطيني، تسجيل أكثر من 1230 انتهاكاً ضدّ المحتوى الفلسطيني خلال العام 2022، قامت بها منصات التواصل الاجتماعي بفرض الكثير من الرقابة والمنع على المنشورات التي تتناول فلسطين أو جرائم الحرب والانتهاكات الإسرائيلية، تضمنت هذه الانتهاكات إغلاق وحذف حسابات وصفحات وحظراً للنشر والبث المباشر والإعلان وإزالة المحتوى، وتضييق الوصول.
حيث جاءت 58% من الانتهاكات بحق الصحفيين والمؤسسات الإعلامية، وتعلّقت بما نشروه على صفحاتهم، أو ممارسات عملهم في تغطية الأحداث في الأراضي الفلسطينية.
أن تصاعد خطاب الكراهية والتهديدات الرسمية الموجّهة من قبل جهات رسمية تابعة لسلطات الاحتلال وحسابات تديرها جهات أمنية إسرائيلية، شاملة تهديدات عامة وأخرى خاصة بالسجن والقتل والتعذيب، ومارست المنصات الرقمية انتهاكاتٍ بحق الصحفيات والناشطات الفلسطينيات، كحذف حساباتهن للتضييق على مهنتهن، مثل أسيل سليمان، ونجلاء زيتون، ونائلة خليل.
كذلك، قامت شركة ميتا بحذف فيديوهات ومنشورات وحقائق تثبت جريمة الاحتلال الإسرائيلي بحقّ الصحفية شيرين أبو عاقلة والاعتداء على جنازتها.
تتعامل منصات التواصل الاجتماعي بازدواجية مع خطاب الكراهية الموجه ضد الفلسطينيين، حيث تمتلئ بدعوات المستوطنين لقتل الفلسطينيين وتهجيرهم، وأحياناً من مستويات عليا إسرائيلية، مثل إيتمار بن غفير، من دون أن تحذفها منصات التواصل، أو تمارس عليها قيوداً مثلما يحدث مع الفلسطينيين.
يتبين لنا مما سبق أن مواقع التواصل الاجتماعي تُعد سلاحاً قوياً في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتساهم بشكل رئيسي في تزايد حدة الصراع وبث المعلومات المغلوطة ونشر وجهة النظر الواحدة، التي تعمل على طمس القضية الفلسطينية ودعم الممارسات الإسرائيلية وتبريرها، وارتفعت في الأعوام الأخيرة وتيرة الخطاب التحريضي والعنصري ضد الفلسطينيين في وسائل الإعلام الإسرائيلية، لا سيما مع زيادة فاعلية مواقع التواصل الاجتماعي.
إن الاستراتيجية التي تتبعها وسائل الإعلام الإسرائيلية المختلفة انعكست على تعزيز الكراهية ما بين الطرفين ولعبت دوراً أساسياً في اتساع الفجوة ما بين إسرائيل والفلسطينيين، وعلى الرغم من الاعتقاد الإسرائيلي بأن السياسة الإعلامية نجحت في تنفيذ بعض الأهداف المرجوة، فإن إسرائيل ستتحمل العواقب، المتمثلة في الارتفاع المستمر لمؤشر العنف والكراهية وما سيترتب على ذلك من تضاؤل فرص تحقيق الأمن والاستقرار.
يعتبر حجب ومنع المحتوى الفلسطيني أو المحتوى العالمي الذي يوثق الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الفلسطينيين الأساسية مخالفة لقواعد القانون الدولي وحقوق الإنسان التي تنص على الحق في التعبير، والحق في حريتَي التجمع والتظاهر في الفضاء الرقمي، طبقاً للمادة 19، والمادة 20 مـن العهـد الدولـي الخـاص بـالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على أنه "تحظر بالقانون أية دعاية للحرب، وتحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف"، والذي صادقت عليهما إسرائيل.
على مواقع التواصل الاجتماعي أن تطبق سياسات شفافة وفعالة لإدارة المحتوى، وأن تتخذَ التدابير الكفيلة لحماية الفلسطينيين، وعلى المجتمع المدني والناشطين تنسيق الجهود فيما بينهم لرصد حالات العنصرية وخطاب الكراهية على الإنترنت وتوثيقها وتحليلها والإبلاغ عنها، وتمويل المشروعات التي تدعم تطوير شبكات الرصد المستقلة وناشطي السلامة الرقمية فمن شأن هذه المساعي أن تزيد قدرة الفلسطينيين على ممارسة حقهم في التعبير عن أنفسهم بأمان على الإنترنت.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.