خرج آلاف الإسرائيليين، الأربعاء 1 مارس/آذار 2023، في تظاهرات منددة بمضي حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية بتمرير تشريعات من شأنها الحد من سلطة القضاء، فيما اعتقلت الشرطة 16 منهم، في حين وصف رئيس سابق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي "شاباك" الحكومة بأنها "إرهابية"، مشيراً إلى أن الحرب الأهلية "وشيكة".
وأغلق المتظاهرون عدداً من الشوارع، بما فيها الشارع السريع رقم واحد الذي يربط القدس مع تل أبيب، ما أدى إلى شلل في حركة السير، فيما أطلق المتظاهرون على الاحتجاجات "يوم التشويشات الوطني"، ويشمل التظاهر في تل أبيب وأمام مقر إقامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القدس الغربية، وفق الأناضول.
كانت الشرطة قالت في بيان، إنها اعتقلت 6 محتجين في منطقة تل أبيب "للاشتباه بسلوكهم غير المنضبط وعصيان أوامر الشرطة"، قبل أن ترفع "القناة 13" العدد إلى 16 متظاهراً في إطار احتجاجات أطلق عليها "يوم التشويش الوطني".
احتجاجات وقطع للطرق
وشارك في التظاهرات، في عدد من المواقع في إسرائيل، طلاب وأولياء أمورهم، كما قالت هيئة البث الإسرائيلية إن الاحتجاجات تضم العاملين في مجال التكنولوجيا المتطورة "هايتك"، وقوافل للآليات الزراعية تنطلق من 70 قرية تعاونية "كيبوتس"، إضافة إلى مسيرة تجوب شوارع تل أبيب وغيرها من المدن.
كذلك نقلت الهيئة عن منظمي "يوم التشويشات الوطني": "سنعطل النظام العام احتجاجاً على حكومة تحاول زعزعة النظام الديمقراطي. عشرات الآلاف سيخرجون في حراك جماهيري في جميع أنحاء البلاد من أجل وقف الانقلاب على القضاء الذي لا يحظى بدعم الشعب".
وأضافوا: "الأمن مفقود، والاقتصاد ينهار، والمجتمع يتمزق، أمام كل هذه الأخطار الحكومية الجسام، سيعيد الشعب دولة إسرائيل إلى طريق وثيقة الاستقلال".
في السياق، قالت وزيرة المواصلات الإسرائيلية "ميري ريغيف" إن ما يجري من تظاهرات "يلحق الضرر بالاقتصاد ويعرّض حياة الإنسان للخطر"، مضيفة في تغريدة على تويتر: "هذه ليست مظاهرات، هذه محاولة انقلاب من قبل فوضويين يخالفون القانون".
وتصر الحكومة على اعتماد مشاريع قوانين من شأنها الحد من سلطة القضاء لصالح السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهو ما تعتبره المعارضة انقلاباً على الديمقراطية. ومنذ 8 أسابيع تشهد إسرائيل مظاهرات حاشدة أسبوعية تنظمها المعارضة للضغط على الحكومة للتراجع عن هذه التعديلات.
حرب أهلية "وشيكة"
من جانب آخر، وصف يوفال ديسكين، الرئيس الأسبق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي شاباك (2005-2011)، الأربعاء، حكومة بنيامين نتنياهو بـ"الإرهابية"، محذّراً من حرب أهلية "وشيكة" قد تشهدها البلاد، وذلك في معرض تعليقه على هجمات عنيفة شنّها مستوطنون، الأسبوع الماضي، على بلدة حوارة الفلسطينية شمالي الضفة الغربية.
حيث شهدت البلدة وعدد من القرى الفلسطينية في محيط مدينة نابلس، هجمات غير مسبوقة من قبل مستوطنين إسرائيليين، أسفرت عن مقتل فلسطيني وإصابة العشرات وإحراق وتدمير عشرات المنازل والسيارات الفلسطينية، وذلك بعد مقتل مستوطنين في إطلاق نار على سيارة كانا يستقلانها قرب البلدة.
وقال ديسكين: "قلبي مع سكان قرية حوارة الذين تعرضوا لـ"بوغروم" مروّع من قبل مثيري شغب يهود. إنهم (المستوطنين) ليسوا إخوتي ولن يكونوا إخوتي، إنهم آفة هذه الأمة ويشكلون تهديداً للبلاد، علينا أن نحاسبهم بكل قوة".
و"البوغروم"، تسمية روسية الأصل للغارات العنصرية التي اقترفها النازيون ضد اليهود عام 1938.
حكومة "بائسة"
وتابع ديسكين (66 عاماً): "هذه الحكومة (الإسرائيلية) البائسة نجحت في العمل على تدهور أمننا القومي خلال شهرين إلى أدنى مستوياته"، مشيراً إلى أن "هذه ليست حكومة يمين كاملة، إنها حكومة إرهابية كاملة، في غضون أسابيع قليلة قد ينتهي بنا المطاف في حرب أهلية بسبب حكومتنا البائسة".
وتضمّ حكومة نتنياهو زعيم حزب "الليكود" اليميني، التي تشكلت أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي، أحزاباً من أقصى اليمين الديني والقومي، تتبنى سياسات عنصرية ضد الفلسطينيين.
والإثنين 27 فبراير/شباط المنصرم، تظاهر الآلاف من اليسار الإسرائيلي في تل أبيب، احتجاجاً على هجمات حوارة، والنهج المتطرف للحكومة "المؤيدة للمستوطنين والفصل العنصري"، بحسب بيان لحركة "السلام الآن" الحقوقية الإسرائيلية.
وجاءت التظاهرات في إطار احتجاجات أوسع تنظمها المعارضة الإسرائيلية منذ 8 أسابيع، احتجاجاً على خطة الإصلاح القضائي التي تنفذها الحكومة وتحدّ من دور القضاء.
وتصرّ الحكومة على اعتماد مشاريع قوانين من شأنها الحد من سلطة القضاء، بما في ذلك المحكمة العليا (أعلى هيئة قضائية)، لصالح السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتقول إن ذلك لصالح إعادة التوازن بين السلطات، وهو ما تعتبره المعارضة انقلاباً على الديمقراطية.