صحيفة مصرية شهيرة تحذف مقالاً لرئيس تحريرها هاجم فيه السعودية.. نشرت “بديلاً” له يثني على المملكة

عربي بوست
تم النشر: 2023/02/05 الساعة 18:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/02/05 الساعة 20:29 بتوقيت غرينتش
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي/ الأناضول

أقدمت صحيفة الجمهورية المصرية، يوم الأحد 5 فبراير/شباط 2023، على حذف مقال رئيس تحريرها عبد الرازق توفيق، الذي هاجم فيه المملكة العربية السعودية، ونشرت مقالاً جديداً له يتحدث فيه عن عمق العلاقات المصرية السعودية ودور المملكة في دعم القاهرة.

كان عبد الرازق توفيق قد هاجم المملكة العربية السعودية في مقال سابق في "الجمهورية"، وكتب مقالة تحت تحت عنوان "الأشجار المثمرة وحجارة اللئام والأندال"، قال فيها: "لا يجب على الحفاة العراة التطاول على مصر.. ليس من حق اللئام والأندال ومحدثي النعمة أن يتطاولوا على أسيادهم". ونشر موقعا "الجمهورية" و"كايرو 24″ المقال قبل أن يتم "حذفه لاحقاً". 

الأزمة تلتقتصادية في مصر عبد الفتاح السيسي مع الأمير محمد بن سلمان
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان/أرشيفية، رويتر

أضاف توفيق في مقالته المحذوفة: "لا يجب أن نستهلك وقتنا الثمين في مهاترات والرد على إساءات وأكاذيب السفلة، فما يهمنا هو العقل المصري.. وبناء الوعي الحقيقي.. لأن الحقد على نجاحات مصر وصل إلى درجة غير مسبوقة.. لذلك أقول إن هذا الهجوم الضاري على مصر.. وحملات الأكاذيب والشائعات والتشكيك والإساءات والطعن والتحريض والتزييف لم تأتِ من فراغ..". وذلك رداً على انتقادات من أكاديميين وصحفيين سعوديين للسلطة المصرية.

رئيس تحرير صحيفة الجمهورية المصرية يثني على السعودية

في حين جاء المقال الجديد، أو ما يمكن أن يوصف بـ"البديل"، وقد أثنى عبد الرازق توفيق على العلاقات السعودية بمصر ودور المملكة في دعم مصر منذ حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 وحتى الآن، وهو ما بدا أنه "اعتذار ضمني" من جانب الصحيفة ورئيس تحريرها عن المقال السابق وإن لم يتضمن المقالة اعتذاراً بالشكل الواضح والصريح.

توفيق قال في مقالته الجديدة: "أعتز وأفتخر بما تشهده المملكة العربية السعودية من بناء وتنمية وتقدم بقيادة جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز عاهل المملكة العربية السعودية وخادم الحرمين الشريفين وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان".

أضاف رئيس تحرير الجمهورية في مقالته التي نشرها موقع الصحيفة على الإنترنت: "إن وطنيتي وعروبيتي لا تسمح أبداً بالإساءة إلى أي دولة عربية شقيقة.. وأكنّ كل الاحترام والتقدير والإجلال والاعتزاز للمملكة العربية السعودية وما يربطها بمصر من علاقات ووحدة مصير وماض وحاضر ومستقبل وقواسم مشتركة، والشراكة كونهما عصب الأمة وصمام الأمن والاستقرار والتقدم لدولهما وشعوبهما، تقديراً وإجلالاً نابعاً من إيمان عميق واعتزاز وفخر بالمواقف المضيئة والمشرقة المتبادلة بين مصر والسعودية وسائر الدول العربية".

مضيفاً: "محاولات الوقيعة باءت وستبوء بالفشل لأن ما بين البلدين الشقيقين أكبر بكثير من محاولات أعداء الأمة، فما بين القاهرة والرياض هو علاقة مصير ومستقبل هذه الأمة، فهما ركيزة الأمن والاستقرار والسلام للمنطقة العربية، وأيضاً الأمن القومي العربي، وما يجمع القيادتين في البلدين من علاقات أخوية يعد نقطة فارقة في حاضر ومستقبل الأمة العربية".

انتقادات سعودية للوضع في مصر

كان الأكاديمي السعودي تركي الحمد، المقرب من ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، وفي مجموعة من التغريدات على صفحته في "تويتر"، انتقد، الجمعة 27 يناير/كانون الثاني 2023، الوضع الاقتصادي في مصر، مشيراً إلى أن القوات المسلحة المصرية بتغولها في الاقتصاد هي المسؤولة عن تردي الأوضاع في البلاد، على حد قوله.

ففي عدة تغريدات له، تناول تركي الحمد، بالنقد الشديد، الوضع الاقتصادي في مصر. وهذه ليست المرة الأولى التي ينتقد فيها الأوضاع المصرية، فقد سبق له أن انتقد الكاتب المصري عماد الدين أديب، حين كتب مجموعة من المقالات يتحدث فيها عن الوضع الاقتصادي المصري، ودعوته لدول الخليج لدعم مصر، وذلك في عام 2022.

تلت ذلك انتقادات أخرى من الأكاديمي السعودي خالد الدخيل، للوضع السياسي والاقتصادي المصري. وقال في تغريدة عبر حسابه بموقع "تويتر"، إن "ما يحصل لمصر في السنوات الأخيرة يعود في جذره الأول إلى أنها لم تغادر عباءة العسكر منذ 1952".

الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان - رويترز
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان – رويترز

كما كتب: "مصر انكسرت في يونيو/حزيران 67 وتبخر وهج 23 يوليو/تموز كما عرفه المصريون والعرب، لكن سيطرة الجيش على السلطة وعلى اقتصاد مصر لم تسمح ببديل سياسي اقتصادي مختلف".

جاءت تصريحات الأكاديمي السعودي تركي الحمد والأكاديمي خالد الدخيل بعد أيام قليلة من تصريحات لوزير المالية السعودي محمد الجدعان، التي قال فيها إن المملكة تغيّر طريقة تقديم المساعدات لحلفائها من تقديم منح مباشرة وودائع دون شروط.

أضاف الجدعان، خلال مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي بسويسرا، أن المملكة، أكبر مُصدّر للنفط في العالم وقوة عربية، تشجع دول المنطقة على إجراء إصلاحات اقتصادية. وأردف: "اعتدنا تقديم منح ومساعدات مباشرة دون شروط، ونحن نغير ذلك. نعمل مع مؤسسات متعددة الأطراف لنقول بالفعل إننا بحاجة إلى رؤية إصلاحات". مضى يقول: "نفرض ضرائب على شعبنا ونتوقع من الآخرين فعل الأمر نفسه وأن يبذلوا جهداً. نريد المساعدة لكننا نريد منكم الاضطلاع بدوركم".

تعثر مصر اقتصادياً

تصريحات الجدعان رآها مصريون أنها تلميح للموقف السعودي من التمويلات الممنوحة للقاهرة، في ظل تعثر السلطات المصرية اقتصادياً ورغبتها في الحصول على قروض ودعم خليجي كبير، في حين تشترط السعودية الانخراط في نشاط اقتصادي واستثماري بدلاً من منح تمويلات مالية دون مقابل.

على الجانب الآخر، شن الإعلامي المصري نشأت الديهي، هجوماً على تركي الحمد، وقال له: "أنت مالك ومال مصر". ووجه حديثه لتركي الحمد قائلاً: "أنا بقول لتركي الحمد وأمثاله عيب"، مضيفاً: "من أنت لكي تتحدث عن تاريخ مصر، مصر باقية، هذه الدولة خلقت لتبقى، وحديث تركي الحمد عبارة عن صفر كبير".

الرئيس المصري عبد الفتاج السيسي/رويترز

جدير بالذكر أن مصر تشهد أزمة اقتصادية صعبة يأتي على رأسها نقص العملة الأجنبية وارتفاع معدل التضخم بعد تخفيض البنك المركزي المصري قيمة العملة المحلية أمام الدولار الأمريكي الذي يسجل حالياً نحو 30 جنيهاً مقابل 15.6 في مارس/آذار 2022.

في حين أقرض صندوق النقد الدولي مصر ثلاثة مليارات دولار على مدى أربع سنوات، في حين يتعيّن على القاهرة سداد 42 مليار دولار من الديون خلال 2022-2023. وأودعت دول الخليج الحليفة لمصر 28 مليار دولار من الودائع لدى البنك المركزي المصري، وفقاً لـ"فرانس برس".

في المقابل، تحركت السعودية ودول خليجية أخرى مثل الإمارات وقطر بشكل متزايد نحو الاستثمار بدلاً من تقديم مساعدات مالية مباشرة. ووقّعت السعودية في يونيو/حزيران 2022 اتفاقات بقيمة 7.7 مليار دولار مع مصر، بما في ذلك بناء محطة طاقة بقيمة 1.5 مليار دولار، وقالت إنها تعتزم قيادة استثمارات بقيمة 30 مليار دولار لمساعدة حليف قديم يواجه ضعف العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية.

علامات:
تحميل المزيد