وصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى مكان عملية إطلاق النار والواقع أمام كنيس يهودي في مستوطنة "النبي يعقوب" بالقدس، الجمعة 27 يناير/كانون الثاني 2023، وقد انضم إلى عدد من المسؤولين السياسيين والأمنيين الذين تواجدوا في الموقع لمتابعة تطورات الحادث.
في حين ذكرت قناة "12" الإسرائيلية، أن حضور نتنياهو يعد "من المرات القليلة التي يزور فيها رئيس وزراء إسرائيلي مكان وقوع عملية ينفذها فلسطينيون".
هجوم القدس جاء رداً على اقتحام جنين
جدير بالذكر أنه في وقت سابق من الجمعة، قتل 8 أشخاص بينهم منفذ العملية، وأصيب 6 آخرون على الأقل في إطلاق نار أمام كنيس يهودي، في مستوطنة "النبي يعقوب" بالقدس. وتبنت "كتائب شهداء الأقصى" المحسوبة على حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" منفذ العملية، وقالت إنه خيري علقم ويبلغ 21 عاماً.
حيث قالت عبر حسابها على تويتر: "تزف كتائب شهداء الأقصى الاستشهادي المنغمس خيري علقم (21 عاماً) من حي الطور في القدس المحتلة". وأضافت أن علقم "ارتقى بعد أن زلزل أمن كيان بني صهيون المزعوم، وجندل بمسدسه أكثر من سبعة قتلى وكشف هشاشة منظومتهم الأمنية والعسكرية".
جاء الهجوم بعد يوم من عملية نفذها الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين شمالي الضفة الغربية أسفرت عن مقتل 9 فلسطينيين وإصابة آخرين، وفق ما أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية الخميس. وتقع مستوطنة "النبي يعقوب" قرب بلدة بيت حنينا، وهي مقامة على أراضيها، شمالي المدينة.
من جانبه قال حازم قاسم المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لـ"رويترز"، إن هذه العملية رد على ما فعلته القوات الإسرائيلية في جنين ورد طبيعي على "الأعمال الإجرامية للاحتلال". وأشادت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية أيضاً بالهجوم لكنها لم تتبن المسؤولية عنه.
"منفذ عملية القدس ليس له سجل أمني"
في حين قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن المسلح الفلسطيني يبلغ من العمر 21 عاماً، وهو من سكان القدس الشرقية، لكن لا تتوافر معلومات على الفور بشأن ما دفعه إلى الإقدام على تنفيذ الهجوم الذي وقع في منطقة ضمتها إسرائيل بعد حرب 1967.
أما في رام الله، أكبر مدن الضفة الغربية، وقطاع غزة، فتسببت أنباء الهجوم في تجمعات عفوية بالشوارع وإطلاق نار احتفالي، في حين اجتمع حشد من الناس أمام مستشفى هداسا بالقدس والذي يعالج به بعض الجرحى وهتفوا قائلين: "الموت للإرهابيين".
في مؤشر على احتمال حدوث مزيد من التصعيد، نُقل ثلاثة فلسطينيين إلى المستشفى بعد إطلاق النار عليهم، في حادث وقع بالقرب من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية. ولم تتضح هوية المهاجم بعد.
جاء إطلاق النار الجمعة قبل أيام من زيارة لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لإسرائيل والضفة الغربية. وأصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بياناً أدانت فيه الهجوم، وقالت إنه لم يطرأ أي تغيير على خطط سفر بلينكن.
انتقادات لـ"بن غفير"
في حين زار وزير الأمن الوطني، إيتمار بن غفير، زعيم أحد الأحزاب القومية المتشددة في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الجديدة، موقع الهجوم فقوبل بمزيج من الترحيب والاستهجان. وقال أمام حشد من الناس: "على الحكومة أن ترد، وهذا ما سيحدث".
في وقت سابق من الجمعة، قصفت طائرات إسرائيلية قطاع غزة رداً على الهجمات الصاروخية التي أطلقت أجهزة الإنذار في المجتمعات الإسرائيلية بالقرب من الحدود مع القطاع الساحلي الجنوبي المحاصر الذي تسيطر عليه حماس.
يذكر أنه في أغسطس/آب 2022، قصفت طائرات إسرائيلية أهدافاً في غزة مرتبطة بالحركة خلال مواجهة شهدت إطلاق حركة الجهاد الإسلامي مئات الصواريخ على إسرائيل، اعترضت معظمها أنظمة الدفاع الجوي.
في حين أثار العنف المحتدم منذ شهور، والذي تصاعد بعد سلسلة من الهجمات الدامية في إسرائيل العام الماضي، المخاوف من أن الصراع قد يخرج عن نطاق السيطرة، مما يؤدي إلى مواجهة أوسع بين الفلسطينيين وإسرائيل.
حيث بدأ أحدث موسم للعنف في ظل الحكومة الائتلافية السابقة واستمر بعد انتخاب الحكومة اليمينية الجديدة بزعامة بنيامين نتنياهو والتي تضم أحزاباً قومية متطرفة تريد توسيع المستوطنات في الضفة الغربية.
"السلطة" تنهي تنسيقها الأمني مع اسرائيل
بعد مداهمة الخميس أعلنت السلطة الوطنية الفلسطينية، التي لها صلاحيات حكم محدودة في الصفة الغربية، إنهاء التنسيق الأمني مع إسرائيل.
أما في مخيم جنين للاجئين، وهو عبارة عن كتلة من المباني والأزقة مكتظة بالسكان وكانت مركزاً لنشاط المسلحين وهدفاً لغارات إسرائيلية متكررة، فقال السكان إن عملية أمس الخميس توغلت بشكل غير معتاد في المخيم.
وفيما لحقت أضرار جسيمة بمبنى مكون من طابقين كان في مركز القتال، تلوثت المنازل المجاورة بالسواد من الدخان. وفي منطقة أخرى بالمخيم، سحقت الجرافات الإسرائيلية السيارات التي استخدمت في العملية.
من جهتها أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بياناً أمس الخميس، عبرت فيه عن "قلقها البالغ" حيال العنف في الضفة الغربية، وحثت الجانبين على تهدئة الصراع.
فيما قال مسؤولون فلسطينيون إن الأمم المتحدة ومصر وقطر دعت أيضاً إلى الهدوء، وكشفوا أن مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز، الذي يزور إسرائيل والضفة الغربية في رحلة رُتبت قبل أعمال العنف الأخيرة، سيلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس، غداً السبت. ولم يتسن الحصول على تعليق من المسؤولين الأمريكيين في القدس.
من جهته قال نتنياهو، الذي عاد للسلطة هذا العام على رأس واحدة من أكثر الحكومات اليمينية تطرفاً في تاريخ إسرائيل، إن إسرائيل لا تتطلع إلى تصعيد الوضع، غير أنه أصدر أوامر لقوات الأمن بالبقاء في حالة تأهب.