“التايمز” تسلط الضوء على قضية المعتقلين في مصر بالتزامن مع قمة المناخ: القاهرة تواجه تعقيدات بهذا الملف

عربي بوست
تم النشر: 2022/10/31 الساعة 12:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/10/31 الساعة 14:20 بتوقيت غرينتش
ملف المعتقلين في مصر - توضيحية / gettyimages

سلطت صحيفة The Times البريطانية، الأحد 30 أكتوبر/تشرين الأول 2022، الضوء على قضية المعتقلين السياسيين في مصر، قبل أيام من انعقاد قمة المناخ "كوب 27" في مدينة شرم الشيخ الساحلية، مطلع نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، مشيرة إلى قضية الناشط الحقوقي المصري كريم عنارة، الممنوع من السفر إلى زوجته البريطانية منذ اعتقاله ثم الإفراج عنه في 2020.

الصحيفة البريطانية أشارت إلى أن مصر تواجه "تعقيدات" في ملف المعتقلين السياسيين الذي قد يكون حاضراً في محادثات المسؤولين المصريين مع نظرائهم الغربيين، على رأسهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، خلال قمة المناخ.

في الوقت ذاته تطالب نحو 200 منظمة وفرد على مستوى دولي، السلطات المصرية بإطلاق سراح الصحفيين والسجناء السياسيين في البلاد، تزامناً مع التحضير لانعقاد القمة الدولية، في حين انضمت الناشطة البيئية غريتا ثونبرغ للحملة.

منظر للافتة Cop27 على الطريق المؤدي إلى منطقة المؤتمرات بشرم الشيخ/ رويترز
منظر للافتة Cop27 على الطريق المؤدي إلى منطقة المؤتمرات بشرم الشيخ/ رويترز

ونشرت ثونبرغ عريضة على تويتر، تحمل توقيع مئات المنظمات والنشطاء الحقوقيين، الذين أعربوا عن استيائهم من استضافة مصر لقمة للأمم المتحدة، وآلاف السجناء السياسيين المصريين لا يزالون محتجزين في ظروف مزرية وكتبت على تويتر: "متضامنون مع سجناء الرأي في مصر". حسب موقع  Middle East Eye البريطاني.

قضية الناشط المصري كريم عنارة

بما أن وزراء ومسؤولين بريطانيين سيحضرون القمة الدولية، فقد يكون ملف الناشط الحقوقي المصري كريم عنارة حاضراً في محادثاتهم، فهو على الرغم من الإفراج عنه بعد اعتقاله؛ لا يزال ممنوعاً من السفر خارج البلاد، ما يعيقه من التوجه إلى زوجته البريطانية جيسيكا كيلي.

كان الزوجان الشابان التقيا في عام 2008 لأول مرة عندما كانت جيسيكا، مخرجة الأفلام الوثائقية المستقرة في لندن، تدرس اللغة العربية في القاهرة. وبعد 12 عاماً في 2020 تزوجا في احتفال بسيط بوزارة العدل المصرية، على أن يعقدا زفافاً كبيراً في بريطانيا مع أسرة جيسيكا، التي تعيش في ويلتشاير، بعد انتقالهما إلى لندن.

لكن اعتقال السلطات المصرية لعنارة، الذي كان مدير وحدة العدالة الجنائية بمنظمة "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" في ذلك الوقت، حال دون اكتمال مشروع زواجه من جيسيكا، فيما ندد مسؤولون بريطانيون باعتقاله، واصفين الاتهامات ضده بـ"المزيفة".

وسُجن عنارة في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، ووضع في حبس انفرادي وأجبر على النوم على الأرض في زنزانة شديدة البرودة. وبعد حملة يائسة من جيسيكا، وضغوط كبيرة من الحكومة البريطانية، أُطلق سراحه.

اتهامات بـ"الإرهاب" تلاحق كريم عنارة

بعد عامين، يعيش عنارة نصف حياة، فقد جمدت الدولة أملاكه ومنعته من السفر إلى الخارج؛ إذ إن اتهامات الإرهاب تلاحقه دوماً، من بينها دعم "تنظيم إرهابي مجهول".

بدورها، قالت زوجته جيسيكا (34 عاماً) التي تعيش في لندن، لكنها كانت تزور عنارة في القاهرة منذ أيام: "إنني قلقة عليه". وأوضحت: "إنني قلقة عليه من وجوده وحيداً، وشعوره بالنسيان، وعدم امتلاك أي شيء أمامه في الأفق. إن هذا الأمر يسحقك".

يعد عنارة واحداً من ضحايا "القمع المرعب" الذي تنفذه الحكومة المصرية، التي تعد أحد أقرب حلفاء بريطانيا في الشرق الأوسط، والتي تتلقى مئات الملايين من الدولارات في صورة مساعدات من الدول الغربية، وقروضاً من المؤسسات المالية المانحة، وفق التايمز.

مخاطر من معاودة الاعتقال 

صحيفة التايمز أشارت إلى أن جيسيكا لا يمكنها البقاء في مصر بسبب ظروف عملها، وأن زوجها عنارة مضطر للبقاء، على ما يبدو، داخل المنزل، تحسباً من خطر اعتقاله مجدداً على يد قوى الأمن المنتشرة في الشوارع، والتي تحتجز الأشخاص بصورة مستمرة.

لكن حتى البقاء داخل المنزل لا يضمن الأمان له؛ فقد يدق جرس الباب في أي وقت، ليُصطحب عنارة، 38 عاماً، إلى السجن مرة أخرى. قال عنارة عبر الهاتف: "إنه خوف يسكن عقلي دائماً".

صورة تعبيرية لأحد السجون المصرية/رويترز
صورة تعبيرية لأحد السجون المصرية/رويترز

في المقابل، تأمل جيسيكا أن يجسد الاهتمام المُسلط على مصر، بسبب قمة المناخ المنتظرة، فرصةً للمسؤولين الغربيين من أجل الحديث عن قضية عنارة، ونشطاء حقوق الإنسان الآخرين المضطهدين، أمام المسؤولين المصريين، لكنها قالت إن هذا لم يحدث حتى الآن.

أوضحت: "يبدو أن مصر تقدم هذا الخيار الزائف بين حقوق الإنسان والمناخ، ويبدو أن المملكة المتحدة قد قالت: أجل، دعونا نتحدث عن المناخ، ليس عن موضوعات حقوق الإنسان. لذلك أظن أنه كانت ثمة فرصة كبيرة هناك، ولم تُستغل لسبب ما".

بريطانيا تتحرك في قضية كريم عنارة 

لا يحمل عنارة الجنسية البريطانية. لكن الحكومة البريطانية، حسبما يجادل جون كاسون، نائب السفير البريطاني لدى مصر سابقاً، تتحمل مسؤولية التحرك في قضيته. حيث اعتقلت السلطات عنارة واثنين من زملائه في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية؛ لأنه عقد اجتماعاً في عام 2020 مع دبلوماسيين أجانب في القاهرة، من بينهم نائب رئيس البعثة البريطانية.

وأوضح كاسون: "لقد أُخذوا رهينة سياسية، وإنهم أضرار جانبية في نوعية الخلاف الدائر بين الحكومة المصرية والحكومات الغربية"، مضيفاً أن المصريين بدوا راغبين في أن تتفهم الحكومة البريطانية وجود علاقة مباشرة بين هذا الاجتماع وبين اعتقال عنارة وزميليه.

تابع كاسون قائلاً: "إنها إهانة للدبلوماسيين المنخرطين في المسألة. في العامين الماضيين سمحنا للدولة الأمنية المصرية بتعطيل قدرتنا على التحرك بأي طريقة دبلوماسية اعتيادية. مع مرور كل شهر، وفي وجود حظر السفر، نؤكد للمصريين أنهم لا ينبغي لهم التعامل معنا بجدية؛ لأننا يمكن التخلص منا". 

في الوقت نفسه قال إن الدبلوماسيين صاروا جبناء في إطار محاولاتهم لإقامة علاقات مع الشركاء غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وصاروا مشغولين بأن تسير الأمور بسلاسة بدلاً من الحصول على نتائج.

تحميل المزيد