أدى الآلاف من أتباع الزعيم السياسي في العراق، مقتدى الصدر، صلاة الجمعة 12 أغسطس/آب 2022 خارج البرلمان قرب المنطقة الخضراء في العاصمة بغداد، فيما بدا استعراضاً لدعم رجل الدين الشيعي القوي الذي طالب القضاء العراقي بحل البرلمان بحلول نهاية الأسبوع المقبل.
في المقابل، وبعد ساعات من أداء أنصار الصدر صلاة الجمعة؛ تظاهر الآلاف من أنصار ما يُعرف بـ"الإطار التنسيقي"، وهو تحالف شيعي يضم أحزاباً شيعية على خلاف مع التيار الصدري، قرب إحدى بوابات المنطقة الخضراء ذاتها.
حشد ليوم الجمعة
تأتي حشود التيار الصدري والإطار التنسيقي استجابة لدعوات وجهها الطرفان لأنصارهما، الخميس، 11 أغسطس/آب، في إطار الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد على خلفية تعثر تشكيل الحكومة.
وقال الصدر في رسالته عبر حسابه على تويتر، "إننا وجماهير الإطار لا نختلف على وجود الفساد واستشرائه في البلاد، وإن اختلفنا مع قياداته في ذلك".
وشدد الصدر، على ضرورة أن تكون التظاهرات سلمية، وتحافظ على السلم الأهلي.
واحتشد الآلاف من أنصار الصدر خارج البرلمان؛ لإقامة صلاة الجمعة هناك. وكان معظمهم يرتدي ملابس سوداء للاحتفال بشهر محرم، فيما وضع آخرون أردية بيضاء على أكتافهم ترمز إلى الأكفان واستعدادهم للموت.
وقال إمام للمصلين، وهو يقف على منصة حمراء أقيمت خارج البرلمان، إن العراق لن يُنكسر ما دام الصدر موجوداً، وإنه لا عودة عن هذه الثورة، وإن الشعب لن يتنازل عن مطالبه.
وفي ظل حرارة الصيف القائظة، شق رجال طريقهم بين المصلين ورشُّوهم بالماء البارد. وحمل البعض صوراً للصدر ووالده، وهو أيضاً رجل دين بارز، كما حملوا الأعلام العراقية.
أنصار الإطار التنسيقي
على صعيد آخر، ذكرت وكالة الأنباء العراقية "واع"، أن أنصار الإطار التنسيقي بدؤوا، مساء الجمعة، بالتوافد قرب بوابة "الجسر المعلق" المؤدي للمنطقة الخضراء، استجابة لدعوة الإطار التنسيقي للمطالبة "بدعم الشرعية وحماية مؤسسات الدولة".
يأتي ذلك بعد ساعات قليلة على أداء أنصار "التيار الصدري" صلاة جمعة موحدة أمام المنطقة الخضراء، للمطالبة بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.
ومن المقرر أن تشهد العاصمة بغداد وبقية محافظات البلاد، مظاهرات أخرى لأنصار "التيار الصدري" للتأكيد على مطالب زعيم التيار، المتعلقة بإجراء الانتخابات المبكرة وحل البرلمان.
والخميس، دعا صالح محمد العراقي، المقرّب من زعيم التيار الصدري أنصار التيار في منشور له على صفحاته في شبكات التواصل الاجتماعي، إلى "التجمع غداً في كل المحافظات، عند الساعة 5 عصراً (2.00 تغ)".
وطالب صالح أنصار التيار "بالبقاء في أماكنهم وعدم مغادرتها حتى تلقي التعليمات"، مشيراً إلى أنه "سيتم خلال التظاهرات ملء الاستمارات القانونية لتقديمها للقضاء من أجل حلّ البرلمان".
والاستمارة المذكورة تتضمن لائحة دعوى قضائية يرفعها المعتصمون من أتباع التيار والنواب للجهات القضائية العراقية لحل البرلمان، حسب الأناضول.
أزمة سياسية في العراق
تمثل تظاهرات اليوم، ثاني تظاهرات يحشد لها "التيار الصدري" ومنافسه "الإطار التنسيقي" الشيعيين منذ اقتحام المنطقة الخضراء من قبل أتباع التيار الصدري في 30 يوليو/تموز الماضي، احتجاجاً على ترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء من قبل الإطار التنسيقي.
ومنذ نحو عشرة أشهر، تشهد عملية تشكيل الحكومة العراقية حالة من الانسداد السياسي، بسبب تمسك التيار الصدري ببرنامج الأغلبية الوطنية، بينما يحاول الإطار التنسيقي البقاء في حالة الأغلبية الشيعية وضمان حقوق "المكون الأكبر".
ومن جهة أخرى، يوجه معارضو الصدر اتهامات له بالفساد، ويقولون إن الموالين له يديرون بعض أكثر الإدارات الحكومية فساداً واختلالاً في العراق.
ومن المتوقع أن تنظم الجماعات السياسية المتحالفة مع إيران مظاهراتها الخاصة في وقت لاحق الجمعة، وهي الأحدث في سلسلة من الاحتجاجات والاحتجاجات المضادة في الأيام الماضية، أدت إلى مخاوف من حدوث اضطرابات.
ويقدر الصدر أنصاره بالملايين، وقد أظهر أنه لا يزال بإمكانه حشد تجمعات لمئات الآلاف من مؤيديه، معظمهم شيعة من الطبقة العاملة، إذا احتاج إلى ممارسة ضغوط سياسية.
وقُتل والده محمد صادق الصدر منذ أكثر من 20 عاماً بسبب معارضته الصريحة للرئيس آنذاك صدام حسين. وحين أطاح الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 بصدام، بدأ الصدر تمرداً ضد القوات الأمريكية.
ومع ذلك، فإن خصومه الجدد قادة شيعة آخرون وأحزاب متحالفة في الغالب مع إيران، إذ يقدم الصدر نفسه على أنه وطني يرفض التدخل الأجنبي. وهذه الجماعات، مثلها مثل الصدر، مدعومة بفصائل مسلحة، لكنها لا تملك نفس تأثير رجل الدين الشيعي على جموع أتباعه المتعصبين.