تواجه السلطات المصرية في محافظة الإسكندرية الساحلية التي تقع شمال البلاد سيلاً من الانتقادات، بسبب تنفيذ مشروع كوبري يرى بعض السكان والخبراء أنه يفتح الباب أمام مخاطر بيئية جسيمة ويتسبب في تدمير أجزاء من ساحل المدينة.
حيث يُبنى الكوبري الجديد، الذي يسمى كوبري السادات، في منطقة المنتزه شرق الإسكندرية. ويأتي المشروع في إطار مخطط أكبر لتيسير حركة المرور بالمنطقة، ويتضمن كذلك بناء نفق وكوبري مشاة، وفق تقرير نشره موقع Middle East Eye البريطاني يوم الإثنين 18 يوليو/تموز 2022.
التعدي على ساحل الإسكندرية
يتهم السكان المحليون مصممي الكوبري والقائمين على تنفيذه بالتعدي على ساحل الإسكندرية.
قال وائل إدريس، وهو موظف حكومي وأحد سكان منطقة المنتزه: "الكوبري يرقى إلى جريمة تُرتكب ضد الساحل بمدينتنا. الشاطئ في هذه المنطقة دُمِّر بالفعل وتحول إلى مجرد كتل خرسانية".
في المقابل يدافع مسؤولو محافظة الإسكندرية عن المشروع، واصفين إياه بأنه نتاج دراسة استغرقت سنوات. ويقولون إنه ضروري لإنهاء الازدحام المروري في الجانب الشرقي من الإسكندرية، لا سيما خلال فصل الصيف، عندما تكون المدينة وجهةً لعدد كبير من المصطافين حول البلاد.
إذ إنه وفي حديثه مع موقع Middle East Eye، قال اللواء محمد سحلول رئيس حى المنتزه: "هذه المشروعات ستكون إضافة رائعة إلى الطريق الساحلي بالإسكندرية"، وذلك في إشارة إلى طريق الكورنيش الذي يربط شرق المدينة وغربها.
كما رفض سحلول الاتهامات بأن السلطات سوف تحول هذا الجزء من الساحل إلى غابة خرسانية، وذكر أن المنطقة حول الكوبري وأسفله يمكن أن تتحول إلى ممشى يستمتع فيه المشاة بمشهد البحر.
في السياق ذاته رفض اللواء مهندس مختار حسين، رئيس جهاز تعمير الساحل الشمالي، التقارير التي تقول إن المشروع سوف يؤدي إلى إغلاق شاطئ البوريفاج من أجل تنفيذه.
لكن ومن أجل تنفيذ المشروع، اضطر الجهاز المركزي للتعمير، وهو الجهة التنفيذية التابعة لوزارة الإسكان، إلى إغلاق شاطئ البوريفاج، وهو أكبر وأشهر الشواطئ العامة في شرق الإسكندرية.
غرد أحد المعترضين على المشروع قائلاً: "بناء كوبري ونفق على شاطئ يتعدى مرحلة الجهل إلى استفزاز الشعب".
كما كتبت مغردة أخرى: "ليه يدمروا المنتزه رغم جمالها وما فيها من تراث وتاريخ؟! جهل يصل للتآمر".
تدمير الشواطئ العامة
قال الدكتور محمد إبراهيم جبر، أستاذ التخطيط العمراني بجامعة عين شمس، إن إنهاء الازدحام المروري بالمنطقة كان من الممكن تحقيقه بدون التعدي على الساحل في المنتزه وتدمير أحد الشواطئ العامة الأكثر استخداماً بالمنطقة.
أضاف: "كان من الواجب أن يشارك السكان المحليون في اقتراح الحلول لمشكلة المرور بالمنطقة".
أوضح جابر أن الحكومة كان ينبغي لها بدلاً من ذلك إجراء دراسات حول الأنشطة التجارية التي تسبب الازدحام بالمنطقة، والنظر في نقلها وتعويض مُلاكها.
في سياق موازٍ تسبب المشروع في إثارة شواغل بيئية قبل قمة المناخ كوب 27، التي تنظمها الأمم المتحدة وتستضيفها مدينة شرم الشيخ المصرية في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
أعرب الدكتور مجدي علام، أمين عام المنتدى المصري للتنمية المستدامة، عن مخاوفه من الآثار البيئية للمشروعات الجديدة، لا سيما نظراً إلى أن الكوبري يتعدى على الساحل.
آثار سلبية على الحياة البحرية
قال علام في حديثه مع موقع Middle East Eye: "الكوبري بأعمدته الخرسانية يمكن أن يحمل آثاراً سلبية على الحياة البحرية في المنطقة". وتابع: "عوادم السيارات التي تستخدم هذا الكوبري سوف تفاقم هذه الآثار".
كما أوضح أن مثل هذه المشروعات لا يجب تنفيذها بالقرب من ساحل الإسكندرية. وأضاف: "من أجل هذا يجب على الهيئات المهتمة بحماية البيئة أن تتحرك لمنع هذه المشروعات".
يذكر أن مدينة الإسكندرية الآن تعد وجهة مفضلة لأبناء الطبقات المتوسطة والطبقات الأفقر من المصريين، ويسافر مئات الآلاف إلى المدينة خلال الصيف، بين شهري يونيو/حزيران وأكتوبر/تشرين الأول، للهروب من الطقس الحار في المناطق الجنوبية أو البعيدة عن الساحل.
كما يعد الجزء الشرقي من المدينة على وجه الخصوص مصدر جذب لهؤلاء المصطافين؛ نظراً إلى أن ثلثي الشواطئ المجانية تقريباً تقع هناك.
ازدحام مروري
بالنظر إلى الازدحام المروري الناتج عن هذا، يرى بعض السكان أن المشاريع الجديدة تشكل حلولاً جيدة لمشكلات المرور.
في حديثه مع موقع Middle East Eye، قال أحد السكان ويدعى وليد كشك: "هذه المشروعات سوف تكون حلولاً مثالية لمشكلات المرور والازدحام في هذه المنطقة، التي صارت لا تطاق في فصل الصيف. لا يمكن لأحدٍ تخيل معاناة الأشخاص في الذهاب إلى عملهم والعودة منه عبر شرق الإسكندرية خلال الصيف، بسبب الازدحام المروري".
في السياق ذاته قال أحد سكان الإسكندرية إن غالبية سائقي السيارات الراغبين في الخروج من المنتزه، أو بعض مناطق الإسكندرية الأخرى ومن ضمنها المندرة، ومتابعة طريقهم في الطريق الساحلي (الكورنيش)، كانوا يواجهون تقاطع هذا الطريق مع شارع 45، مما يتسبب في ازدحام مروري شديد.
كما أوضح في سلسلة تغريدات تشرح الوضع بالنسبة للمنطقة، أن إحدى المحاولات السابقة لحل مشكلة الازدحام المروري تمثلت في وقوف ضابط لتنظيم المرور، ولكن عندما فشل ضباط المرور في تنظيم الحركة المرورية بهذه المنطقة "تم غلقها".