يحدو الأمل اليمنيين في مختلف أنحاء اليمن، منذ الثاني من أبريل/نيسان الماضي، حين وقعت الأطراف المتحاربة في البلاد على هدنة لوقف إطلاق النار لمدة شهرين تحت رعاية الأمم المتحدة.
المواطن اليمني "أحمد" اعتاد أن يقطع المسافة من وسط مدينة تعز إلى منطقة الحوبان القريبة في نحو 10 دقائق بالسيارة، قبل أن تندلع الحرب في اليمن أواخر عام 2014، في حديث مع موقع Middle East Eye البريطاني.
وبحلول عام 2015، أُغلِقَ الطريق الرئيسي المؤدي إلى خارج المدينة، وأصبحت المسافة تستغرق الآن خمس ساعات بالسيارة مروراً بالممرات الجبلية الوعرة.
إذ قال أحمد، الذي رفض الكشف عن اسمه بالكامل، لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني: "أستطيع رؤية منزلي من مدينة تعز، لكنني لا أستطيع الوصول إليه، لأن الطريق مغلق. وإذا أردت زيارة عائلة، فيجب أن أسافر لمدة خمس ساعات بين الجبال".
ويعيش أحمد في منطقة الحوبان التي تُعدُّ جزءاً من محافظة تعز، لكنه يعمل في مطعمٍ بمدينة تعز.
ولم يستطع أحمد تحمل تكلفة استئجار غرفة في المدينة بعد إغلاق الطريق الرئيسي، لذا ينام في المطعم مع زملائه من العاملين. ويحصل على إجازةٍ كل أسبوعين لاجتياز الطريق الجبلية عائداً من المدينة لرؤية عائلته.
الهدنة مستمرة (حتى الآن)
تعتبر هذه أول هدنة يجري الاتفاق عليها منذ عام 2016، وما تزال مستمرةً حتى الآن.
إذ اتفقت الأطراف على وقف جميع العمليات العسكرية الهجومية جواً، وبراً، وبحراً داخل اليمن وبطول حدودها.
إضافة إلى السماح لناقلات النفط بدخول ميناء الحديدة، وعودة الرحلات التجارية في مطار صنعاء من وإلى وجهات محددة بالمنطقة.
وتضمنت الاتفاقية كذلك عقد اجتماعٍ برعاية المبعوث الأممي لليمن؛ من أجل تنسيق فتح الطرق في تعز وغيرها من المحافظات بطول اليمن.
وقد استمر وقف إطلاق النار بشكلٍ كبير منذ بدء الهدنة، ولم تشهد البلاد شنّ أي غارات جوية أو إطلاق أي صواريخ داخل حدودها.
كما بدأت ناقلات النفط في الوصول إلى ميناء الحديدة بانتظام، مع افتتاح مطار صنعاء للرحلات التجارية في الـ16 من مايو/أيار.
وقال أحمد: "جعلتني الهدنة متفائلاً بإعادة فتح الطريق إلى مدينة تعز".
"السلام مطلبنا"
تحدث معاذ جابر، أحد سكان صنعاء، عن السلام أيضاً.
إذ قال للموقع البريطاني: "السلام هو مطلب جميع اليمنيين، ولا أحد يريد الحرب. وإذا تحقق السلام، فستأتي الأشياء الأخرى تباعاً. ونشعر بالأثر الكبير لهذه الهدنة بكل صدق، إذ لم نسمع أصوات طائراتٍ تحلق فوق رؤوسنا منذ اليوم الأول للهدنة، مما يعني بداية السلام".
وأكد جابر أن نهاية أزمة الوقود لعبت دوراً كبيراً في تقليل نفقات النقل، والكهرباء، وغيرها من السلع الأساسية.
وأقر جابر بأن المشكلات ما تزال قائمة. إذ لا يتقاضى موظفو القطاع العام أجورهم، وما تزال بعض الخدمات الأساسية غير متوافرة. لكنه وصف الوضع الآن بأنه أفضل مما كان عليه خلال الأشهر التي سبقت الهدنة.
وأردف: "لم أستطع كتم دموع الفرحة حين شاهدت أول رحلةٍ تصل إلى مطار صنعاء. إذ تذكرنا إعادة فتح المطار بالحياة الطبيعية. إنها من علامات السلام".
ويُدرك جابر جيداً أن الهدنة ستنتهي في الثاني من يونيو/حزيران، لكنه يأمل أن تتوافق الأطراف المتحاربة على تمديدها واتخاذ خطوات إضافية من أجل إنهاء الحرب.
بينما قال مراد عبدالحكيم (29 عاماً)، أحد سكان تعز، للموقع البريطاني: "نحن سعداء بفتح مطار صنعاء لاستقبال الرحلات التجارية مرةً أخرى، وسنكون سعداء أكثر في حال فتح الطرق المؤدية إلى تعز أيضاً حتى نتمكن من السفر لزيارة عائلاتنا وأقاربنا في صنعاء وغيرها من المحافظات".
أملٌ في الزيارات العائلية
قال عبد الحكيم إن مستشفيات تعز ليس جيدة، مما يضطر المرضى للسفر إلى صنعاء من أجل الحصول على رعايةٍ صحية أفضل. لكن هذا الخيار لم يعد متاحاً بسبب صعوبة الرحلة.
لكن جماعة الحوثي أعلنت يوم الأحد 22 مايو/أيار، أنها اختارت ممثلين عنها للجنةٍ مشتركة ستعمل على إعادة فتح الطرق في تعز والمحافظات الأخرى.
ويأمل أحمد، في النهاية، أن تنتهي أيام الشقاء في رحلاته التي تستمر لخمس ساعات بين الجبال من أجل العودة لمنزله.