وافق مجلس الشيوخ الأمريكي بالأغلبية، الخميس 10 مارس/آذار 2022، على مبيعات عسكرية لمصر بقيمة 2.2 مليار دولار، تتضمن بيع طائرات من طراز سي-130 سوبر هيركليز، و"تشمل معدات دعم وقطع غيار ودعماً فنياً"، حسب وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون".
وأقرّت الصفقة بموجب 81 صوتاً من مجلس الشيوخ مقابل 18 رفضوا الصفقة وحاولوا منعها بسبب "مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان".
تحذيرات سابقة
المخاوف ذاتها ترددت على لسان إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في يناير/كانون الثاني الماضي، حيث أوضحت أنها ستحجب مساعدات عسكرية بقيمة 130 مليون دولار أو ما يعادل 10% من المخصصات الكلية لمصر "ما لم تعالج المخاوف الأمريكية المتعلقة بحقوق الإنسان في مصر".
وكانت الدفاع الأمريكية "البنتاغون" أعلنت في 25 يناير/كانون الماضي أن الخارجية الأمريكية وافقت على صفقة محتملة لبيع رادارات الدفاع الجوي وطائرات سي-130 سوبر هيركليز لمصر بقيمة إجمالية تزيد على 2.5 مليار دولار.
لكن الخارجية الأمريكية في 28 من الشهر ذاته، كشفت من جديد عن إقرار الرئيس جو بايدن لمنع 130 مليون دولار من المساعدات العسكرية المخصصة لمصر، بسبب ما وصفته بعدم امتثال السلطات المصرية لشروط حقوق الإنسان التي وضعتها وزارة الخارجية الأمريكية.
الأمر الذي يعني أن الصفقة التي أقرت أخيراً بموافقة مجلس الشيوخ الأمريكي، استثنت بيع رادارات الدفاع الجوي من الصفقة الإجمالية أي ما يقدّر بنسبة 10% من مجملها.
محاولات لمنع الصفقة
بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي حاولوا منع الصفقة وعدم حصولها على ضوء أخضر من المجلس، بمن فيهم أعضاء في الحزب الجمهوري مثل السيناتور راند بول، الذي انضم إلى الأعضاء الرافضين وجلّهم من الديمقراطيين.
السيناتور "بول" ذاته أدان سياسة الرئيس الأمريكي بايدن بسبب هذه الصفقة حسب موقع "Politico" الأمريكي، واعتبر أن "بايدن بينما يؤكد على حقوق الإنسان في السياسة الخارجية الأمريكية فإنه في الوقت ذاته يوافق على تسليح مصر".
وقلل السيناتور بول من حجب بلاده نحو 10% من الصفقة المذكورة مع مصر، واصفاً ذلك بـ"الصفعة"، والقادة في مصر بـ"المجرمين"، مشدداً على ضرورة وقف المبيعات العسكرية لهم.
المعارضون لهذه الصفقة العسكرية "الضخمة" مع مصر يرون أن من الضروري عدم بيع الشركات الأمريكية أسلحة للدول التي لها سجل سيئ في حقوق الإنسان.
ولا يبدو أن معارضة مثل هذه الصفقات مقتصر على الولايات المتحدة فحسب، فوزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، صرحت في فبراير/شباط الماضي، خلال لقائها مع نظيرها المصري سامح شكري في مصر، أن تصدير الأسلحة الألمانية إلى مصر "مرتبط بتحسين أوضاع حقوق الإنسان".
وأكدت الوزيرة الألماني لشكري في ذلك الحين أنه "لن يكون هناك استثناءات "للسياسة التقييدية" لصادرات الأسلحة الألمانية إلا في حالات فردية مُبررة، وعقب مراجعة دقيقة، وأوضحت أن أوضاع حقوق الإنسان سيكون لها دور مهم في هذا الشأن، حسب "دويتشه فيله" الألماني.
علاقات "وثيقة واستراتيجية"
يشار إلى أن مصر تتمتع بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية، كما تعتبر من ضمن حلفائها الرئيسيين خارج "الناتو"، وعادة ما توصف العلاقات الأمريكية-المصرية بـ"الوثيقة والاستراتيجية" لا سيما على الصعيد العسكري، حيث تقدم واشنطن لمصر نحو 1.5 مليار دولار مساعدات سنوية، بينها 1.3 مليار مساعدات عسكرية، منذ توقيع مصر معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979.
ومع ذلك فعادة ما تتعرض المساعدات الاقتصادية الأمريكية لمصر إلى التخفيض، كما حدث عام 1999، حين تم الاتفاق على تخفيضها من نحو 800 مليون دولار إلى نحو 400 مليون، ثم أصبحت منذ عام 2009 قرابة 250 مليون دولار فقط، دون تغيير في الشق العسكري، لتبقى نحو 1.5 مليار دولار مساعدات سنوية.
كذلك عقب الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي في يوليو/تموز 2013، جمدت واشنطن جزءاً من مساعداتها العسكرية المقدمة لمصر، قبل أن تتراجع عن القرار أوائل عام 2014.
أما في أغسطس/آب 2017، فقد أعلنت الإدارة الأمريكية تأجيل صرف 195 مليون دولار إلى مصر؛ "لعدم إحرازها تقدماً على صعيد حقوق الإنسان والمعايير الديمقراطية"، وهو ما وصفته الخارجية المصرية بـ"الحكم غير العادل"، لكن واشنطن تراجعت عن ذلك وأفرجت عن تلك المساعدات مطلع 2018 الماضي.