قالت وكالة أسوشيتد برس الإخبارية الأمريكية، في تقرير نشرته الجمعة 11 فبراير/شباط 2022، إن السلطات العسكرية الحاكمة في السودان تُمعن في عمليات القمع واعتقال النشطاء في ظل استمرار الاحتجاجات المطالبة بالحكم المدني.
إذ ذكر التقرير قصة ناشطة حقوقية سودانية معاقة تدعى أميرة عثمان، التي اعتُقلت بينما كانت "تستعد للنوم قبل بضع دقائق من منتصف الليل"، حيث "اقتحم حوالي 30 شرطياً منزلها في الخرطوم، في شهر يناير/كانون الثاني 2022".
الأمن يقتحم منزل ناشطة سودانية
حسب التقرير الأمريكي، فقد قرع الرجال، وكثير منهم في ثياب مدنية ومسلحون ببنادق الكلاشينكوف والمسدسات والهراوات، باب حمامها متجاهلين مناشدات والدتها بالسماح لها على الأقل بارتداء ملابسها قبل أن يأخذوها بعيداً.
فيما قالت أماني، شقيقة أميرة، ومحامية حقوقية: "كأنهم يخوضون معركة أو يطاردون إرهابياً خطيراً، وليس امرأة معاقة".
فيما سبق أن سُجنت أميرة، التي تستخدم عكازين منذ حادث في 2017، مرتين في عهد الرئيس السوداني السابق عمر البشير، لانتهاكها القوانين الصارمة التي تحكم سلوك المرأة ولباسها، ولكن هذه المرة، تم اعتقالها لتحدثها علناً ضد الحكم العسكري، بحسب الوكالة.
استهداف الناشطين السودانيين
لكن مع اعتقالها في 22 يناير/كانون الثاني 2022، انضمت أميرة إلى مئات النشطاء وقادة الاحتجاج "المستهدفين"، منذ الاستيلاء العسكري على السلطة الذي أطاح في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بالحكومة الانتقالية.
في السياق ذاته، ازدادت الاعتقالات في الأسابيع الأخيرة، مع انزلاق السودان نحو مزيد من الاضطرابات وسط احتجاجات شبه يومية في الشوارع، مما أثار مخاوف من عودة شاملة لأساليب البشير القمعية.
حيث قلب استيلاء الجيش على السلطة انتقال السودان إلى الحكم الديمقراطي، رأساً على عقب، بعد ثلاثة عقود من العزلة الدولية في عهد البشير، الذي أطيح به من السلطة عام 2019 بعد انتفاضة شعبية.
من جانبه، يقول كاميرون هدسون، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، والخبير في الشأن السوداني بمركز إفريقيا التابع للمجلس الأطلسي، إن "الجيش يقول للدبلوماسيين الدوليين إنه مهتم بالحوار السياسي وإحداث إصلاح جوهري في الدولة".
كما يضيف هدسون أنه في الواقع "لا يفعل شيئاً"، وفي المقابل يسعى "للحفاظ على الوضع الراهن، وتقويض الجهود الرامية إلى الإطاحة به".
إطلاق النار على المتظاهرين
إلى ذلك فقد شنَّت القوات الأمنية "حملة قمع مميتة" على المتظاهرين. وأطلق عناصر من قوات الأمن الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع على الحشود في الشوارع، وتم إيقاف شبكة الإنترنت والهاتف المحمول، في محاولة لمنع المحتجين من التجمع.
حيث قُتل حوالي 80 شخصاً، معظمهم من الشباب، وأصيب أكثر من 2200 آخرين في الاحتجاجات، وفقاً لمجموعة طبية سودانية (لجنة أطباء السودان المركزية).
كما اتهم عناصر من قوات الأمن السودانية باستخدام العنف الجنسي ضد النساء المشاركات في المظاهرات. وقال مجلس السيادة الحاكم، الذي يقوده الجيش، إن تحقيقاً بدأ في مزاعم تتعلق بالاغتصاب الفردي والاغتصاب الجماعي في 19 ديسمبر/كانون الأول 2021، بعد أن دعت الأمم المتحدة إلى كشف ملابسات هذه الجرائم.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تتهم فيها قوات الأمن باستخدام الاغتصاب، فقد حدثت مثل هذه الاعتداءات في عهد البشير، وأيضاً تحت حكم الجيش خلال الفترة الانتقالية.
فيما عبَّرت مجموعة دول تشمل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج، إلى جانب الاتحاد الأوروبي وكندا وسويسرا، عن قلقها من هذا الوضع، وحثت على إطلاق سراح "جميع المعتقلين ظُلماً".
حيث قالت المجموعة، في بيان أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية: "نذكر السلطات العسكرية السودانية بالتزاماتها باحترام حقوق الإنسان وضمان سلامة المحتجزين أو المعتقلين وضرورة ضمان اتباع الإجراءات القانونية الواجبة باستمرار في جميع الحالات".
إدانة دولية لاعتقال ناشطة معاقة
في حين قوبل اعتقال أميرة بـ"إدانة وقلق" دوليين. وتم إطلاق سراحها الأحد الماضي.
حيث إنه ولمدة أسبوع تقريباً بعد الاعتقال، لم يعرف أقاربها مكان احتجازها. بعد ذلك، تلقت العائلة مكالمة هاتفية تطلب منهم إرسال ملابس إلى سجن في أم درمان، المدينة التوأم للخرطوم، وفقاً لشقيقتها.
يُذكر أنه في يوم الخميس 10 فبراير/شباط 2022 أطلقت قوات الأمن السودانية الغاز المسيل للدموع لتفريق محتجين حاولوا الوصول إلى القصر الرئاسي ضمن مظاهرات في أنحاء البلاد.
حيث خرج مئات المحتجين، الخميس، عن المسارات المقررة سلفاً في محاولة جديدة للوصول للقصر الرئاسي، لكن قوات الأمن تصدت لهم بالغاز المسيل للدموع وبوجود مكثف في منطقة تبعد أكثر قليلاً عن كيلومتر من القصر.