أعلنت السلطات السودانية إغلاق معظم جسور العاصمة الخرطوم، اعتباراً من منتصف ليل السبت/الأحد 18 و19 ديسمبر/كانون الأول 2021، وذلك قبيل ساعات من انطلاق مظاهرات "حاشدة" مرتقبة، للمطالبة بالحكم المدني الكامل.
كانت "لجان المقاومة" و"تجمُّع المهنيين" وقوى سياسية أخرى دعت إلى مظاهرات حاشدة الأحد، بالخرطوم ومدن البلاد؛ رفضاً للاتفاق السياسي الموقع بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
جاءت الدعوة عشية ذكرى انطلاق ثورة 19 ديسمبر/كانون الأول 2018 حين اندلعت احتجاجات عمّت المدن والأحياء في أرجاء السودان، حتى عزلت قيادة الجيش رئيس البلاد عمر البشير في 11 أبريل/نيسان 2019 .
فيما نقل التلفزيون الرسمي عن لجنة أمن ولاية الخرطوم، إعلانها إغلاق معظم الجسور بالولاية (عددها الإجمالي 10)، اعتباراً من منتصف ليل السبت/ الأحد.
بينما استثنى قرار الإغلاق جسري "الحلفايا" و"سوبا" في ضواحي المدينة، بحسب المصدر ذاته.
يشار إلى أنه في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقَّع البرهان وحمدوك اتفاقاً سياسياً يتضمن عودة الأخير لمنصبه، وتشكيل حكومة كفاءات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتعهد الطرفين بالعمل معاً لاستكمال المسار الديمقراطي.
إلا أن قوى سياسية ومدنية عبرت عن رفضها للاتفاق باعتباره "محاولة لشرعنة الانقلاب"، متعهدة بمواصلة الاحتجاجات حتى تحقيق الحكم المدني الكامل.
"استقرار السودان في خطر"
من جهته، قال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، السبت، إن استقرار السودان ووحدته في خطر، داعياً إلى "التوافق على ميثاق سياسي"؛ لحماية مستقبل البلاد.
حمدوك أضاف: "نواجه اليوم تراجعاً كبيراً في مسيرة ثورتنا، يهدد أمن البلاد ووحدتها واستقرارها، وينذر ببداية الانزلاق نحو هاوية لا تُبقي لنا وطناً ولا ثورة".
في حين اعترف حمدوك بفشل محاولات الوساطة السابقة، مضيفاً: "مبلغ الأسف أن هذه المبادرات جميعها قد تعثرت بفعل التمترس وراء المواقف والرؤى المتباينة للقوى المختلفة".
كما استطرد قائلاً: "أود في هذه السانحة أن أجدد دعوتي لكافة قوى الثورة وكل المؤمنين بالتحول المدني الديمقراطي إلى ضرورة التوافق على ميثاق سياسي يعالج نواقص الماضي وينجز ما تبقى من أهداف الثورة".
كان شهود عيان قد أكدوا أن الغاز المسيل للدموع أُطلق على آلاف من أنصار تحالف الحرية والتغيير السودانية المعارض الذين تجمعوا في العاصمة الخرطوم، الجمعة، دون أن يتضح مصدره.
أزمة حادة
يأتي ذلك بينما يعاني السودان في خضم أزمة اقتصادية طاحنة، ولم تبزغ بعض المؤشرات الإيجابية، إلا مع بدء تدفُّق الأموال من صندوق النقد والبنك الدوليين ودول غربية، والتي تم تعليق معظمها بعد الإجراءات الأخيرة.
منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يعاني السودان أزمة حادة، إذ أعلن البرهان حالة الطوارئ وحلّ مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعفاء الولاة، عقب اعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين، مقابل احتجاجات مستمرة ترفض هذه الإجراءات، باعتبارها "انقلاباً عسكرياً".
مقابل اتهامه بتنفيذ "انقلاب عسكري"، يقول البرهان إن الجيش ملتزم باستكمال عملية الانتقال الديمقراطي، وإنه اتخذ إجراءاته الأخيرة؛ لحماية البلاد من "خطر حقيقي"، متهماً قوى سياسية بـ"التحريض على الفوضى".
قبل تلك الإجراءات كان السودان يعيش منذ 21 أغسطس/آب 2019، فترة انتقالية تستمر بموجب "الوثيقة الدستورية" 53 شهراً، تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية، وحركات مسلحة وقّعت مع الحكومة اتفاق سلام في 2020.