أعلن تجمع المهنيين السودانيين، الأحد 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، رفضه التام للاتفاق السياسي الذي تم توقيعه بين القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، واصفاً إياه بأنه "خيانة" و"محاولة لشرعنة الانقلاب".
حيث قال التجمع (قائد الحراك الاحتجاجي بالبلاد)، في بيان، إن "اتفاق الخيانة الموقع اليوم بين حمدوك والبرهان مرفوض جملةً وتفصيلاً، ولا يخص سوى أطرافه، فهو مجرد محاولة باطلة لشرعنة الانقلاب الأخير وسلطة المجلس العسكري، وانتحار سياسي لعبد الله حمدوك".
البيان أضاف: "نقاط اتفاق الخنوع، على علاتها وانزاوئها بعيداً دون تطلعات شعبنا، فإنها لا تعدو كونها حبراً على ورق".
"إعادة تمكين الفلول"
فيما اعتبر البيان أن "هذا الاتفاق الغادر هو تلبية لأهداف الانقلابيين المعلنة في إعادة تمكين الفلول وتأبيد سلطة لجنة البشير الأمنية القاتلة، وخيانة لدماء شهداء ثورة ديسمبر قبل وبعد انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يقيننا أن شعبنا سيبطله وسيواصل وقوفه الصامد، بوجه عواصف القمع والانتكاس التي تحاول إعادته للوراء، منصوب الشراع".
في حين أعرب تجمع المهنيين عن التزامه الثابت بمقترح الإعلان السياسي المطروح من قبله، داعياً قوى الثورة إلى "إعادة قراءته نظراً للتطورات الأخيرة في البلاد؛ فثورة شعبنا ليست رهناً لأفراد، وعلى قواها الحيّة الملتزمة بلاءاتها المعلنة أن ترفع وتوسِّع من أشكال تنسيقها وأن تتجاهل دعوات الانكفاء وعزل قوى الثورة عن بعضها، فالنصر معقود بلواء تكاتف وتكامل قوى الثورة الظافرة، وهو آتٍ دون ريب".
أيضاً قال التجمع: "ستظل وقفتنا بخط النار رائعة طويلة، وسنعلِّم التاريخ ما معنى الصمود وما البطولة".
من جهتها أكدت هيئة محامي دارفور (مستقلة)، في بيان، إن "الوثيقة الدستورية (الموقعة عام 2019) معيبة ولن تصلح لتأسيس دستوري سليم".
الهيئة أردفت:" بموجب ذات الوثيقة الدستورية المعيبة، والتي بموجبها تم تعيين حمدوك رئيساً للوزراء، فإن القوى التي أتت به هي من تمثل الطرف الآخر في الوثيقة الدستورية المعيبة".
تابعت الهيئة: "بالتالي لا يجوز لعبد الله حمدوك إبرام أي اتفاق أو إعلان سياسي نيابة عن القوى المذكورة في الوثيقة الدستورية المعيبة أو عن الثورة والثوار".
رفض متزايد
كانت "قوى الحرية والتغيير" في السودان قد أعلنت أنها "غير معنية" بالاتفاق بين البرهان وحمدوك، مؤكدة أنه "لا تفاوض ولا شراكة ولا شرعية للانقلابيين".
بدورها، أعلنت "لجان مقاومة" أحياء الخرطوم (شعبية)، رفضها لكل "أشكال المساومة على دم الشهيدات والشهداء"، وأضافت في بيان: "عهدنا مع الشارع هو عدم العودة للوراء. عهدنا مع الشهداء الذين تبرعوا من أوردتهم من أجل هذا الوطن الكبير بألا نساوم على أرواحهم الطاهرة التي حُصدت ببنادق قوات الاحتلال".
اتفاق البرهان وحمدوك
في وقت سابق من يوم الأحد، وقع البرهان اتفاقاً سياسياً مع حمدوك؛ بهدف إنهاء الأزمة التي تمر بها البلاد منذ نحو شهر، وذلك في أعقاب ضغوط دولية مكثفة ومظاهرات متواصلة تطالب بالحكم المدني.
حضرت مراسم توقيع الاتفاق قيادات عسكرية وسياسية، وهو يتضمن 14 بنداً، أبرزها إلغاء قرار إعفاء حمدوك من رئاسة الحكومة الانتقالية.
كما يتضمن الاتفاق إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وتعهد الطرفين بالعمل سوياً لاستكمال المسار الديمقراطي.
الاتفاق ينص أيضاً على أن يشرف مجلس السيادة الانتقالي على تنفيذ مهام الفترة الانتقالية دون تدخل في العمل التنفيذي، وبناء جيش قومي موحد، وتنفيذ اتفاق السلام لعام 2020.
تضمن الاتفاق كذلك إعادة هيكلة لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد، وبدء حوار موسع وشفاف بين كافة القوى السياسية والمجتمعية وقوى الثورة، بما يؤسس لقيام المؤتمر الدستوري، والإسراع في استكمال جميع هياكل مؤسسات الحكم الانتقالي، بتكوين المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية وتعيين رئيس القضاء والنائب العام.
عقب توقيع هذا الاتفاق، قال البرهان إن حمدوك محل ثقة، و"موقفنا اليوم للدفاع عن ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018، وهذا الاتفاق هو التأسيس الحقيقي للمرحلة الانتقالية".
أحداث ساخنة في السودان
منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي يعاني السودان أزمة حادة، إذ أعلن البرهان حالة الطوارئ وحلّ مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعفاء الولاة، عقب اعتقال قيادات حزبية ووزراء ومسؤولين، مقابل احتجاجات مستمرة ترفض هذه الإجراءات، باعتبارها "انقلاباً عسكرياً".
مقابل اتهامه بتنفيذ "انقلاب عسكري"، يقول البرهان إن الجيش ملتزم باستكمال عملية الانتقال الديمقراطي، وإنه اتخذ إجراءاته الأخيرة؛ لحماية البلاد من "خطر حقيقي"، متهماً قوى سياسية بـ"التحريض على الفوضى".
فيما أصدر البرهان، الخميس 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، مرسوماً بتشكيل مجلس السيادة الانتقالي الجديد برئاسته، وتعيين محمد حمدان دقلو "حميدتي" نائباً له.
قبل تلك الإجراءات كان السودان يعيش منذ 21 أغسطس/آب 2019، فترة انتقالية تستمر بموجب "الوثيقة الدستورية" 53 شهراً، تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية، وحركات مسلحة وقّعت مع الحكومة اتفاق سلام في 2020.