رجلا أعمال ونائب برلماني، هؤلاء هم اللبنانيون الثلاثة الذين طالتهم العقوبات الأمريكية الجديدة، أحدهما من تيار المستقبل السنّي، والثاني من المقربين من رئيس التيار الوطني الحر، بينما الثالث محسوب على حزب الله.
وكان مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأمريكية أعلن عن فرضه عقوبات على النائب في البرلمان اللبناني جميل السيّد ورجلي الأعمال اللبنانيين جهاد العرب وداني خوري، على اعتبار أنّ أفعالهم ساهمت في انهيار نظام الحكم الرشيد وسيادة القانون في لبنان.
ولفت المكتب في بيان صادر عنه إلى أنّ الشخصيات الثلاثة استفادوا من تفشي الفساد والمحسوبية، فأغنوا أنفسهم على حساب اللبنانيين ومؤسسات الدولة، وتم إدارج أسمائهم على لوائح العقوبات بموجب القرار التنفيذي رقم 13441 الذي يستهدف الأشخاص الذين يساهمون في انهيار سيادة القانون في لبنان.
وقالت مديرة مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، أندريا غاكي، إنّ "الشعب اللبناني يستحق وضع حد للفساد المتجذّر الذي كرسّه رجال أعمال وسياسيون وقادوا بلادهم إلى هذه الأزمة غير المسبوقة".
وأضافت أنه حان الوقت الآن لتطبيق الإصلاحات الاقتصادية الضرورية ووضع حد لممارسات الفساد التي تقوّض أسس لبنان، مؤكدة على أنّ وزارة الخزانة لن تتردّد في استخدام أدواتها لمعالجة الإفلات من العقاب في لبنان.
فيما يؤكد مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية، أن العقوبات الأخيرة التي فُرضت على النائب جميل السيد ورجلي الأعمال جهاد العرب وداني خوري، خطوة مهمة لتعزيز المساءلة في لبنان، لافتاً إلى أن هذه العقوبات تهدف لتجفيف منابع تمويل هؤلاء الأشخاص الفاسدين، كما أكد وقوف بلاده إلى جانب الشعب اللبناني لتشكيل حكومة شفافة ولمعاقبة المسؤولين الفاسدين، مشدداً على "استهداف الفساد بغض النظر عن الانتماء السياسي والمذهبي".
ووفقاً لمصادر دبلوماسية غربية أكدت لـ"عربي بوست" أن القرار الصادر اليوم يهدف إلى محاسبة النخبة السياسية ورجال الأعمال في لبنان الذين استفادوا من المناقصات غير السليمة للعقود المتضخمة ومن ثقافة المحسوبية المنتشرة التي تقوّض مؤسسات لبنان وسيادة القانون والاستقرار الاقتصادي.
كما يؤكد القرار على دعم الولايات المتحدة اللبنانيين في مطالبتهم بإرساء الشفافية والمساءلة.
من هو رجل الأعمال جهاد العرب؟
جهاد العرب، هو رجل أعمال ثري من الطائفة السنية، بسبب علاقاته السياسية الوثيقة، حصل على عقود عامة مقابل دفع رشوة لمسؤولين حكوميين.
في عام 2018، فازت شركة العرب التابعة له بعقد قيمته 18 مليون دولار لإعادة تأهيل جسر في بيروت، فخرجت مخاوف وتساؤلات مسؤولين في بلدية بيروت حول تكلفة المشروع والأمور المتعلقة بالسلامة، لكن تم تخطّي كل ذلك نتيجة علاقة العرب برئيس الحكومة السابق سعد الحريري.
في نهاية العام 2016، حصل العرب على عقد بقيمة 288 مليون دولار من مجلس الإنماء والإعمار التابع لرئيس الحكومة مباشرة لبناء مكب نفايات بعد غرق شوارع بيروت بالنفايات. إلا أنّ وضع النفايات ظلّ في الأزمة على حاله حتى عام 2019.
ووفقاً للمصادر الدبلوماسية الغربية، فإن العرب جزء من المجموعة المحيطة بالحريري والتي ساهمت بالتسوية الرئاسية التي أتت بحليف حزب الله الجنرال ميشال عون رئيساً للجمهورية وسعد الحريري رئيساً للحكومة.
وبحسب المصادر فإن العرب كان جزءاً من جلسات جرى خلالها توزيع الصفقات بين رجال أعمال محسوبين على تيار المستقبل وآخرين على التيار الوطني الحر كرجل الأعمال المصري علاء الخواجة، والمتهمين في ملف النفط المغشوش المشغل للكهرباء تيدي وريمون رحمة.
من هو داني خوري؟
فيما داني خوري، هو رجل أعمال ثري. ويؤكد مصدر مطلع لـ"عربي بوست" أن خوري شريك تجاري مقرب من رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل المدرج اسمه على لوائح العقوبات الأمريكية.
وبسبب علاقته الوثيقة مع باسيل، حصل خوري على عقود عامة كبيرة جنى من خلالها ملايين الدولارات، بينما فشل في الوفاء بشروط تلك العقود وفق ما يطلق عليه دفتر الشروط المتفق عليه بين الدولة اللبنانية والشركات المنفذة.
وفي العام 2016، حصل خوري على عقد بقيمة 142 مليون دولار من مجلس الإنماء والإعمار لتشغيل مطمر برج حمود.
اتُهم خوري وشركته بإلقاء النفايات السامة والنفايات في البحر الأبيض المتوسط وتسميم الثروة السمكية وتلويث شواطئ لبنان، وكل ذلك بينما فشل في معالجة أزمة النفايات.
ووفقاً للمصادر، فإن خوري كان جزءاً من تمويل الحملة الانتخابية للتيار الوطني الحر الذي يقوده باسيل بمبلغ 46 مليون دولار أمريكي كجزء من المبالغ التي حصل عليها عبر التيار منذ تولي عون رئاسة الجمهورية اللبنانية.
ووفقاً للمصدر، فإن خوري كان قبيل اندلاع ثورة 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، يحضر عبر الحكومة للاستحصال على تمديد كاميرات مراقبة بقيمة 80 مليون دولار للعاصمة بيروت دون مناقصة حكومية رسمية.
من هو النائب جميل السيّد؟
جميل السيد، عضو في البرلمان اللبناني. اعتباراً من عام 2021، اتهم السيد بالسعي إلى الالتفاف على السياسات واللوائح المصرفية المحلية وساعده مسؤول حكومي كبير في تحويل أكثر من 120 مليون دولار إلى الخارج، على شكل استثمارات على الأرجح، لمراكمة ثروته وثروات مقرّبين منه.
خلال احتجاجات 2019، عندما احتج المتظاهرون خارج منزله مطالبين باستقالته ووصفوه بالفاسد، دعا السيد المسؤولين إلى إطلاق النار على المتظاهرين وقتلهم.
وتولى السيد خلال فترة الوجود السوري منصب المدير العام للأمن العام اللبناني، وكان -وفقاً للمصدر- جزءًا مما يسمى النظام الأمني اللبناني السوري المشترك والذي كان يسيطر على البلاد بالتنسيق مع الوجود السوري في لبنان تلك المرحلة.
وبحسب المصدر، فقد شهدت فترة تولي السيد لمنصبه العديد من قضايا الاعتداء على موقوفين وفبركة ملفات أمنية لمعارضي النظام السوري، على حد وصفه.
كما أن السيد سُجن لمدة 3 سنوات بتهمة المشاركة في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري مع 3 ضباط آخرين على رأس أجهزة أمنية أخرى، ثم أخلي سبيله بعدها بسبب عدم استيفاء التهم والأدلة الجنائية، وهو ما وجه أصابع الاتهام إلى مشاركة حزب الله في الإفراج عنه.
كما أوضح المصدر أن السيد كان متهماً مع الوزير اللبناني الأسبق ميشال سماحة بنقل متفجرات من سوريا للبنان بما عرف باسم "خلية مملوك-سماحة" والتي أدانت نائب الرئيس السوري علي مملوك بالتخطيط مع سماحة لتفجير عدد من الأماكن بهدف ضرب الاستقرار وجرى كشفها على يد أحد الأجهزة الأمنية عام 2011.