حفتر يخرق الهدنة ويهاجم معسكرات للوفاق، ووزير الدفاع يهدد بالانسحاب من “5+5”

عربي بوست
تم النشر: 2020/12/07 الساعة 10:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/12/07 الساعة 12:27 بتوقيت غرينتش
محادثات ليبية سابقة بين حفتر والسراج وعقيلة صالح في باريس، أرشيفية/رويترز

لم يكتف اللواء الليبي خليفة حفتر بعملية الحشد المتواصلة لقواته في مناطق مختلفة شرق ووسط ليبيا خلال الأسابيع الماضية، بل بدأ في التحرك للهجوم على بعض المناطق التابعة لحكومة الوفاق أيضاً

يأتي هذا رغم مرور شهر ونصف على توقيع الاتفاق العسكري في أكتوبر/تشرين الأول بجنيف، وينص على خروج المرتزقة من الخطوط الأمامية في محوري سرت -الجفرة.

ويبدو أن الأخبار الآتية من مدينة غدامس الليبية أزعجت حفتر، حيث اجتمع نواب مجلس النواب الليبي بشقيه (نواب طرابلس ونواب طبرق)، بنصاب كامل استعداداً لاختيار رئيس برلمان جديد، في وقت لا يملك فيه عقيلة صالح الأغلبية في لجنة الحوار للفوز برئاسة المجلس الرئاسي.

حفتر يخرق الهدنة ووقف إطلاق النار

وكشفت مصادر عسكرية تابعة لخليفة حفتر لـ"عربي بوست" أن رتلاً عسكرياً رفقة سيارات وقود وثلاث منظومات دفاع جوي قدمت من مناطق شرق ليبيا متجهة نحو جنوب مدينة سرت يوم 2 ديسمبر/كانون الأول.

فيما انطلق رتل عسكري آخر يحتوي على مقاتلين مرتزقة من ذوي البشرة السمراء، يرجح أنهم من الجنجويد، من حدود مدينة أجدابيا نحو قاعدة الجفرة الجوية.

وأضافت المصادر أن مساء السبت 5 ديسمبر/كانون الأول 2020، دخلت للمنطقة السكنية بشركة رأس لانوف لتصنيع النفط والغاز أكثر من سبعين آلية عسكرية بكامل عتادها مصحوبة بسيارات إسعاف تابعة لحفتر قادمة من شرق ليبيا.

وفي ذات السياق حاولت ميليشيات خليفة حفتر فجر الأحد 6 ديسمبر/كانون الأول السيطرة على معسكرات تابعة لحكومة الوفاق في مدينة أوباري التي تبعد 950 كيلومتراً جنوب مدينة طرابلس.

وقال آمر غرفة العمليات المشتركة لمدينة أوباري مجدي بوهنه، التابع لحكومة الوفاق، إن ميليشيات خليفة حفتر خرقت الهدنة بالمدينة وهاجمت معسكر العمليات المشتركة التابع للفريق على كنة، التابع لحكومة الوفاق قبل أن تنسحب من محيط المعسكر.

وأضاف في تصريحه لـ"عربي بوست" أن قواتهم متمركزة داخل المعسكر وأن ميليشيات خليفة حفتر المهاجمة استدعت قوة دعم تحت إمرة اللواء سحبان التابع لخليفة حفتر، لكنها انسحبت لاحقاً من محيط المعسكر بعد أن أجبرتها قوات الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق مدعومة بأهالي المنطقة على التراجع.

المرتزقة لم ينسحبوا

في غضون ذلك، تعقد اللجنة العسكرية المشتركة "5+ " اجتماعات متواصلة في مقرها للإشراف على تنفيذ اتفاق جنيف لوقف إطلاق النار.

فقد قال آمر غرفة عمليات تحرير سرت والجفرة العميد إبراهيم بيت المال لـ"عربي بوست" إن قوات الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق رصدت تحركات لميليشيات حفتر في الجنوب وشرق سرت، مضيفاً أن ميليشيات حفتر تتحرك من الشرق إلى الغرب، وأن المتمردين انتهكوا التهدئة وخرقوا اتفاق "5+5″، بحسب بيت المال.

خليفة حفتر/رويترز
خليفة حفتر/رويترز

وتنص الاتفاقية العسكرية "5+5″، الموقعة في 23 أكتوبر/تشرين الأول في جنيف، على الاحترام الكامل من قبل الأطراف المتحاربة لوقف إطلاق النار الشامل، وعودة القوات المتمركزة في سرت والجفرة إلى معسكراتهم وطرد القوات المسلحة المرتزقة خارج البلاد في غضون 90 يوماً.

التهديد بالرد والانسحاب من اللجنة العسكرية

وزير الدفاع بحكومة الوفاق العقيد صلاح النمروش قال لـ"عربي بوست" في تصريح خاص "إن وزارة الدفاع بحكومة الوفاق الوطني تراقب عن كثب كل التحركات التي يقوم بها حفتر وهذه التحركات ليست جديدة اليوم بل من مدة".

وأكد النمروش أنه إذا حدث أي هجوم لأية مواقع تابعة لحكومة الوفاق ولم تلتزم ميليشيات خليفة حفتر باتفاق وقف إطلاق النار الموقع في جنيف برعاية الأمم المتحدة فإننا في هذه الحالة "لن نقف موقف المتفرج ولن نلتزم بوقف إطلاق النار لأن المتمرد لم يلتزم بهذا، وسننسحب حتى من اتفاق "5+5".

وقد دعت وزارة الدفاع التابعة لحكومة الوفاق في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2020 إلى البدء الفوري في سحب المرتزقة من المنشآت النفطية كافة والمواقع العسكرية إثباتاً لصدق النوايا وخروجهم النهائي من البلاد والدخول في مصالحة وطنية حقيقية ووضع ضمانات عملية بحيث لا يتم الانقلاب على بنود الاتفاق كما حصل أكثر من مرة وأن يكون القضاء الليبي هو الفيصل في الجرائم التي ارتكبت خلال فترات الصراع وفي حال تعذر ذلك يلجأ للقضاء الدولي.

صواريخ جديدة لحفتر

تعارضت تحركات خليفة حفتر في إرسال قوافل عسكرية إلى الخطوط الأمامية مع روح الاتفاق الذي تسعى إليه لجنة "5+5" في إنهاء الصراع، ويسود هذه التحركات مناخ انعدام الثقة السائد في هذا السلام، اعتماد اللجنة إنشاء لجان فرعية عسكرية وأمنية.

وبحسب مصدر عسكري رفيع المستوى تابع لحكومة الوفاق، رفض الكشف عن اسمه، فإن حكومة الوفاق تشعر بالقلق إزاء التقارير الصحفية حول استحواذ حفتر مؤخراً على قاذفة صواريخ ذاتية الدفع متعددة العيار "LRSVM Morava" والتي تم الكشف عنها في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 خلال المناورات التي أجرتها كتيبة طارق بن زياد التابعة لميليشيا خليفة حفتر.

وأشار موقع مجلة توبوار الروسية على الإنترنت إلى أن الإمارات العربية المتحدة زودت ميليشيا خليفة حفتر بقاذفات صواريخ "LRSVM Morova" لأنها كانت أول دولة تستورد السلاح من صربيا، حيث تم إنتاج قاذفة الصواريخ في البداية في عام 2011 ودخلت الخدمة في أواخر عام 2019.

تخوف من العودة إلى نقطة الصفر مرة أخرى

حديث ستيفاني ويليامز، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة، الأخير بشأن ضرورة اغتنام الفرصة الحالية يشير إلى تخوفات بدت واضحة على ستيفاني من العودة لنقطة الصفر مرة أخرى.

فقد حذرت ويليامز الأربعاء 3 ديسمبر/كانون الأول 2020 خلال افتتاح أعمال ملتقى الحوار السياسي الليبي المنعقد في تونس، من خطورة وجود قواعد عسكرية تشغلها قوات أجنبية في الأراضي الليبية.

وقالت ويليامز "توجد الآن 10 قواعد عسكرية في جميع أنحاء بلادكم، وليس في منطقة بعينها، وهذه القواعد تشغلها اليوم بشكل جزئي أو كلي قوات أجنبية"، مضيفة أنه يوجد الآن 20 ألفاً من القوات الأجنبية أو المرتزقة، وهذا انتهاك مروّع للسيادة الليبية.

تراجع حظوظ عقيلة صالح

ويثير اجتماع مجلس النواب الليبي بشقيه، الإثنين، في مدينة غدامس قلق عقيلة صالح، رئيس مجلس نواب طبرق، خشية أن تتم الإطاحة به في جلسة مكتملة النصاب، بعد أن اتفق نحو 123 نائباَ ليبياَ في مدينة طنجة المغربية، على توحيد مجلس النواب، واختيار رئيس جديد للبرلمان، خاصة أن عدداً منهم يُحمّلون عقيلة صالح مسؤولية انقسامه بين طبرق وطرابلس.

ويسعى عقيلة، عبر بعض النواب الموالين له، لإحباط محاولة إدراج تغيير رئاسة المجلس ضمن جدول أعمال جلسة غدامس. وشرع عقيلة في مساعي إحباط انتخاب رئيس مجلس نواب جديد لتوحيد البرلمان، عبر بيان أصدره في 29 نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم، لتغيير جدول أعمال جلسة غدامس، بل ومكان انعقادها، مبرراً رفضه لأسباب دستورية وقانونية بالإضافة إلى اللائحة الداخلية للمجلس.

رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح

وبالتزامن مع وصول أكثر من 100 نائب من طنجة إلى غدامس، الخميس، وانتظار التحاق عشرات آخرين بهم من داخل ليبيا، بحسب إعلام محلي، وجّه عقيلة دعوة للنواب لاجتماع مواز في بنغازي، الإثنين، في محاولة لشق صف النواب وحرمان اجتماع غدامس من النصاب وهو ما لم يتحقق.

واستنجد عقيلة، في بيان الأحد، باللجنة العسكرية 5+5، المجتمعة بمقرها الدائم في مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس)، "لتحديد المدينة الأنسب لعقد هذه الجلسة، وضمان سلامة وأمن النواب".

ويسعى عقيلة لنقل اجتماعات النواب (مستقبلاً) من غدامس الواقعة قبالة الحدود الجزائرية والخارجة عن نطاق نفوذه، إلى سرت، لأن الجنرال الانقلابي خليفة حفتر والمرتزقة الأجانب مازالوا يسيطرون عليها، وبذلك يمكنه التأثير على النواب.

ويقاتل عقيلة للفوز بمنصب رئيس المجلس الرئاسي، الذي أخفقت لجنة الحوار بتونس عن اختيار اسم من الأسماء المطروحة أمامها. واعترض أغلب الأعضاء الـ75 على اختيار عقيلة رئيساً للمجلس الرئاسي، لدوره في دعم عدوان حفتر على طرابلس (2019-2020).

وفوز عقيلة برئاسة المجلس الرئاسي غير مضمونة، لأن أنصاره بحسب بعض التقديرات، لا يتجاوزون 16 من إجمالي 75، وأقصر طريق للوصول إلى هذا المنصب أن يقتصر الانتخاب على أعضاء المنطقة الشرقية المقدر عددهم بنحو 24.

وأشار المحلل السياسي عمر التهامي إلى أن تضاؤل فرص تنصيب عقيلة صالح الضامن الوحيد لبقاء خليفة حفتر في المشهد الليبي عموماً عسكرياً وسياسياَ جعله يبدأ في التحرك والايحاء بقلب الطاولة على المتحاورين في غدامس وتونس، خصوصاً بعد تهديده المباشر لتسعة نواب كانوا حاضرين في غدامس عند علمه بوصول النصاب القانوني للبرلمان الليبي ونية النواب التصويت على سحب رئاسة مجلس النواب من عقيلة صالح.

وأوضح التهامي أن اجتماع عقد الأحد 6 ديسمبر/كانون الأول 2020 بمدينة درنة (300 كم شرق مدينة بنغازي) باسم قبائل برقة رفض فيه المشاركون من بعض مشايخ قبائل المنطقة الشرقية اجتماع مجلس النواب في غدامس وظهور شيخ قبيلة المغاربة (التي تقطن بمنطقة الهلال النفطي) صالح لاطيوش من جديد بعد الاستغناء عنه في الفترة السابقة وإعطائه المنصة يهدد من خلالها لجنة الحوار وتأييده لمبادرة عقيلة صالح ما هو إلا بإشارة من خليفة حفتر، إما أن يكون في المشهد أو مشايخ حفتر يدفعون بأهل الشرق في محرقة جديدة، وهذا الاجتماع يعني أن الحرب قادمة.

كل هذه التطورات تشير إلى أن حفتر يستعد لمعارك جديدة على الرغم من هزيمته في غرب ليبيا في يونيو/حزيران الماضي، وأنه يمكنه الاعتماد على إصرار الإمارات على تزويد ميليشياته في شرق ليبيا بالسلاح على الرغم من الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة.

تحميل المزيد