كشف تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية BBC، أن سلطات بعض البلدان في الشرق الأوسط، بما فيها المملكة السعودية والإمارات ومصر، ألقت القبض على بعض الإيغور المسلمين الذين فرّوا من الصين بهدف اللجوء، ورحّلتهم إلى بلادهم.
برنامج "Newsnight" التلفزيوني، الذي تعرضه شبكة "BBC"، كشف الخميس 1 أكتوبر/تشرين الأول 2020، أنه اطَّلع على العديد من الوقائع التي تكشف استهداف السلطات في بلدان ذات أغلبية مُسلمة، بما فيها المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتّحدة، ومصر، لطلاب وحجّاج منفيين من مسلمي الإيغور، بالتعاون مع السلطات الصينية في بكين.
ترحيل حجاج: خلال حديثها مع شبكة BBC، أكدت سيدة من الإيغور أنها لم ترَ زوجها منذ خمس سنوات، بعدما أُلقي القبض عليه ورُحِّل إلى الصين خلال أدائه شعائر الحجّ في المملكة العربية السعودية، وأضافت هذه السيدة، الأم لخمسة أبناء وتعيش حالياً في تركيا: "صار أبناؤنا بلا أب، وتُرِكنا وحدنا".
جدير بالذكر أنه منذ عام 2014، تشنّ السلطات الصينية حملة واسعة ضد أقلّية مُسلمي الإيغور الذين يسكنون شمال غرب البلاد، ويحدّ مقاطعتهم -الخاضعة للسيطرة الصينية منذ 1949- كل من قيرغيزستان، وكازاخستان، ومنغوليا، ويبلغ تعدادهم في موطنهم قرابة 10 ملايين نسمة.
تشير تقارير حقوقية أممية إلى أن ما لا يقل عن مليون شخص من الإيغور مُحتجزون في معسكرات اعتقال، يخضعون فيها لما تصفه السلطات بـ"إعادة تثقيف" سياسي، بينما تخضع المنطقة نفسها لمراقبة مشددة بالغة التطفّل.
قال عبدالولي أيوب، أحد نشطاء الإيغور والمدافع عن حقوق الإنسان، في حديث مع شبكة BBC، إنه حدَّد هوية خمسة أشخاص من الإيغور رحّلتهم السلطات السعودية إلى الصين، وقال: "أعرف ثلاثة من بينهم بشكل شخصي".
تبيّن لأيّوب أيضاً أن السلطات الصينية مارست ضغطاً على عائلات الإيغور المنفيّين من أجل إقناع أحبائهم بالعودة للوطن، لا لشيء سوى الزجّ بهم في السجون.
الصين تنفي: تأتي هذه التسريبات لتؤكد وثائق عُرفت باسم "برقيات الصين"، سُربت خلال العام الماضي، وكشفت الستار عن جهود بكين لمنع مغادرة الإيغور البلاد واستهدافهم بالخارج.
حسب التقارير، رحّلت مصر بناءً على طلب الصين ما لا يقل عن 12 طالباً من الإيغور، الذين يدرسون بجامعة الأزهر، وهي مؤسسة ذائعة الصيت للدراسات الدينية، واحتجزت عشرات آخرين.
في أوائل عام 2018، أفاد الإيغور الذين يعيشون في الخارج بأن مكاتب الأمن في شينجيانغ عكفت بشكل ممنهج على جمع معلومات شخصية مفصلة عنهم من أقاربهم الذين ما زالوا يعيشون هناك.
على الجانب الآخر، قالت السفارة الصينية في المملكة المتحدة، إن هذه المزاعم "تستند إلى شائعات مُفبركة"، وكررت نفس رواية بكين التي تنكر وجود معسكرات "إعادة تثقيف" في شينجيانغ.
كما قال الرئيس الصيني شي جين مؤخراً إن استراتيجية الحزب الشيوعي الحاكم في المنطقة "كانت صائبة تماماً، ولا بد من العمل بها لفترة طويلة".
بالتزامن، قالت السفارة السعودية في المملكة المتحدة لوكالة الأنباء، إن المملكة "تلتزم التزاماً كاملاً بالأعراف الدولية والقانون السعودي، فيما يتعلّق بالتعاون مع الدول الأخرى في مسائل مهمة، على غرار ترحيل مطلوبين".
جدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية قد تلقّت وابلاً من الانتقادات، إثر دفاع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن حملة السلطات الصينية القمعية على مسلمي الإيغور.
يشار إلى أن الصين تعد الشريك التجاري الأكبر لهذه المملكة الخليجية، إذ بلغ إجمالي الواردات السعودية من الصين نحو 46 مليار دولار في عام 2018. وفي يونيو/حزيران، استوردت الصين من المملكة العربية السعودية نفطاً يفوق مقدار ما استورده أي بلد آخر.