بوتيرة سريعة تزداد قوارب الهجرة غير الشرعية في لبنان، بالتزامن مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي بلغت ذروتها بانفجار مرفأ بيروت قبل أكثر من شهر.
فيما أعادت مؤخراً السلطات القبرصية الرومية 115 مهاجراً غير نظامي على متن 6 قوارب وصلوا إليها من لبنان، وفق وسائل إعلام محلية، كما أعلنت الإثنين 21 سبتمبر/أيلول 2020 أنها سترسل إلى بيروت وفداً لبحث سبل منع قوارب محمّلة بطالبي لجوء من الإبحار نحو شواطئها من السواحل اللبنانية.
انفجار المرفأ أزّم الوضع: الجيش اللبناني أعلن بدوره إحباط عملية تهريب أشخاص إلى قبرص الرومية، وقال بيان آنذاك إن قواته تمكنت من إحباط عملية تهريب أشخاص عبر البحر إلى قبرص الرومية بطريقة غير شرعية.
منذ 4 أغسطس/آب 2020، زاد انفجار مرفأ بيروت الوضع سوءاً في بلد يعاني، منذ أشهر، أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث، واستقطاباً سياسياً حاداً، في مشهد تتصارع فيه مصالح دول إقليمية وغربية.
فيما رفع انفجار المرفأ من إحباط وغضب الشباب في لبنان، الذي يشهد منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019 احتجاجات شعبية ترفع مطالب اقتصادية وسياسية.
رسائل من العائدين: أحد الشباب العائدين من قوارب الهجرة التي لم ترس على شواطئ وطن جديد، والذي فضل عدم ذكر اسمه، قال إن الفقر هو السبب الرئيسي للتفكير في الهجرة غير النظامية، مضيفاً أنه يعمل 14 ساعة يومياً مقابل 20 ألف ليرة (نحو 13 دولاراً) وهي غير كافية.
تابع الشاب اللبناني قائلاً إنه وأقرانه لا يريدون سوى الخروج من هذا البلد، وسيعاودون محاولات الخروج مجدداً على الفلوكة (قارب صغير)، مؤكداً: "هذا البلد ليس لنا وإنما للسياسيين وحدهم".
مهاجر آخر يقول إنه يستطيع توفير المأكل والمشرب، ولكنه قرر الهجرة لتوفير مستقبل أفضل لأبنائه حيث لا يوجد بلبنان مستقبل.
رحلة شقاء: أحد الشباب العائدين من قوارب الهجرة يروي حجم المعاناة والشقاء التي استمرت نحو 80 ساعة ذهاباً وإياباً في عرض البحر.
ويقول، مفضلاً عدم ذكر اسمه، إننا وصلنا قبرص (الرومية) ومكثنا هناك 5 أيام، وبعد ذلك قيل لنا إنهم سيخضعون الجميع لفحوص طبية، لكننا فوجئنا بأنهم وضعونا في سفن وأعادونا إلى لبنان.
فيما يوضح لبناني آخر أنه دفع 5 ملايين ليرة (نحو 3400 دولار) لأحد المهربين نظير الوصول إلى قبرص (الرومية) لكنه فشل في ذلك وفي استرداد المبلغ أيضاً.
شاب سوري قال كذلك إنه دفع 13 مليون ليرة (حوالي 8 آلاف دولار) نظير الهروب بحراً إلى شواطئ قبرص الرومية، ويشير إلى أنه وحيد في لبنان وعائلته كلها بسوريا فيما لا يستطيع الذهاب إليهم.
حسين مصطفى، وهو صياد من طرابلس شمال لبنان، يقول إنه يوافق على الهجرة غير النظامية تماماً (..) لو كان يمتلك مالاً كافياً فلن يهاجر بهذ الطريقة ولن يخاطر بعائلته بنفسه لكي يعيش حياة كريمة.
أزمة خانقة في البلد: يأتي هذا في وقت يشهد فيه لبنان أزمة خانقة بلغت ذروتها مع انفجار مرفأ بيروت، مخلفاً 191 قتيلاً وأكثر من 6 آلاف جريح، وعشرات المفقودين، بجانب دمار مادي هائل وخسائر بنحو 15 مليار دولار، بحسب تقدير رسمي غير نهائي.
ودفع الانفجار حكومة حسان دياب إلى الاستقالة، بعد أن حلت منذ فبراير/شباط الماضي محل حكومة سعد الحريري، التي أجبرتها احتجاجات شعبية ترفع مطالب اقتصادية وسياسية على الاستقالة، في أكتوبر/تشرين الأول 2019.
وكلّف الرئيس اللبناني ميشال عون، في 31 أغسطس/آب الماضي، مصطفى أديب بتشكيل حكومة خلفاً لحكومة دياب.