أقرَّ الرئيس اللبناني ميشال عون، الإثنين 21 سبتمبر/أيلول 2020، بوجود خلاف بين الأحزاب اللبنانية يحولُ دون تشكيل الحكومة، مقترحاً إلغاء التوزيع الطائفي للوزارات السيادية وجعلها متاحة لكل الطوائف على أساس القدرة على الإنجاز، ومحذراً من أن البلاد تسير نحو "جهنم" في حال لم يتم تشكيل حكومة.
جاءت تصريحات عون في وقت لم يتمكن فيه رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب من تشكيل حكومة بعيدة عن الأحزاب السياسية، حيث تواردت الأنباء حول نيته الاعتذار عن التكليف، إلا أن إصرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على إنقاذ مبادرته، دفعت أديب للتمهل.
تفاصيل خطاب عون: عون الذي ظهر في مؤتمر صحفي، أشار إلى أن رئيس الوزراء المكلف قام بأربع زيارات، ولم يستطِع في أي منها تقديم أي تشكيلة حكومية، تتوافق مع المبادرة الفرنسية التي نصت على استثناء الأحزاب من تشكيل الحكومة.
كما كشف عون عن أن الخلاف الجاري حالياً يدور بشكل أساسي حول منصب وزير المالية، موضحاً أن كلاً من حزب الله وحركة أمل "يصران على تسمية وزراء شيعة لمناصب وزارية بينها وزارة المالية".
فيما شدد عون على أن الدستور اللبناني لا ينص على تخصيص أي وزارة لأي طائفة أو لأي فريق كما لا يمكن منح أي وزير سلطة لا ينص عليها الدستور.
في الوقت ذاته أكد عون أن الأزمة التي تمر بها البلاد لا تسمح بهدر أي دقيقة لتشكيل الحكومة، محذراً من أن البلاد تسير نحو "جهنم" إن لم يتم التوافق على تشكيل الحكومة.
أما فيما يتعلق بموقفه من الأزمة، فقد أوضح عون أنه يستند إلى ضرورة مشاركة الكتل البرلمانية في عملية تشكيل الحكومة، داعياً إلى إلغاء الحصص الطائفية بالنسبة للوزارات السيادية.
كما بدا عون متشائماً جداً من الحال الذي وصلت إليه أزمة تشكيل الحكومة، فعندما سئل عما إذا كان خطابه التلفزيوني الذي ألقاه اليوم يعني أنه لا أمل في انفراجة، فقال للصحفيين: "لا.. يمكن يصير عجيبة".
أزمة تشكيل الحكومة: وكانت مصادر خاصة لـ"عربي بوست" قد أكدت في وقت سابق أن رئيس الوزراء المكلف كان سيقدم اعتذاره عن تشكيل الحكومة، لكن إصرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على إنقاذ مبادرته التي أطلقها دفعت أديب للتمهل وعدم الاعتذار وفتح مجال للنقاش مع القوى السياسية على رأسها حزب الله.
لكن وبعد خطاب الرئيس عون، لم يتضح بعد مصير رئيس الوزراء الملكف، حول ما إذا كان سيقدم اعتذاره، أم سيعطي مزيداً من الوقت للاتصالات ويعطي المبادرة الفرنسية فرصة أخيرة، خصوصاً أن الإدارة الفرنسية لا تريد لهذه المبادرة أن تفشل لأنها ستؤثر على صورة باريس في المنطقة وعدم قدرتها على حل الأزمات العالقة.
فرنسا تراقب: يأتي هذا في وقت يرفض فيه الفرنسيون إعلان الهزيمة مبكراً، وهذا ما تبديه دوائرهم الدبلوماسية، إذ حسب معلومات حصل عليها "عربي بوست"، تسعى باريس لاستخراج الحلول من دون التنازل عن شكل الحكومة المرسومة والتي وعد بها ماكرون المجتمع الدولي نتيجة لقاءاته في بيروت مع القوى السياسية.
من جانب آخر، تنشط اتصالات عربية تقودها مصر عبر وزير خارجيتها سامح شكري الذي يتواصل بشكل مستمر منذ 18 سبتمبر/أيلول مع المسؤولين اللبنانيين، ويتحرك سفيرها في بيروت ياسر علوي الذي زار الرئيس سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري واضعاً إمكانات القاهرة في تصرف لبنان لحل الأزمة.
يُذكر أن حكومة دياب حلت منذ 11 فبراير/شباط 2020 محل حكومة الحريري، التي استقالت في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2019 تحت ضغط احتجاجات شعبية.
فيما يعاني لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية (1975-1990) واستقطاباً سياسياً حاداً، في مشهد تتصارع فيه مصالح دول إقليمية وغربية.