تمر مدينة بنغازي بأزمات مالية وأمنية وصحية، فضلاً عن انقطاع الكهرباء فيها بالساعات الطويلة، إلا أن فقدان الأمن بشوارع بنغازي هو أكثر ما يؤرق الشارع الليبي، وبخاصة المدن الواقعة تحت سيطرة قوات حفتر وميليشيات ولديه.
فشوارع بنغازي الآن بلا كهرباء ولا سيولة مالية وأوضاعها الأمنية متدهورة، فضلاً عن وضعها الصحي الذي يزداد سوءاً بسبب تفشي وباء كورونا في البلاد، وسط كل هذه الأزمات يعيش المواطن الليبي ظرفاً أمنياً قاسياً، إذ باتت شوارع بنغازي لا تجد من يحميها.
حملات اعتقال عسكريين ومدنيين
فقد شهدت مدينة بنغازي وعدد من مدن شرق ليبيا مؤخراً حملة اعتقالات طالت عناصر عسكرية وأمنية من أنصار حفتر بالنظام السابق، بسبب تنظيم تظاهرات تطالب سيف الإسلام نجل الرئيس الليبي المخلوع معمر القذافي، بالترشح لرئاسة ليبيا.
ويؤكد عمر التهامي، أن أنصار النظام السابق سيطروا على أغلب المؤسسات والوزارات الخدمية والأمنية بحكومة الثني التابعة لبرلمان طبرق غير المعترف بها دولياً، مثل وزارة الخارجية والأمن الداخلي وعدد من الإدارات العسكرية والأمنية إضافة إلى الإدارات الوسطى في عدد من الشركات والهيئات العامة بعد أن أصدر برلمان طبرق في حقهم عفواً عام 2016.
ومن جهتها، قالت مصادر أمنية بمدينة بنغازي لـ"عربي بوست" إن جهاز مكافحة الإرهاب وبعض الأجهزة العسكرية التابعة لنجلي خليفة حفتر، صدام وخالد، قاموا بفض تظاهرات بساحة الكيش ببنغازي واعتقلوا عدد كبيراً بين مدنيين وعسكريين موالين للنظام السابق رفعوا صور الرئيس المخلوع معمر القذافي.
اعتداء على الممتلكات
هذه الاشتباكات أدت إلى إصابة أحد افراد عائلة المهدوي بمدينة بنغازي، إصابة بليغة نقل على أثرها إلى المستشفى، فقد اعتدى عليه بالضرب شخص يدعى ناصر القرش، تابع لقوات وميليشيا الصاعقة ويستمر في ترهيب أهالي المنطقة.
فيما يشكو المواطنون من مشايخ وأعيان قبيلة الحوتة من استيلاء واعتداء كتيبة طارق بن زياد التابعة لميليشيات صدام نجل حفتر، على أراضيهم وشرعت في البناء عليها.
وقالت القبيلة في بيان لها إن كتيبة طارق بن زياد كلفت شركة مقاولات للبناء بعدما استولت على الأرض بحماية مسلحيها، استخدموا في ذلك الأسلحة الثقيلة والمدرعات.
فيما أظهرت صور نشرها نشطاء عبر مواقع التواصل، نشوب مشادات بين أفراد من قبيلة العواقير وعدد من المسلحين تابعين لكتيبة طارق بن زياد أمام الأرض المتنازع عليها.
ملاحقة نشطاء في بنغازي
وزير الداخلية بحكومة الثني، إبراهيم بوشناف، التابعة لبرلمان طبرق ــ غير معترف بها دولياًــ أصدر أوامر بمتابعة ورصد عدد من النشطاء في مدينة بنغازي بدعوى تحريض الناس على الخروج بالتظاهرات.
وطالب بوشناف في رسالة له، مديرية أمن بنغازي، بملاحقة عدد من النشطاء السياسيين، من بينهم خالد السكران ومنير زغبية وصقر العبيدي وعبدالسلام العكر وأحمد الشرقاوي، بدعوى محاولتهم زعزعة الأمن في المنطقة الشرقية، وفق نص الرسالة.
ارتفاع حوادث الاعتداء على الأطباء
طال الانفلات الأمني في مدينة بنغازي الأطقم الطبية والأطقم المساعدة، فقد أعلنت إدارة مركز بنغازي الطبي ارتفاع حوادث الاعتداء على الأطباء والممرضين وعناصر المجلس التسييري داخل برج الأمل في الآونة الاخيرة.
وأشار المركز إلى أن هذه الحوادث باتت ظاهرة عامة تقلق القطاع الطبي ودفعت كثيراً من الأطباء والممرضين لمغادرة برج الأمل المخصص للعزل الطبي، ودعا الجهات الأمنية إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة لوقف الاعتداء على الأطباء من أجل حماية المبنى والعناصر الطبية.
وذكرت مصادر طبية لـ"عربي بوست" أن بعض أهالي المتوفين من الإصابة بفيروس كورونا، قاموا بالاعتداء على الأطقم الطبية ببرج الأمل، لعدم اقتناعهم بأن ذويهم توفوا بسبب الإصابة بالفيروس.
وفي منتصف أغسطس/آب الماضي تعرض مستشفى الجلاء للجراحة والحوادث في بنغازي، لاعتداء مسلح بعد أن اقتحم أفراد مسلحون غرفة العناية المركزة وقتلوا أحد المرضى بدعوى الثأر، وسط غياب كامل للجهات الأمنية التي تعمل على تأمين المستشفى وعدم قدرتها على منع دخول المسلحين.
تزايد أعداد وفيات كورونا
على الصعيد الصحي تشهد مدينة بنغازي ارتفاعاً في حالات الوفاة بأعداد كبيرة بفيروس كورونا، وسط تعتيم إعلامي على الأعداد الحقيقية للإصابات والوفيات.
واتهمت مصادر طبية من مدينة بنغازي، لـ"عربي بوست"، الجهات المختصة واللجنة الطبية لمكافحة وباء كورونا في المدينة بإخفاء الحقيقة ورفض الإفصاح عن الإحصاءات الحقيقية لعدد الإصابات والوفيات جراء وباء كورونا، مؤكدة خطورة الوضع الوبائي في المدينة.
وكشفت المصادر عن إصابة عدد من أعضاء اللجنة الطبية الاستشارية بفيروس كورونا، من بينهم نائب رئيس اللجنة أحمد الحاسي وعضو اللجنة أحمد الحداد، بالإضافة إلى إصابات أخرى في صفوف الأطباء والأطباء المساعدين الذين يعملون ببرج الأمل بمركز بنغازي الطبي.
حذر النائب الثاني لمدير برج الأمل في بنغازي الدكتور وليد العقوري من أن ارتفاع عدد العناصر الطبية ومساعديهم المصابة بـ"كورونا" ينذر بوقوع كارثة، معلناً عن إصابة والدته هي الأخرى بالفيروس.
ظلام واعتقالات
على الجانب الآخر، أكدت المدونة الحقوقية والناشطة السياسية، نادين الفارسي لـ"عربي بوست" قيام جهاز الأمن الداخلي التابع لحفتر في بنغازي باعتقال المحامية تهاني الشريف لساعات.
وذلك على خلفية خروجها في مقطع مصور عبر صفحتها بفيسبوك تحدثت فيه عن عمليات فساد كبيرة تحدث في قطاع شركة الكهرباء بالمنطقة الشرقية، مشيرة إلى اعتقال أحد المهندسين بالشركة أحمد فرج إدريس لذات الموضوع.
وقالت نادين إن المنطقة الشرقية عموماً ومدينة بنغازي خصوصاً تشهد مثل المنطقة الغربية انقطاعات متكررة ولساعات طويلة للتيار الكهربائي وصلت إلى 10 ساعات وسط تكتم تام من الشركة ولم توضح أسباب هذه الانقطاعات.
وأضافت نادين: "إن المنطقة الشرقية تعاني أزمة سيولة خانقة بالمصارف التجارية، فضلاً عن سوء الأحوال المعيشية وغلاء الأسعار ناهيك عن بدء اختفاء الطبقة المتوسطة. "
وأشارت إلى انتشار ظاهرة غسل الأموال، خاصة ببنغازي، وتزايد أصحاب الأموال المشبوهة في ظل عدم وجود السيولة، ما أدى إلى ارتفاع أسعار العقارات".
وأكدت نادين أن آمر قوة مكافحة الإرهاب في بنغازي وابن قبيلة العواقير "فرج اقعيم" تعرض لمحاولة اغتيال على خلفية نشره صوراً وفيديوهات في صفحة الجهاز الرسمية لأدوية غير صالحة ضبطت داخل المستشفيات ببنغازي.
قتل على إثرها أحد مرافقي اقعيم، ويدعى فتحي الصويعي ثم تمكن المسلحون من الهرب.
واعتبرت نادين أن أكبر أزمة حلت بمدينة بنغازي والمنطقة الشرقية هي تفشي فيروس كورونا الذي بدأ ينتشر بشكل كبير وملفت، ونوهت إلى أن أغلب شيوخ القبائل الذين زاروا مصر في يوليو/تموز الماضي لتفويض الجيش المصري بدخول ليبيا، مصابون بالفيروس ويخضعون للعزل الطبي.
فضلاً عن وفاة شيخ قبيلة العبيدات الطيب الشريف مصاباً بكورونا الشهر الماضي.