خفّفت دبي مرةً أخرى من القوانين الحاكمة لبيع وحيازة المشروبات الكحولية، بالتزامن مع محاولة السلطات شقّ طريقها للخروج من الركود الاقتصادي الذي تفاقم بسبب جائحة فيروس كورونا.
حيث أدّى تفشّي الفيروس إلى تفاقم العاصفة الاقتصادية القائمة التي تجتاح الإمارة، التي شهدت تسريحاً جماعياً للعاملين ضمن صفوف عمالتها الأجنبية ومنازل فارغة حتى في خضم مؤشرات الانتعاش الطفيفة. وحتى الآن، يُحذّر الخبراء من أنّ سوق العقارات الحيوي في المشيخة على وشك أن يُسجّل أدنى مؤشراته منذ الركود الكبير عام 2009.
عام مليء بالتحديات: من جانبه صرّح مايك غلين، المدير العام لشركة توزيع الكحول في الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان Maritime and Mercantile International، لوكالة أنباء AP الأمريكية عبر البريد الإلكتروني: "لقد كان عاماً مليئاً بالتحديات، ولا مفرّ أمام أيّ شركة من تلك التحديات -خاصةً الشركات العاملة في قطاع الضيافة"، وفق تقرير نشرته صحيفة The Independent البريطانية الأحد 23 أغسطس/آب 2020.
ولطالما أدّت مبيعات الكحول دور المقياس الرئيسي لاقتصاد دبي، وجهة السفر الأولى في الإمارات ومسقط رأس شركة طيران الإمارات للمسافات الطويلة. إذ تُغري زجاجات الجعة المثلجة السياح داخل شواطئ الفنادق، بينما تجتذب وجبات البرنش (الإفطار المتأخر) المنقوعة في الشمبانيا حشود السكان المغتربين.
كما تُوفّر تلك المبيعات مصدراً ضخماً للإيرادات الضريبية الخاصة بعائلة آل مكتوم الحاكمة في دبي.
فيما تعكس مبيعات الكحول في العموم في مدينة دبيثقة المشترين في مواردهم المالية الشخصية، وبالتالي في الاقتصاد. وقبل الجائحة، كشفت تلك المبيعات بالفعل عن المتاعب التي واجهتها دبي في خضم تراجع أسعار الطاقة العالمية وضعف سوق العقارات. كما أجّلت دبي معرض إكسبو 2020، أو معرض العالم، حتى العام المقبل في ضربةٍ مُوجعةٍ أخرى.
تراجع مبيعات الكحول: في المقابل تراجعت مبيعات الكحول الإجمالية بشكلٍ كبير في عام 2019 لتصل إلى 128.79 مليون لتر، بانخفاض 3.5% عن الـ133.42 مليون لتر التي سُجِّلت في العام السابق وفقاً لإحصائيات شركة Euromonitor. كما مثّلت مبيعات عام 2019 انخفاضاً بنسبة 9% تقريباً عن عام 2017، الذي شهد بيع 141.51 مليون لتر.
وفي خضم حالة الإغلاق، بدأت اثنتان من أكبر شركات توزيع المشروبات الكحولية في دبي توصيل مشروباتهما قانونياً إلى المنازل للمرة الأولى أملاً في تعزيز المبيعات. والآن، غيّرت الدولة-المدينة نفس النظام الذي يمنح تصريحاً للمقيمين من أجل شراء الكحول قانونياً.
فبموجب القانون كان لزاماً على المقيمين حمل بطاقات بلاستيكية حمراء صادرة عن شرطة دبي تسمح لهم بشراء، ونقل، واستهلاك الجعة والنبيذ والخمور. وعدم حمل تلك البطاقة قد يُودي بالشخص إلى الاعتقال ودفع غرامة -رغم أنّ شبكة الحانات، والنوادي الليلية، وصالات السهر في المشيخة لا تطلب رؤية تلك التصاريح مطلقاً.
استبدال البطاقات الحمراء: في حين جرى استبدال تلك البطاقات الحمراء الآن ببطاقةٍ سوداء، وعملية تقديم طلبات بسيطة لا تتطلّب سوى بطاقة الهوية الوطنية الإماراتية. ولم يعُد التقدُّم بطلب يستوجب إذناً من صاحب العمل. ففي السابق، كان بإمكان أصحاب العمل حظر حصول المسلمين على البطاقة حتى وإن كان الموظّف مُؤهّلاً للحصول عليها -وهي المشكلة التي واجهها بعض المغتربين العاملين في الشركات الإماراتية التي يعترض أصحابها على معاقرة الخمر لأسبابٍ دينية.
كما جرى تخفيف القيود على شراء الخمر بناءً على الأجور. ففي السابق كان يتعيّن على المقيمين التحايل على تلك القيود عن طريق السفر إلى خمس من الإمارات السبع الأخرى التي تتكوّن منها الإمارات. بينما تحظر الشارقة، الإمارة السابعة الواقعة على حدود دبي الشمالية، الكحول تماماً كما هو الحال في الدول المجاورة مثل: إيران، والكويت، والسعودية.
يأتي نظام البطاقات الجديد بالتزامن مع سماح دبي الآن للسياح والزائرين بشراء الكحول من الموزعين مُستخدمين جوازات سفرهم بكل بساطة، مما سدّ الثغرة التي جعلت شاربي الخمر العاجزين عن إصدار التصريح عرضةً للاعتقال بسبب حيازة الكحول.