بوادر انهيار النظام الصحي بإسرائيل.. تزايد إصابات كورونا، ووقف إجازات الأطباء، ومئات الأسرّة باتت مشغولة

كشف تقرير نشرته صحيفة Haaretz الإسرائيلية، الأحد 9 أغسطس/آب 2020، أن فرع مستشفى هداسا في عين كارم بالقدس أغلق مؤخراً وحدة العناية المركزة في عنبر الأمراض الباطنية، المخصصة لعلاج مرضى الأمراض الباطنية غير المصابين بكورونا، وذلك بسبب تزايُد حالات الإصابات بالفيروس، والحاجة إلى أماكن احتجاز في المستشفيات.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/08/11 الساعة 19:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/08/11 الساعة 19:08 بتوقيت غرينتش
إسرائيل تشهد موجة جديدة لجائحة كورونا/رويترز

كشف تقرير نشرته صحيفة Haaretz الإسرائيلية، الأحد 9 أغسطس/آب 2020، أن فرع مستشفى هداسا في عين كارم بالقدس أغلق مؤخراً وحدة العناية المركزة في عنبر الأمراض الباطنية، المخصصة لعلاج مرضى الأمراض الباطنية غير المصابين بكورونا، وذلك بسبب تزايُد حالات الإصابات بالفيروس، والحاجة إلى أماكن احتجاز في المستشفيات.

حيث تسبَّب الإغلاق في نقص كبير في وحدات العناية، حيث لم يعد هناك سوى وحدة عناية مركزة واحدة للمرضى العاديين، وهي وحدة العناية المركزة في قسم الجراحة، المخصصة لعلاج المرضى بعد الجراحة وضحايا الصدمات وتعمل بكامل طاقتها.

عجز في العناية المركزة: يقول البروفيسور درور ميفوراتش، الذي يدير حالياً عنبر الأمراض الباطنية العادي، بالإضافة إلى أحد أجنحة فيروس كورونا الأربعة بالمستشفى: "لا توجد مساحة كافية في وحدة العناية المركزة الخاصة بالجراحة. لديّ الآن مريض غير مصاب بفيروس كورونا يحتاج إلى رعاية مركزة، وليس لدي مكان لنقله، لذلك نضطر إلى معالجته في العنبر".

لكن مستشفى هداسا ليست وحدها، فنظراً لارتفاع عدد المرضى المصابين بدرجة خطيرة من فيروس كورونا المصابين -الذي يقترب حالياً من 400، منهم 118 على أجهزة التنفس الصناعي- تتعرض العديد من وحدات العناية المركزة في المستشفيات لضغوط شديدة. ومع تزايد تكريس نشاطها لمرضى فيروس كورونا، يدفع المرضى العاديون الثمن.

ووصف ميفوراتش الوضع في مستشفى هداسا عين كارم بأنه "أولى علامات الانهيار". وأضاف: "صحيح أن القدس مدينة "حمراء""، في إشارة إلى المدن التي تتركز بها حالات فيروس كورونا. "ولكن ما يحدث الآن في المستشفيات هنا يمكن أن يصبح قريباً هو المعتاد في المستشفيات الإسرائيلية، مع بدء العام الدراسي والشتاء".

ضغط على الطاقم الطبي: ويُشار إلى أنه منذ انتشار فيروس كورونا في إسرائيل، في فبراير/شباط 2020، يعمل الطاقم الطبي سبعة أيام في الأسبوع، باستثناء فترة الثلاثة أسابيع القصيرة التي انخفض خلالها عدد المرضى.

يقول ميفوراتش: "الضغط الدائم على الطاقم الطبي هو أيضاً علامة على الانهيار. إننا نعمل سبعة أيام في الأسبوع، ولدينا حالياً أربعة أطباء في الحجر الصحي، وعدد المرضى آخذ في الازدياد، وكل عنبر من عنابر فيروس كورونا يضم 20 سريراً، وفي الأيام الأخيرة لم يمر يوم دون أن يكون لدينا أقل من 18 مريضاً في الجناح".

كذلك أضاف أنه رغم قول بعض الخبراء إن معدل تكاثر الفيروس يتراجع على ما يبدو، "لم نشعر بذلك".

حالات خطيرة في المستشفى: ويضم مركز شعاري تسيديك الطبي في القدس 55 مريضاً بفيروس كورونا، ثلثهم تقريباً في حالة خطيرة. وخلال الأسبوعين الماضيين، اضطر إلى نقل بعض مرضاه المصابين بفيروس كورونا إلى المستشفيات في وسط البلاد، حتى يظل قادراً على تقديم العلاج للمرضى الآخرين. ويشير هذا إلى أنه إذا استمر هذا الوضع الحالي فقد تتعرض المستشفيات في المناطق التي لا تتركز بها أعداد كبيرة من مرضى فيروس كورونا إلى أعباء أكبر.

من جانبه قال الدكتور جوزيف مندلوفيتش، نائب المدير الطبي في مركز شعاري تسيديك، إن حجم العمل كان أقل خلال الموجة الأولى من الفيروس، لأن المرضى غير المصابين بفيروس كورونا كانوا بعيدين إلى حد كبير.

كما أضاف: "لكن كان من الواضح أن هذا كله كان مؤقتاً، ففي الموجة الثانية أصبحت المستشفيات التي تضم 1000 سرير مشغولة بالكامل، ويوضع المرضى في الممرات". 

يُشار إلى أن العناية المركزة هي الحلقة الأضعف في مركز شعاري تسيديك أيضاً. يقول مندلوفيتش: "لدينا نقص كبير في الموظفين، وخفضنا حجم النشاط في العناية المركزة العادية لتحويل الموظفين" إلى وحدة العناية المركزة الخاصة بفيروس كورونا.

إلى ذلك قال: "نحن حريصون على تجنُّب خفض مستوى الرعاية، لكننا ندفع ثمن ذلك. يضغط العاملون على أنفسهم إلى أقصى الحدود، ويعملون في نوبات إضافية، ولا يأخذون إجازات. ونحن ما زلنا في الصيف، ولم نصل بعد إلى ذروة موسم دخول المستشفيات، الذي يأتي في الشتاء".

عنبر واحد فقط لكورونا: كما أغلق مركز رمبام الطبي في حيفا وحدة العناية المركزة الخاصة بالأمراض الباطنية لدعم عنابر فيروس كورونا. يقول الدكتور مايكل هالبرتال، مدير المركز، إن رامبام يعاني دوماً من ضغط عمل هائل "لأن المرضى المصابين بأمراض خطيرة من الشمال بأكمله يأتون إلينا". إلا أنه، حتى وقت قريب، كان يضم عنبراً واحداً فقط لفيروس كورونا.

حيث قال: "لكن طُلب منا فتح عنبر آخر، واضطررنا لإغلاق وحدة العناية المركزة الخاصة بالأمراض الباطنية لنتمكن من ذلك، والآن نعمل بأقصى جهدنا لمحاولة علاج كل من المرضى المصابين بفيروس كورونا وغير المصابين به، باستخدام جميع وحدات العناية المركزة الأخرى بالمستشفى: وحدة العناية المركزة الخاصة بالجراحة، والوحدة الخاصة بأمراض القلب، وحتى وحدة العناية المركزة الخاصة بالأطفال".

ويضم المستشفى 10 مرضى مصابين بفيروس كورونا، ويتصل 6 من هؤلاء بأجهزة تنفس صناعي، منهم اثنان متصلان بالأكسجة غشائية خارج الجسم ECMO، أو ما يُعرف بنظام دعم الحياة خارج الجسم.

وفي مركز شيبا الطبي في تل هشومير، خُفض عدد أسرة العناية المركزة العادية إلى النصف لأن الكثير من العاملين في وحدة العناية المركزة نُقلوا إلى وحدة العناية المركزة الخاصة بفيروس كورونا. ومعظم مرضى فيروس كورونا في شيبا البالغ عددهم 33 مصابون بدرجة خطيرة من المرض، ومنهم تسعةٌ متصلون بأجهزة التنفس الصناعي.

400 حالة خطيرة: يقول البروفيسور إيهود غروسمان، مدير قسم الأمراض الباطنية بالمركز: "لدينا أربعة مرضى متصلون بالأكسجة الغشائية خارج الجسم، وهذا يتطلب جزءاً كبيراً من طاقم وحدة العناية المركزة لدينا. وقد خفضنا عدد الأسرّة للمرضى العاديين بأكثر من 50%. ومرضى فيروس كورونا بحاجة إلى الكثير من الطاقة والموارد".

كذلك أوضح أن "علاج الأكسجة الغشائية خارج الجسم يتطلب وجود موظف مع المريض طوال الوقت. وبالنظر إلى الظروف التي يعمل في ظلها الموظفون، وهم يرتدون معدات الحماية، يضطر كل واحد منهم إلى المغادرة بين الحين والآخر، ما يقتضي أن يحل شخص آخر محله، حيث لا ينبغي ترك المريض دون ملاحظة".

أضاف البروفيسور غروسمان أنه "بناءً على النماذج والتوقعات التي قُدمت لنا، كان من المفترض أن يوجد لدينا حوالي 310 حالات خطيرة على مستوى البلاد. لكننا اقتربنا من 400 حالة بالفعل. حتى قبل أيام قليلة، كان عدد المرضى الذين يستخدمون أجهزة التنفس الصناعي 99 مريضاً، والآن يبلغ عددهم 118 مريضاً، لكن هذه التوقعات لم تتحقق بالكامل".

غروسمان ختم كلامه بالقول: "نحن على حافة الهاوية، إذا ظل الوضع كما هو ولم يفعل أحد شيئاً، فسنصل إلى مرحلة الانهيار".

علامات:
تحميل المزيد