ما تشهده إسرائيل هذه الأيام من أحداث داخلية لرفض وجود نتنياهو في سدة الحكم، قد تزجّ به في السجن. إذ بات يدرك الداخل الإسرائيلي حقيقة أن حزب الليكود بقيادة نتنياهو يدفعه إلى أزمات لا نهاية لها، فقام بهذه الانتفاضة الداخلية من أجل إسقاطه وإبعاده عن السلطة كي تكون نهايته في السجن.
هذا الأمر أدركه نتنياهو تماماً فبدأ يوسع رقعة الحشود العسكرية على الحدود، فتارة يحشد ضد لبنان ويزعم بأن هناك هجوماً من قبل المقاومة فقام برد وهمي وفاضح، وهذا ما تنفيه المقاومة اللبنانية بأنها لم تحرك ساكناً؛ وتارة يقوم بقصف غزة بطريقة همجية كي يجر المقاومة إلى حرب، وهذا الذي تعرفه المقاومة وتريد أن تضيّع الفرصة عليه كي يبقى في الحكم في حال اندلعت أي حرب على إسرائيل.
يحاول نتنياهو التشبث بالسلطة بكل الوسائل والطرق، لكنها مغلقة بوجهه من كل الجهات. فقرار الضم أصبح فاشلاً ومرفوضاً من قطاعات لها وزنها في الداخل الإسرائيلي ودول العالم بشبه إجماع ما عدا النسخة الترامبية من أمريكا. والجيش الإسرائيلي لا يستطيع السيطرة على كل شبر في الداخل الفلسطيني، وإذا ما توسعت الرقعة المضطربة والمتوترة لتشمل جهات الداخل والخارج سيكون وجود نتنياهو حينها بمثابة العبء الثقيل على مؤسسة لها وزنها في القرار السياسي الإسرائيلي.
تلك الأحداث داخل الكيان الإسرائيلي الرافضة لوجود حزب الليكود في الحكم، تعرف وتعي أن استمرارهم في قيادة إسرائيل سيوصلهم إلى نهايتهم الحتمية، ونتنياهو سواء علم هذا الأمر أم لم يعلم فهو يدافع بكل ما يملك كي لا يكون في السجن، وما يسعى إليه الإسرائيليون هو إسقاط نتنياهو عن الحكم كي تكون هناك محاكمة عادلة ضد الفاسدين.
وفي حال قرر نتنياهو المقامرة والزج بالكيان الإسرائيلي في معركة خارجية، في حال قام بأي عمل عسكري غير محسوب سيكون ردة الفعل قوية جداً من الطرف الذي سيعتدي عليه. فالمقاومة اللبنانية توعدت برد قوي وحاسم بعد عملية الاغتيال لأحد عناصرها في سوريا، إلا أن انفجار بيروت وما تلاه من تبعات أجّل ذلك الرد كما يبدو. والمقاومة الفلسطينية على أهبة الاستعداد للرد بطريقة لم يعتد عليها نتنياهو، إلا أنها لا تريد أن تكون المبرر لبقاء نتنياهو في السلطة أو المنفذ السياسي له.
الوضع الداخلي الإسرائيلي الآن في وضع لا يحسد عليه، فبدأت ورقة التوت تسقط تدريجياً بعد تلك الأحداث، فقرار الضم فشل كما يبدو، وصفقة القرن مرفوضة من قبل الشعوب العربية، والتطبيع الذي تغنى به نتنياهو أصبح ضرب من الماضي وتلاشى إلا عند بعض حكام العرب.
وفي خضم تلك الأحداث الأخيرة التي تعيشها إسرائيل، لا يحصل الليكود على الدعم الكافي من حلفائه الخارجيين. فالولايات المتحدة الأمريكية تحت قيادة ترامب، وما تمر به من أزمات داخلية تخلت عن معظم حلفائها في العالم، وتحاول حل مشاكلها الداخلية وهي تعاني من تفشي فيروس كورونا المستجد.
وفي نفس الوقت، يشتعل لهيب الانقسام السياسي مع قرب انتهاء ولاية ترامب وبدء الاستعداد للانتخابات القادمة، والرؤيا الضبابية هل سيبقى في الحكم أم سيرحل؟
كما أن التهديد الإيراني للقوات الأمريكية بإخراجها من شرق آسيا أصبح يتعاظم شيئاً فشيئاً، وحالة الاهتزاز الداخلي والخارجي التي تعيشها أمريكا هذه الفترة غير مسبوقة من الداخل أو الخارج. هذه الأحداث جعلت إسرائيل وحدها تعارك محور المقاومة المدعوم إيرانياً، وهي لا تستطيع الوقوف بوجه هذا المحور إلا إذا كانت مدعومة من قبل دول عظمى مثل أمريكا، وهذا أيضاً تلاشى بسبب الأحداث الدائرة في العالم وخصوصاً في أمريكا.
إذاً، نحن نشهد نهاية نتنياهو في الربع ساعة الأخيرة من الأحداث غير المسبوقة في العالم وخصوصاً داخل الكيان الإسرائيلي، من فشل تلو فشل سواء كان في تطبيق صفقة القرن أو قرار الضم أو التعامل مع تفشي فيروس كورونا.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.