المغرب رفض إجلاء إسرائيليين من أراضيه، فغضبت الإمارات.. كيف قادت أبوظبي حملة تشويه للرباط؟

عربي بوست
تم النشر: 2020/04/29 الساعة 13:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/04/29 الساعة 14:43 بتوقيت غرينتش
ملك المغرب محمد السادس

منذ أن أعلن المغرب موقفه من الأزمة الخليجية، وفضَّل عدم قطع علاقاته مع قطر بعد الحصار والتزم الحياد، والعلاقات بينها وبين الإمارات في توتر مستمر.

وبعد حملة التشويه التي شنتها حسابات على "تويتر" محسوبة على الإمارات ضد الحكومة المغربية، احتدت الأزمة أكثر، زاد من وطأتها تصريح إعلامي سعودي يدعى فهد الشمري، وصف المملكة المغربية بدولة "طرابيش" يعتمد اقتصادها على "السياحة الجنسية"، وأن "المغرب يُفتخر بدخول 12 مليون سائح للبلاد وجني 8 مليارات دولار من ورائهم، وجلب عملة صعبة تقدر بـ60 مليار دولار سنوياً من خلال تحويلات نسائهم من البغاء عبر العالم".

إجلاء الإسرائيليين.. الإمارات تفسد الخطة 

يتعرض المغرب منذ أيام لحملة تشويه واسعة من منابر إعلامية تابعة لدول عربية، بعضها نشر أن كورونا تسبب في مئات الوفيات وآلاف الإصابات بالمغرب، وهو الأمر العاري من الصحة، وهي نفس المعلومات التي تبنتها صحف بالجزائر التي يقال إنها "حاصلة على دعم إماراتي".

لكن التوتر المتصاعد بين الرباط وأبوظبي لا يزال مستمراً، هذه المرة بسبب إسرائيليين عالقين بالمغرب، بعد توقف الملاحة الجوية والبحرية بالمملكة للحد من انتشار فيروس كورونا.

وبعد أن كان مواطنون إسرائيليون ينتظرون العودة إلى ديارهم بحلول عطلة عيد الفصح، بعد أن سبق وأن أبدى المغرب موافقته على إجلائهم، بحسب ما نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، أفسد دخول الإمارات على الخط كل تلك الخطط.

إذ أوقفت المملكة المغربية عملية الإجلاء بعد أن تبادر إلى علمها تنسيق الإمارات العربية المتحدة مع إسرائيل من أجل إعادة مواطنيها العالقين في رحلة مشتركة بطائرة تابعة للخطوط الإماراتية دون الرجوع إلى المغرب الذي يحظر دخول طائرات شركة "إل عال" الإسرائيلية لمجاله الجوي.

وعلى الرغم من أن الإمارات سبق لها وأن أجْلَت 180 من مواطنيها، إلا أن 74 آخرين لم يتمكنوا من السفر بعد، لتقوم الإمارات بالاتصال بإسرائيل عارضة عليها إجلاء الإماراتيين والإسرائيليين عبر رحلة واحدة، حسب الصحيفة الإسرائيلية.

يشير التقرير الصحفي إلى أن إسرائيل وافقت على العرض الإماراتي قبل أن يعبر المغرب عن غضبه بسبب أن الطرفين توصّلا إلى اتفاق من هذا الحجم دون الرجوع للسلطات المغربية واستشارتها.

 شامة درشول وهي متخصصة في الإعلام والقوى الناعمة، قالت لـ"عربي بوست" إن 50 إسرائيلياً، زاروا المغرب بغرض السياحة، لا يزالون عالقين، وإنها حين تواصلت مع بعضهم أكدوا لها أنهم يحظون بـ"عناية وأنهم في الأول والأخير في بلدهم"، وفق تعبيرها، إلا أن ما أزعجهم تزامن الحظر وإغلاق الحدود مع عيد الفصح المقدس عند اليهود.

قرار مغربي يُتخذ في الخليج

من جانبها قالت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، في تقرير عنونته بـ"استيقظ المغاربة ذات صباح واكتشفوا أن قائداً آخر يحكمهم من الخليج"، في إشارة لاتخاذ الإمارات لقرار سيادي يخص أشخاصاً عالقين على أرض مغربية دون استشارة المغرب، وأكدت أن الموقف كشف "صراعاً جديداً بين دولتين عربيتين".

الصحيفة أشارت إلى أن السلطات المغربية لم تسمح منذ عقود ولو برحلة واحدة مباشرة بين المملكة وإسرائيل، إلا أن شركة طيران أجنبية صديقة كانت مستعدة لإنجاز المهمة، ليبقى السؤال الذي طرح هو: "من سيُموِّلها؟".

وأوضح التقرير الصحفي أن الحكومة الإسرائيلية لا تدفع ثمن رحلات الإجلاء البالغة تكلفتها قرابة 100 ألف دولار، تاركةً أمر الدفع للمواطنين الذين تقطعت بهم السبل.

في هذه المرحلة دخلت الإمارات على الخط، مقترحةً على السلطات الإسرائيلية إرسال طائرة نيابة عنها لإحضار المواطنين الإماراتيين في رحلة إجلاء ثانية، على أن تُحضر معهم المواطنين الإسرائيليين العالقين، بحسب ما تقول الصحيفة.

بعد الوصول لاتفاق بين الإمارات وإسرائيل، فتحت الأخيرة خط التواصل مع الرباط، والنتيجة غضب مغربي من الإمارات ومنع رحلة الإجلاء على الرغم من أن الطائرة إماراتية ومعظم الركاب إماراتيون.

بهذا الخصوص تشير شامة درشول إلى أن ما حدث وضع الحكومة الإسرائيلية تحت الضغط، خاصةً أن عدداً من اليهود المغاربة الذين كانوا في زيارة لأسرهم بالمغرب توفوا نتيجة الإصابة بفيروس كورونا، من بينهم ثلاثة أفراد من عائلة وزير الدفاع الإسرائيلي السابق عيمير بيريتز.

الإمارات.. القائد الجديد للمنطقة

خطوة الإمارات، بحسب التقارير الإسرائيلية، رغبة في أن تكون هي القائد الجديد للمنطقة، وأن تأخذ مكان مصر والسعودية.

لكن الأزمة بين الإمارات والمغرب كانت بسبب اعتراض المغرب على محمد دحلان خليفاً للسلطة الفلسطينية، في الوقت الذي تدعمه الإمارات، إضافة إلى أنها تريد أن تكون "عرابة السلام" في المنطقة، وهذا ما يفسر لماذا تتم عمليات الإجلاء تحت اسم "أبوظبي الإنسانية".

 تأزيم الوضع بين الرباط وأبوظبي

ذهبت درشول إلى القول إن مشكلة هذه الخطوة ليست في اقتراح الإمارات المساعدة على إسرائيل، بل في عدم تواصل الإمارات مباشرة مع المغرب، "كان يمكن للأمور أن تتم بشكل جيد لو أن الطريقة كانت جيدة".

ما وقع جعل المغرب غاضباً، مقرراً تأجيل إجلاء الإسرائيليين والإماراتيين معاً، ولتدافع إسرائيل عن نفسها أمام المغرب بدأت بتصدير تقارير صحفية تكشف فيها عن تشبثها بالعلاقات مع المغرب، وأن العلاقة مع الإمارات تقوم على "الأمن والبيزنس" في حين أن العلاقة مع المغرب قائمة على "القلب والروح". 

توتر ليس بالجديد

خبر الطائرة الإماراتية التي كانت ستعمل على إجلاء إسرائيليين دون العودة للسلطات المغربية، تسببت في عاصفة على مواقع التواصل الاجتماعي، في تزامن مع تصويب الإمارات مدفعيتها الإعلامية ضد المغرب.

وتأتي هذه التطورات في ظل الحديث عن تدهور غير مسبوق في العلاقات بين المغرب والإمارات، والذي يرجع بشكل رئيسي إلى الموقف العلني الذي كشف عنه المغرب من الأزمة الخليجية، بعد أن فضَّل عدم قطع علاقاته مع قطر، والتزام "الحياد".

علاقة الرباط وأبوظبي متذبذبة وتتراوح ما بين الفتور والتوتر، الأمر الذي برز مؤخراً عبر سحب البلدين سفراءهما دون تقديم تفسيرات رسمية واضحة، تاركين المجال مفتوحاً أمام التكهنات والتأويلات.

قبل أيام قليلة، استهجن مواطنون مغاربة حملة إلكترونية واسعة على شبكات التواصل الاجتماعي، ضد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني وحزب العدالة والتنمية الإسلامي القائد للائتلاف الحكومي محذرين مما سموها "ثورة جوع بالمغرب".

نشطاء مغاربة اعتبروا أن الإمارات هي مَن وراء حملة الانتقادات، فيما انبرت قناة "العربية" السعودية الموجودة بالإمارات إلى مهاجمة المغرب وسياساته لمواجهة كورونا.

وقبل عام، غادر السفير الإماراتي بالرباط علي سالم الكعبي، فجأة، بناءً على "طلب سيادي عاجل" من أبوظبي، وسط صمت رسمي من الجانبين.

ورغم عدم إعلان المغرب رسمياً عن قراره بسحب سفيره، فإن تقارير إعلامية أفادت باستدعاء الرباط سفيرها من العاصمة الإماراتية أبوظبي، كما طال الاستدعاء أيضاً قنصلي المغرب بدبي وأبوظبي، بالإضافة إلى تخفيض الحضور الإداري للموظفين في سفارة المغرب بأبوظبي وقنصليته بدبي.

علامات:
تحميل المزيد