163 عاماً ولاتزال القطارات في مصر تسير على القضبان الحديدية من دون توقّف، آلاف الرحلات تقطعها سنوياً، على شبكة ممتدة في سائر أنحاء البلاد.
القطارات في مصر
إنها شريان مصر وعروقها، فصفارات الرحلات القادمة والمغادرة لا تتوقف أبداً، تغطي جميع المدن وتنقل يومياً ما يزيد عن مليون مسافر.
كيف بدأت حكاية القطارات في مصر؟ ومن أدخلها؟
تعتبر مصر ثاني دولة في العالم التي تدخل السكك الحديدية إلى أرضها بعد إنجلترا، كما تعد الأولى التي يتم إنشاؤها في أفريقيا والشرق الأوسط.
حيث بدأ إنشاؤها في خمسينيات القرن التاسع عشر، وتحديداً يوم 12 يوليو/تمّوز عام 1851 وبدأ تشغيلها في العام 1854.
فرنسا أبعدت محمد علي باشا عن فكرة القطار وأقنعته بشق قناة السويس
فكرة السكة الحديد بدأت قبل "قناة السويس"، منذ عهد "محمد علي باشا"، بعد أن عرضت عليه "إنجلترا" مد خط قطار يربط بين "السويس والإسكندرية" في العام 1834.
لتسهيل حركة التجارة ونقل البضائع، بدلاً من تفريغها من السفن وتحميلها على الجمال إلى الميناء الآخر.
حيث بدأ إنشاؤها في 1834 إذ مدت قضبان خطوط السكة الحديد فعلاً وقتها في خط السويس – الإسكندرية، إلا أن العمل ما لبث أن توقف بسبب فرنسا.
حيث وقفت بالمرصاد لهذه الفكرة لأسباب سياسية ومنافسة لإنجلترا وطامعة في مصر، ونجحت في إثناء "الباشا" عن فكرة "القطار" وحثه على شق قناة السويس.
لتنجح بعدها من خلال "الفرنسي ديليسبس" في تنفيذ فكرة "شق قناة السويس" وإدارتها من خلال شركة فرنسي.
الخديوي عباس الأول يوقع اتفاقية إنشاء أول خط حديدي في مصر مع إنجلترا
ثم أحيت الفكرة من جديد في العام 1851 حيث وقّع الخديوي عباس الأول مع البريطاني "روبرت ستيفن سن" وهو نجل جورج ستيفن سن مخترع القاطرة الحديدية عقداً بقيمة 56 ألف جنيه إنجليزي لإنشاء خط حديدي يربط بين العاصمة المصرية والإسكندرية بطول 209 كيلومترات.
وشهد عام 1854 تسيير أول قاطرة على أول خط حديدي في مصر بين القاهرة ومدينة كفر الزيات في منطقة الدلتا، واكتمل الخط الحديدي الأول بين القاهرة والإسكندرية عام 1856.
وبعد عامين تم افتتاح الخط الثاني بين القاهرة والسويس، ثم بدأ إنشاء خط القاهرة – بورسعيد بعد عامين آخرين، ولم يشرع في إنشاء خط حديدي في صعيد مصر إلا في عام 1887.
ازدهار السكك الحديدية في زمن الخديوي إسماعيل
في عهد الخديوي إسماعيل1863 ـ 1879 تم إصلاح أحوال السكة الحديد، وبذل الخديوي إسماعيل جهداً كبيراً لمدها في كافة أنحاء القطر.
وذلك لنشر العمران، ولتسهيل حركة التجارة والانتقال بين المناطق المختلفة، وقد امتدت خطوط السكك الحديدية (قطار مصر اسكندرية)من أقصى جنوب مصر (جنوب وادي حلفا) إلى أقصى شمالها (الإسكندرية) فضلاً عن مدن الدلتا والفيوم.
في عام 1898 بدأ إنشاء الخط الحديدي الثالث من القاهرة إلى الأقصر أقيمت شركة خاصة تولت مد خط السكك الحديدية إلى مدينة أسوان في أقصى الجنوب باسم شركة قنا أسوان للسكك الحديدية.
بعد دخول البريطانيين للسودان عام 1899 قررت سلطات الاحتلال تعديل خط القطار من الأقصر حتى أسوان ثم الشلال الأول في أقصى جنوب مصر؛ ليصبح امتداداً طبيعياً لشبكة السكك الحديدية في مصر. وتم ذلك المشروع عام 1926 حيث امتد الخط إلى وادي حلفا داخل الحدود السودانية.
قطارات الضواحي بمصر
دخلت مصر عصر قطارات الضواحي عندما تم مد خط قطارات حلوان الذي يربط بين قلب القاهرة بضاحية حلوان خلال الفترة من 1870 حتى 1872.
وسرعان ما انتشرت في القاهرة خطوط قطارات المدن "الترام" وتولت إدارته شركة بلجيكية وشركة فرنسية وأصبحت هذه القطارات وسيلة المواصلات العامة الأولى في عاصمة مصر خلال الربع الأول من القرن العشرين.
وأثناء الحرب العالمية الأولى بدأ الإنجليز يفكرون في إقامة خط للسكك الحديدية يربط بين مصر وفلسطين لخدمة المجهود الحربي.
وبالفعل بدأ العمل في بناء الخط من القنطرة شرق على الضفة الشرقية لقناة السويس، وحتى غزة. واكتمل البناء عام 1918.
وأدى اندلاع الحرب العالمية الأولى 1914 – 1919 ، وبعدها اندلاع الحرب العالمية الثانية 1940 – 1945 إلى ازدياد أهمية السكك الحديدية لدى البريطانيين لاستخدام تلك الخطوط في نقل العتاد والذخائر والجنود واعتمادها الرئيسي على تلك الخطوط في النقل.
بعد ثورة 23 يوليو/تموز 1952 اهتمت حكومة الثورة بتطوير تلك الخطوط وإمدادها بالعربات لنقل المواطنين وأدى الاهتمام ببناء السد العالي إلى الاهتمام بخطوط السكك الحديدية في نقل أدوات البناء اللازمة والمهمات للعاملين في هذا المشروع الضخم.
عصر الانحطاط.. تطوير وصيانة القطارات توقف منذ تولي حسني مبارك الرئاسة
منذ تولي حسني مبارك سدة الحكم في مصر في العام 1981 خلفاً للرئيس أنور السادات، لم تشهد محطات القطارات أو السكك الحديدية أي تطوير يذكر.
فقد بدأت القطارات في التهالك شيئاً فشيئاً وأصبحت في حالة يرثى لها، كما بدأت المعاناة اليومية للمسافرين في المحطات المزدحمة، وسط إهمال ولا مبالاة من قبل الحكومة.
مليار جنيه مصري كلفة مشروع فاشل قام به مبارك
في العام 1996، قام حسني مبارك، بافتتاح خط السكة الحديدية بمحافظة الوادي الجديد والذي يربط المحافظة بمحافظة البحر الأحمر، بتكلفة بلغت مليار جنيه مصري حين ذاك.
وكان الهدف من هذا المشروع نقل الفوسفات المستخرج من منجم أبوطرطور غرب مركز الخارجة، إلى ميناء سفاجا بالبحر الأحمر.
وكذلك نقل الركاب من الوادي الجديد إلى محافظتي الأقصر وقنا، وربط قرى مركزي الخارجة وباريس.
وفجأة توقف حلم أبناء الوادي الجديد لربط المحافظة بالصعيد، من خلال خط سكة حديد، وأصبح الحلم سراباً.
وذلك بعد اكتشاف عدة مشكلات واجهت المشروع وتسببت بفشله، كان أبرزها زحف الكثبان الرملية على خطوط السكة الحديدية في العديد من المواقع والأماكن التي يمر بها شريط السكة الحديد.
وهو ما أدى إلى توقف حركة السير على القضبان وأنذر بفشل المشروع، نظراً للتكلفة المرتفعة لإزالة هذه الكميات الكبيرة من الكثبان الرملية.
وبعد فترة من الزمن قامت هيئة السكك الحديدية، بسحب الموظفين العاملين بالمشروع بمحطة قطار الخارجة، إلى محافظات الصعيد.
وتركت المحطات التي كان من المفترض أن تكون واجهة حضارية لهذا المشروع لتصبح خراباً.
الإهمال والاستخفاف بحياة الناس في زمن عبد الفتاح السيسي
معاناة يومية سمتها الإهمال واللامبالاة والاستخفاف بحياة ملايين المواطنين من الطلاب والموظفين منذ انقلاب عبدالفتاح السيسي.
فغالبية القطارات أصبحت تتأخر عن موعد انطلاقها لمدة تصل إلى ساعات، لترى الناس على أرصفة المحطة يفترشون الأرض.
معاناة الركاب لم تتوقف عند هذا الحد، فالقطارات التي أصبحت في حالة يرثى لها، فالكراسي متهالكة والنوافذ بلا زجاج.
الأمر الذي يصيب الركاب بالإنفلونزا في فصل الشتاء فضلاً عن الزحام الشديد الذي تشهده العربات ويؤدي إلى نقل الأمراض المعدية بين الركاب، ومنها إنفلونزا الخنازير وهو ما يشكل رحلة عذاب مزدوجة للركاب.
إضافة إلى الروائح الكريهة التي تنبعث من كل مكان نتيجة إهمال الهيئة الصيانة والنظافة رغم إنفاقها ملايين الجنيهات لتجديد واجهة المحطة.
ولم يقتصر الأمر على الزحام وتهالك القطار بل امتد إلى انتشار الحشرات والقوارض في عرباته.
ودائماً ما تشهد محطات القطار مشادات كلامية تصل حد الاشتباك بين الركاب والصرافين بسبب استمرار رفع أسعار التذاكر.
السكك الحديدية.. شبكة عنكبوتية تربط جميع الموانئ ببعضها
يبلغ طول سكة الحديد في مصر نحو 9 آلاف و570 كم وتسير في اليوم الواحد نحو 920 رحلة.
بالإضافة إلى 6 ملايين طن بضائع في العام، وذلك يمثل فقط 1,2% من حجم البضائع التي تنقل من حركة القطارات في مصر.
كما تربط السكك الحديدية جميع الموانئ الرئيسية بوصلات حديدية تربطها بشبكة سكك حديد مصر.
محطات القطار في مصر
بلغ إجمالي عدد المحطات 705 محطات رئيسية وفرعية ومتوسطة منها:
محطات رئيسية 22 محطة.
محطات مركزية 59 محطة.
محطات متوسطة 60 محطة.
محطات صغيرة بعدد 564 محطة.
نقل الركاب: 500 مليون راكب سنوياً (حوالي 1.4 مليون راكب يومياً).