في الوقت الذي ينتظر فيه ملايين السودانيين القرارات التي ينوي الرئيس السوداني، عمر البشير، اتخاذها لتهدئة الشارع بعد شهرين من التظاهرات، كشفت مصادر خاصة وجود حزمة من الإجراءات سيعلنها البشير بعد قليل.
وبحسب مصادر خاصة لـ "عربي بوست"، تدور ترجيحات حول نية الرئيس تعيين وزير الدفاع السوداني عوض ابن عوف في منصب نائب الرئيس، وإقالة حكومة معتز موسى، وتكليف صلاح قوش، مدير المخابرات، تشكيل حكومة جديدة، وتعيين أسامة مختار مديراً لجهاز المخابرات العامة.
قرارات رئاسية وإعلان حالة الطوارئ
المصادر قالت لـ "عربي بوست"، إن الرئيس السوداني كان قد أبلغ المقربين منه، منذ أيام قليلة، نيته صرف النظر عن تعديل الدستور للسماح بزيادة عدد فترات الرئاسة، من أجل تمديد فترة حكمه، وإنه ينوي اختيار خليفة له من القوات المسلحة.
بعض قيادات الحزب الحاكم تتفهم هذه الخيارات في ظل الأجواء المشتعلة الحالية، لكن الشخص الذي يرغب فيه الرئيس البشير نائباً له "متردد في قبول المنصب حتى الآن، ويُفترض أن يكون قد حسم قراره قبل اجتماع المكتب القيادي للحزب الحاكم المقرر الجمعة 22 فبراير/شباط 2019″، حسب المصدر.
وكانت وسائل إعلام سودانية تحدثت عن احتمال إعلان الرئيس السوداني، مساء الجمعة، عقب خطاب رئاسي، عن سلسلة من القرارات تتعلق بحل الحكومة وإعادة هيكلة مؤسسة الرئاسة.
مبادرة أو صفقة أمريكية
تأتي هذه القرارات المرتقبة، في ظل الحديث عن وجود مبادرة أمريكية تتضمن خروجاً آمناً في حال تنحي البشير عن السلطة.
فقد أوفدت واشنطن مساعد مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي عن القضايا الإفريقية سيريل سارتر، الذي قدم إلى السودان حاملاً مبادرة تتضمن التصور الأمريكي للحل في السودان.
وتحدث الصحفي باتريك سميث، المتخصص بالشؤون الإفريقية ورئيس تحرير "أفريكا كوندينشال"، في حوار إذاعي على "بي بي سي"، عن مبادرة أمريكية تتضمن توقف البشير عن محاولة الترشح للرئاسة، وتشكيل حكومة انتقالية، مقابل خروج آمن من السلطة وتجميد قرار مدعي المحكمة الجنائية الدولية الصادر بحقه بشأن دارفور.
وزعم سميث أن هذه المبادرة تنال قبول الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن.
وبحسب موقع هيئة الإذاعة البريطاني "بي بي سي"، فإن اجتماعاً سرياً عُقد بين ممثلي الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن بشأن إيجاد خروج آمن للرئيس السوداني، وتعليق قرار القبض عليه الصادر من المحكمة الجنائية الدولية، مدة عام قابلة للتجديد.
ولم تستطع بعض المبادرات الوطنية كسر حدة الاستقطاب، إذ ترفض الحكومة أي مبادرة لا تتأسس على ما تسميه الشرعية الدستورية، في حين ترفض المعارضة أي مبادرة لا تتضمن إسقاط النظام.
لا تعليق حكومياً على المبادرة
ولم تعلق السلطات على هذه التسريبات الصحفية، في حين نددت أحزاب وحركات معارضة، أبرزها المتحدث باسم حركة عبد الواحد محمد نور (جيش تحرير السودان)، الذي أصدر بياناً يحذر فيه المجتمع الدولي من "أن تكون هذه المبادرة تشجيع على ارتكاب جرائم الحرب، مذكِّرة بالتجربة اليمنية التي أعطت الحصانة للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح".
وعن المبادرات الداخلية، فقد صرَّح مدير جهاز الأمن والمخابرات السوداني، صلاح عبد الله قوش، في البرلمان، برفض الحكومة أي مبادرات لا تحترم الشرعية الدستورية القائمة، في إشارة رافضة لمبادرة الإصلاح والتنمية، التي قدمها 52 شخصية عامة للرئيس، أبرزهم رئيس الوزراء السابق الجزولي دفع الله، والتي دعت إلى تنحي الرئيس باعتبار ذلك خطوة أولى نحو الحل.
استياء من قيادات المعارضة
يأتي هذا في الوقت الذي أبدى فيه قياديون بحزب المؤتمر الشعبي المعارض "استياءهم الشديد" من اللقاء الذي تمَّ ليلاً بين الرئيس البشير والأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي، علي الحاج محمد.
وقال قياديون لـ "عربي بوست"، إن الرئيس البشير غير جاد في خطواته نحو حل الأزمة، محذرين من إقدامه على إعلان حالة الطوارئ، أو التنكر لمخرجات الحوار الوطني، وفتح السجون والمعتقلات للسياسيين، وإعلان حكومة ذات طابع عسكري.