أطلقت الشرطة السودانيّة الغاز المسيل للدموع على محتجّين نظّموا تجمّعات في العاصمة الخرطوم، الأحد 27 يناير/كانون الثاني 2019، بعدما دعا تجمّع المهنيّين السودانيّين إلى مزيد من التظاهرات المناهضة لحكم الرئيس عمر البشير المستمرّ منذ 3 عقود.
من جهته، قال البشير الذي يزور القاهرة للقاء نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، إنّ الإعلام يضخّم الاحتجاجات والمشاكل التي يواجهها في بلاده.
ويشهد السودان منذ أسابيع احتجاجات اندلعت بعد قرار الحكومة زيادة أسعار الخبز ثلاثة أضعاف.
وقد انتشرت التظاهرات وتحوّلت لتجمّعاتٍ في جميع أنحاء البلاد ضدّ حكم البشير الذي تولّى السلطة في انقلاب دعمه الإسلاميون في 1989.
وقال مسؤولون إنّ نحو 30 شخصاً قُتلوا في الاحتجاجات التي اندلعت في 19 ديسمبر/كانون الأول في مدينة عطبرة وامتدّت إلى الخرطوم وبقيّة أنحاء البلاد، بينما تقول جماعات حقوقية إنّ عدد القتلى يزيد على 40 شخصاً بينهم عاملون في المجال الطبي وأطفال.
احتجاجات رغم الإجراءات الأمنية
والأحد، خرج محتجّون إلى شوارع الخرطوم وأمّ درمان للاعتصام في العديد من الساحات استجابةً لدعوة تجمّع المهنيين السودانيين الذي يقود حملة التظاهرات التي تشهدها البلاد منذ 19 ديسمبر/كانون الأول.
إلا أنّ الانتشار الواسع لشرطة مكافحة الشغب وعناصر الأمن منع المحتجّين من التجمّع في العديد من المواقع، بحسب شهود.
وبعد ذلك، بدأ المحتجّون بالتجمّع في 3 مناطق سكنيّة في الخرطوم وفي منطقتين في أم درمان الواقعة على الضفة الأخرى لنهر النيل.
وفيما طوّقت شرطة مكافحة الشغب العديد من الساحات في الخرطوم وأم درمان حيث كان المحتجّون يعتزمون تنفيذ اعتصامات، قال هؤلاء: "أنتم الشرطة، عليكم حمايتنا".
غاز مسيل للدموع
وملأت الشرطة بعض الساحات بالمياه الموحلة لمنع المتظاهرين من التجمّع، بحسب شهود.
كما أطلقت شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع على محتجّين حاولوا التجمّع في منطقة الثورة في أم درمان، ومنطقتين في الخرطوم، بحسب الشهود.
وقالت إحدى المتظاهرات رافضةً كشف اسمها لأسباب أمنيّة: "عندما جئنا إلى الساحة للاعتصام، شاهدنا قوّات الأمن تحيط بها.. عندها قرّرنا تنظيم تجمّع في حيّ مجاور، إلا أنّ الشرطة ألقت علينا الغاز المسيل للدموع".
وقال تجمّع المهنيين المدعوم من أحزاب معارضة في بيان مشترك إنّه على الرّغم من الانتشار الأمني، فقد نجح المتظاهرون في التجمّع في 11 ميداناً وخرجوا في 6 مسيرات في أحياء سكنيّة في الخرطوم وأم درمان الأحد.
ومساء الأحد، خرجت 8 تظاهرات أخرى في أحياء عدّة في الخرطوم وأم درمان، لكنّ قوّات الأمن واجهتها بالغاز المسيّل للدموع، على ما أفاد به شهود لوكالة الأنباء الفرنسية.
وكان تجمّع المهنيّين السودانيّين دعا كذلك إلى تظاهرات ليل السبت، إلا أنّه لم تحصل أيّ تجمّعات كبيرة خلال الليل.
كما أشار التجمّع إلى اعتزامه تنظيم مسيرات الإثنين في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق ومعسكرات نازحي الدّاخل وعدد من الولايات الأخرى "لإظهار رفض شعبنا للديكتاتور".
وقمعت السلطات التي يقودها جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني، المحتجّين وقادة المعارضة والنشطاء والصحفيين في محاولة لمنع انتشار التظاهرات.
والأحد، اعتقلت قوّات الأمن أربعة صحفيين، بحسب ما ذكرت شبكة الصحفيين السودانيين غير الحكوميّة، أحدهم في إقليم دارفور غرب البلاد.
وحلّ السودان في المرتبة 174 من بين 180 دولة وفق مؤشّر حرّية الصحافة للسنوات من 2015 إلى 2018.
الإعلام "يضخّم"
على الرغم من أنّ الاحتجاجات الأولى اندلعت بسبب ارتفاع أسعار الخبز، إلا أنّ الغضب يتزايد منذ سنين بسبب تدهور الوضع الاقتصادي وظروف المعيشة في السودان.
وقد ساد هذا الغضب الشوارع، حيث يهتف المتظاهرون "حرّية، سلام، عدالة".
وأصرّ البشير على رفض مطالبته بالاستقالة.
واعتبر الأحد أنّ الإعلام يضخّم المشاكل التي يواجهها في بلاده.
وصرّح البشير في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المصري في قصر الرئاسة بالقاهرة: "هنالك مشكلة. نحن لا ندّعي أنّه لا توجد مشكلة. لكن ليست بالحجم أو بالأبعاد التي يُثيرها بعض الإعلام".
وأضاف: "هناك محاولة لاستنساخ ما يسمّى بالربيع العربي (..) نفس الشعارات والبرامج والنداءات واستخدام واسع لوسائط التواصل الاجتماعي"، في إشارة إلى الثورات التي شهدتها المنطقة عامَي 2010 و2011.
وشوهدت حشود غاضبة من المحتجّين السودانيّين في تسجيلات فيديو على الإنترنت، يهتفون: "الشعب يريد إسقاط النظام"، وهو الهتاف الذي ميّز الربيع العربي.
وحمّل البشير الولايات المتحدة مسؤولية المشاكل الاقتصادية التي تعانيها بلاده.
ورفعت واشنطن الحظر التجاري على السودان في أكتوبر/تشرين الأول 2017 بعد عقدين من العقوبات الاقتصادية الموجعة، إلا أنّ ذلك لم يساعد في إصلاح وضع البلاد المالي.