لماذا تهرب فتيات سعوديات من أسرهن؟ ولماذا لا يحميهن قانون المملكة؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/01/16 الساعة 15:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/01/16 الساعة 16:04 بتوقيت غرينتش
reuters / قانون قيادة المرأة للسيارات في السعودية لم يثني السعوديات من الهرب من المملكة

رغم إصدار قانون قيادة المرأة للسيارات في السعودية، يأتي قانون الولاية في مقدمة الأسباب التي تدفع بعض الفتيات إلى الهرب من أسرهن وطلب اللجوء في دولٍ أخرى، كما حصل مع رهف القنون.

قانون الولاية في السعودية يعامل المرأة كقاصر، حتى وإن بلغت الـ 60 من عمرها، ويضعها تحت وصاية ولاة أمرها، كالأب والزوج والأخ، حتى وإن كان يصغرها بسنوات.

قانون قيادة المرأة للسيارات في السعودية ليس كافياً

ورغم مطالبة عددٍ من ناشطي حقوق المرأة في السعودية بإلغاء قانون الولاية وقانون عقوق الوالدين، فإن الحكومة السعودية تبدو مترددة حيال هذه الملفات رغم التغييرات الاجتماعية الكبيرة التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

ففي ملف قانون الولاية، تشكو بعض الفتيات السعوديات من تعاون السلطات مع أولياء أمورهن وعدم تقديم الحماية اللازمة لأولئك اللاتي يتعرضن للاضطهاد، بل إن وزارة الخارجية تتحرك عادةً لإفشال محاولات هرب بعض الفتيات إلى بلادٍ أخرى تمنحهن حق اللجوء.

المرأة في السعودية

نظام ولاية الرجل على المرأة

تعود قوانين وتشريعات نظام ولاية الرجل على المرأة بشكلها الحالي إلى أحداث تاريخية وتغيرات اجتماعية مختلفة حدثت في المملكة العربية السعودية على مدى ثلاثة عقود.

ويمكن القول إن هذه القوانين بدأت في أواخر سبعينات القرن الماضي بشكل تدريجي، واستمرت حتى اليوم.

وأول هذه التشريعات بدأت في العام 1977، بتشريع الدولة لقوانين تحد من حرية سفر المرأة وعملها، مع فصل حاد بين الجنسين.

ويرجح البعض أن وراء بداية تشريع هذه القوانين المفاجئة قصّة هزّت المجتمع السعودي حدثت في نفس السنة (1977م)، وهي إعدام الأميرة مشاعل آل سعود، وابن السفير السعودي، بشكل "غير قانوني" من قبل أفراد في الأسرة الحاكمة.

والذي أنتج عنه التلفزيون البريطاني فيلم "موت أميرة"، وتسبب بأزمة دبلوماسية كبيرة بين البلدين عام 1980م.

وقال الباحث السياسي الأمريكي مارك واطسون، مؤلف كتاب "أنبياء وأمراء:

"بعد حادثة إعدام الأميرة بدأت سياسات فصل حاد بين الجنسين من خلال نشاط دوريات الشرطة الدينية (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) في الأسواق والمجمعات التجارية، وفي كل مكان يمكن أن يلتقي فيه الرجال والنساء".

واستمرت هذه التشريعات بالتشكل على مدار ثلاثة عقود في جميع القطاعات والمنشآت العامة والخاصة، بداية من قبل مسؤولين في أعلى هرم الدولة، نزولاً إلى الوزراء والمسؤولين والمديرين في قطاعات حكومية مختلفة في الدولة.

كل ذلك شكَّل ما يُعرف اليوم بقانون ولاية الرجل على المرأة، الذي يعتبر المرأة قاصرة، ولا يحدد سن رشد قانوني لها، ويحرمها من التمتع بحريتها واستقلالها كمواطنة.

أما الولي فلا يشترط أن يكون راشداً قانونياً، فأي ذكر سواء كان كبيراً أو صغيراً يمكن أن يكون ولياً على المرأة.

في عام 2008م، أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريراً مطولاً بعنوان "قاصرات إلى الأبد"، حول نظام ولاية الرجل والفصل الحاد بين الجنسين في السعودية، مندِّدة بهذه الانتهاكات، وتقريراً آخر "كمن يعيش في صندوق"، في يوليو/تموز عام 2016م، بعد بداية حملة إسقاط الولاية.

كيف تحاول النساء السعوديات الهرب من نظام الولاية

وفق مجلة "الإيكونوميست" البريطانية قالت إنه في الرحلات التي تقوم بها الأسر، تهرب بعض الفتيات من دون علم أحد.

كما تلجأ بعضهن إلى تأجيل العودة من البعثات الدراسية التي تتكفل بها الحكومة إلى الجامعات الغربية.

في حين تتجه أخريات لتقديم عروض الزواج عن طريق الإنترنت، وتحدثت المجلة عن سيدة تدعى "إيمان"، التي تعمل في إدارة أحد المستشفيات الخاصة في الرياض، التي تمكنت من عقد صفقة للزواج من أسترالي مقابل 4 آلاف دولار، لتنوي بعد ذلك الهرب.

"الإيكونوميست" قالت إن الأمر يتعلق بنظام الولاية الذي تتبعه المملكة، وأشارت إلى أنه يفرض قيوداً أكثر صرامة على النساء، منها المنع من قيادة السيارات.

فهناك قيود على السفر والعمل والدراسة في الخارج وتلقي العلاج في المستشفى أو الحصول على بطاقة هوية، أو حتى مغادرة السجن بعد تنفيذ الحكم، فتحتاج المرأة إلى موافقة الولي.

من المولد وحتى الموت يتم تسليم المرأة من ولي إلى آخر، من الأب إلى الزوج، وإذا مات الاثنان يتم تسليمها إلى أقرب أقاربها.

وفي بعض الأحيان يكون ابناً مراهقاً أو شقيقاً، إذ إنه على الرغم من أن الأولاد يعاملون مثل الكبار منذ سن البلوغ، فإن النساء يتلقين معاملة القُصر طوال حياتهن.

القرارات التي تتعلق بـ المرأة في السعودية

قضية رهف القنون كانت آخر محاولات الهرب التي لفتت أنظار العالم، إذ نجحت الفتاة البالغة من العمر 18 عاماً في الحصول على اللجوء الإنساني في كندا، بعد رحلة مضنية من السعودية إلى الكويت، ومنها إلى تايلاند، ثم تورنتو.

نساء هربن من السعودية إلى دول أخرى

رهف لم تكن الأولى، وقد لا تكون الأخيرة، فقد سبقها نساء أخريات هربن من السعودية، بعضهن نجح وبعضهن لم يحالفه الحظ ومصيرهن مجهول إلى الآن مثل المعلمة السعودية دينا علي (26 عاماً).

فقد كان أمامها رحلة طويلة استقلت خلالها الطائرة من السعودية إلى الكويت ومن ثم إلى الفلبين.

ومن ثَمَّ كان عليها التوجه من الفلبين إلى أستراليا لتفاجأ وهي في الفلبين بأن سلطات المطار تسوقفها، وتقرر إعادتها إلى بلدها.

دينا علي هربت من أهلها في السعودية، وأكدت عبر صفحتها على فيسبوك أنها لو عادت إلى أهلها فسوف يقتلونها.

إعادة دينا علي إلى السعودية عبر كرسي متحرك!

عندما وصلت دينا مطار مانيلا في العاشر من أبريل/نيسان 2017؛ احتُجزت من طرف السلطات الفلبينية لمدة تزيد عن 13 ساعة كما أُخدَ منها جواز سفرها.

لتتم إعادتها للسعودية في اليوم الموالي رغماً عنها وذلك بدعوى مخالفتها للقوانين السعودية التي تُقرّ بعدم سفر المرأة دون إذنٍ من وليّ أمرها.

خلّف خبر عودتها استياءً كبيراً خاصّة أنّها كانت قد أقرت باحتمالية تعرضها للقتل في حالة ما أُعيدت للمملكة.

وأفاد ناشطون سعوديون بأن دينا شوهدت في البلاد على كرسي متحرك، في حين قال ركاب عدة لرويترز إنهم رأوا امرأة تحمل على متن الطائرة تصرخ.

ولا يزال إلى الآن مكان دينا الحالي مجهولاً، إذ دعت هيومن رايتس ووتش السعودية إلى الكشف عما إذا كانت مع عائلتها أو محتجزة من قبل الدولة.

دينا علي

آمنة الجعيد.. اعتداءات جسدية عليها من قبل والدها وأخيها

في الـ25 من أكتوبر/تشرين الأول 2017، نشر حساب على موقع التواصل الاجتماعي تويتر مقطع فيديو صوَّرته المواطنة السعودية آمنة الجعيد.

وأكدت فيه أن حياتها ستكون معرضة للخطر في حال نُشر المقطع، وأن مصيرها سيكون مجهولاً، مما يوضح أن التصوير جرى في وقت سابق.

كما أشارت إلى أن والدها محمد الجعيد وشقيقها هما المسؤولان عن أي خطر تتعرض له، وطالبت المواطنين السعوديين بالاستفسار عن مصيرها من والدها في موقع التواصل الاجتماعي تويتر.

الجعيد هي شابة سعودية، ولدت في 26 أغسطس/آب 1990، وتعرَّضت للعنف المنزلي الجسدي واللفظي من قبل والدها وشقيقها، على خلفية معتقداتها الدينية.

وأجبرت آمنة على ترك الجامعة والزواج من ابن عمها، مما دفعها إلى الهروب من المنزل.

حاولت آمنة السفر إلى خارج السعودية، إلا أنها فشلت، وعندما علم والدها ذلك عنَّفها وأخذ منها جواز سفرها وأجبرها على البقاء في المنزل، ما دفعها إلى الهروب واللجوء إلى أحد معارفها.

قدَّم والدها شكوى إلى الشرطة تحت حجة التغيب عن المنزل، كما أشارت المعلومات إلى أنه أقدم على تكليف شخص بالعثور عليها بأي وسيلة، ولاحق المكلف أصدقاءها لكي يعرف مكانها.

وبعد هذه التفاصيل اختفت آمنة الجعيد من مواقع التواصل الاجتماعي ولا يزال مصيرها حتى الآن مجهولاً.

مريم العتيبي.. والدها رفع دعوى ضدها

بدأت القضية، بحسب الناشطات على تويتر، عندما تعرضت مريم العتيبي (29 عاماً) للضرب والتعنيف من قبل أحد أشقائها، ما دفعها إلى رفع قضية تعنيف ضد شقيقها.

وتوالت الأحداث لتصل إلى حد رفع والدها دعوة عقوق الوالدين ضدها ليتحم احتجازها.

وعانقت الناشطة السعودية مريم العتيبي الحرية بعد أربعة أشهر من اعتقالها، وربما النصر الأكبر لها أن الإفراج عنها كان من دون حضور أي ولي أمر لها.

تحميل المزيد