حذَّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تركيا ليلة الأحد 13 يناير/كانون الثاني من أنَّها ستواجه دماراً اقتصادياً إذا هاجمت القوات الكردية في سوريا فيما أكَّد أنَّ سحب القوات الأمريكية من هناك قد بدأ.
إذ قال في تغريدة على موقع تويتر: "سنُدمِّر تركيا اقتصادياً إذا ضربت الأكراد". وقد أقامت وحدات حماية الشعب، وهي ميليشيا كردية، منطقة حكم ذاتي شرقي سوريا بعد طرد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" منها بدعمٍ من الغرب حسب تقرير نشرته صحيفة The Times البريطانية.
وكانت الولايات المتحدة فرضت عقوبات وتعريفات جمركية على تركيا في أغسطس/آب الماضي في خضم خلافٍ بشأن القس الأمريكي الذي كان محتجزاًفي تركيا أندرو برونسون. وتراجعت قيمة الليرة التركية بقوة آنذاك. وأُطلِق سراح برونسون في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
بروز تنظيم القاعدة في إدلب بعد بدء الانسحاب الأمريكي من سوريا
ومع بدء الانسحاب الأمريكي من سوريا، سيطر متطرفون على صلةٍ بتنظيم القاعدة على معظم إدلب، وهي آخر محافظة سورية تسيطر عليها المعارضة، الأمر الذي يُعرِّض اتفاق وقف إطلاق النار الهَشّ المبرم بين الفصائل المسلحة وقوات النظام السوري للانهيار ويُهدد بإشعال معركة مدمرة جديدة.
وخلال الأيام التسعة الأخيرة، سيطرت هيئة تحرير الشام تقريباً على كل الأراضي التي كانت خاضعة لسيطرة قوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا في محافظة إدلب السورية.
لذلك فهناك تخوفات من هجوم على إدلب
وتتاخم المحافظة، الحدود التركية، وهي محاطة عملياً بقوات الرئيس السوري بشار الأسد. ويخشى سكان المحافظة أن تدفع هذه التطورات روسيا والنظام السوري لشن هجومٍ يقوم على سياسة الأرض المحروقة في إدلب، هجوم من ذلك النوع الذي كسر حالة الجمود في مناطق أخرى من سوريا ودمَّر كذلك بلدات بأكملها وأسفر عن مقتل آلاف المدنيين.
وتعهَّد النظام مِراراً بالسيطرة على إدلب لطرد المتطرفين منها، وهو ما قد يؤدي إلى حدوث كارثة بالنسبة لسكان المحافظة البالغ عددهم مليونين ونصف مليون نسمة، نصفهم تقريباً من النازحين من المناطق الأخرى. وأي معركة جديدة قد تُجبِر مئات آلاف السكان على النزوح باتجاه الحدود التركية. وتستضيف تركيا بالفعل 3.5 مليون لاجئ سوري.
وتحاول تركيا تفعيل اتفاق سوتشي لتجنيب المدينة حرباً جديدة
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد توصلا في سبتمبر/أيلول الماضي إلى اتفاقٍ في اللحظة الأخيرة في سبتمبر/أيلول الماضي يقضي بإيقاف النظام ضرباته بشرط تطهير منطقة عازلة بطول 15 ميلاً (24 كيلومتراً تقريباً) بين المعارضة وقوات النظام من هيئة تحرير الشام والجماعات المُدرَجة على القوائم السوداء للإرهاب عالمياً.
وحاولت تركيا تفعيل هذا الاتفاق عن طريق تشكيل تحالفها الخاص من قوات المعارضة، ضمن ما يُعرَف بالجبهة الوطنية للتحرير، وإرسال تعزيزاتٍ إلى نقاطها العسكرية البالغ عددها 12 نقطة على طول خط التماس.
وشنَّت هيئة تحرير الشام هجوماً على بلدة دارة عزة في 5 يناير/كانون الثاني الجاري ورفعت علمها منذ ذلك الحين على معظم مناطق إدلب، وأجبرت قوات الجبهة الوطنية للتحرير على الاستسلام في عدة مناطق وضمَّت العديد من فصائلها.
وقال أحد قادة حركة أحرار الشام، وهي إحدى جماعات المعارضة التي تنازلت عن السيطرة لصالح هيئة تحرير الشام، في تصريحٍ لصحيفة The Times البريطانية: "أصبحت إدلب بالفعل منطقة تخضع لسيطرة القاعدة".
وفرضت هيئة تحرير الشام جناحها السياسي، وهو حكومة الإنقاذ، لتولّي إدارة لمعظم مناطق إدلب، وتحل بذلك محل المجالس المحلية التي أدارت بلدات المحافظة لسبع سنوات.
وتواجه إدلب أزمة بسبب انقسام الفصائل هناك
وتُعَد إدلب مهد الجيش السوري الحر، الذي كان يتألَّف في الأصل من منشقين عن جيش الأسد. وسيطر عام 2012 على رقعة من الأرض استولى عليها من النظام السوري، لكنَّه انقسم إلى مجموعة من الفصائل المتناحرة وواجه صعوباتٍ للحفاظ على سيطرته في وجه الجماعات المتطرفة متزايدة القوة.
ومع ذلك، تمكَّنت عدة مدن في إدلب من إجراء انتخاباتٍ لاختيار مجالس محلية تدير الخدمات داخل المحافظة مثل المدارس والجامعات. إلا أنَّ هيئة تحرير الشام رفضت الديمقراطية والعلمانية وفضَّلت الشريعة.
وأمرت حكومة الإنقاذ بإغلاق كافة المحال التجارية أثناء صلاة الجمعة. وقال السكان إنَّ الحكومة فرضت جباية على العقارات والشركات كي تجمع الأموال. وقال صحفيون وناشطون محليون إنَّ المتطرفين يحكمون بقبضةٍ صارمة مثلما فعلت حكومة الأسد. وقال أحد الصحفيين: "انتظرتُ أسبوعاً للحصول على تصريحٍ من هيئة تحرير الشام لإعداد تقرير".
ونقلت تركيا قواتها ودباباتها إلى حدودها مع إدلب، مع أنَّ وزير الدفاع التركي الجنرال خلوصي آكار شدد على أنَّ تركيا لا تزال تتعاون مع روسيا للحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار.