مع بدء رحيل القوات الأميركية عن شمالي سوريا، بعد قرار الرئيس دونالد ترامب بسحبها، قالت رويترز إن جيش النظام بدأ نشر قواته على مقربة من مدينة منبج، التي تهدد تركيا بشن هجوم على التنظيمات الكردية التي تسيطر عليها.
وبحسب رويترز، تتمركز القوات التركية على بعد 30 كيلومتراً من الحدود، بالقرب من المدينة، التي تحتل موقعاً حساساً على خريطة الصراع السوري. إذ تقع قرب نقطة التقاء ثلاث مناطق منفصلة، تمثل مجالاً للنفوذ الروسي والتركي والأميركي.
وعلى الرغم من أن القوات الأميركية لم ترحل بعد جميعها، إلا أن تداعيات قرار ترامب بدت ظاهرة بالفعل في منبج.
وتقول رويترز نقلاً عن مصادر محلية، إن قوات النظام السوري، التي تدعمها روسيا، دخلت ضواحي المدينة، الجمعة، للمرة الأولى منذ سنوات، بدعوة من وحدات حماية الشعب الكردية، التي تخشى أن يفتح رحيل القوات الأميركية الطريق أمام هجوم تركي كبير.
المجهول ينتظر المدينة
في السياق، واصل مسلحون محليون من "قوات سوريا الديمقراطية"، المدعومة من الولايات المتحدة، التي تسيطر على المدينة منذ 2016 القيام بدوريات اعتيادية، السبت 29 ديسمبر كانون الأول، وهم يحملون بنادق الكلاشينكوف، بحسب الوكالة الأميركية.
وقال أبو حمزة لـ "رويترز"، وهو أب لخمسة أطفال، ويبلغ من العمر 43 عاماً "احنا فلتنا من الحرب، ما رح نشوف أسوأ من داعش، لكنا خايفين.. احنا بوضع مكركب".
في حين قال إسماعيل شعلان (41 عاماً)، وهو نازح يعيش في منبج منذ نزوحه من حلب قبل عامين "من كم يوم ونحن عايشين بخوف وما بنعرف شو عم بيصير ومين راح يدخل، ما بنعرف".
ومنذ اندلاع الصراع في سوريا عام 2011 انتقلت السيطرة على منبج من طرف إلى آخر ثلاث مرات؛ إذ انتزعها مسلحو الجيش السوري الحر من القوات الحكومية السورية في وقت مبكر من الصراع، ثم سقطت في أيدي تنظيم الدولة الإسلامية الذي أعلنها جزءاً من "خلافته".
وبعد ذلك تمكنت "قوات سوريا الديمقراطية"، وهي فصيل تقوده "وحدات حماية الشعب الكردية" المصنفة في تركيا كتنظيم "إرهابي"، ويدعمها تحالف بقيادة الولايات المتحدة، من طرد مسلحي التنظيم من منبج عام 2016.
ومنذ ذلك الحين تسيطر الوحدات الكردية وحلفاؤها على منبج، مما أثار حنق تركيا التي تعتبر نفوذ هذه الميليشيات في شمال سوريا تهديداً لأمنها القومي.
وتقوم قوات أميركية وتركية بدوريات مشتركة قرب منبج، منذ نوفمبر/تشرين الثاني، وهو اتفاق تم في إطار جهود الولايات المتحدة لتبديد قلق الأتراك.
انتشار "جزئي" لقوات الجيش السوري، وتركيا وفصائل المعارضة يحشدون
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة، إنه لن تكون هناك حاجة لتركيا كي تقوم بأي شيء في منبج فور رحيل "الإرهابيين"، في إشارة إلى "الوحدات الكردية".
وتقول تركيا إن "وحدات حماية الشعب" لا يمكن فصلها عن "حزب العمال الكردستاني"، الذي يشن تمرداً في تركيا منذ 34 عاماً. وتعهدت أنقرة بسحق وحدات حماية الشعب بمساعدة حلفاء من مسلحي المعارضة السورية.
ويحشد مسلحون من المعارضة السورية تدعمهم تركيا قواتهم لشن هجوم على منبج، في مناطق قريبة تخضع لسيطرة أنقرة منذ توغل الجيش التركي في شمالي سوريا عام 2016، في إطار محاولته لطرد الوحدات الكردية.
في حين، ألمح أردوغان الجمعة إلى أن تركيا ليست في عجلة من أمرها لشن الهجوم.
وناشدت وحدات حماية الشعب، التي باغتها قرار ترامب بسحب القوات الأميركية، دمشق الجمعة "حماية" منبج.
وبعد قليل من هذه الدعوة قال الجيش النظامي السوري، إنه نشر قواته في منبج لضمان أمن "جميع المواطنين السوريين وغيرهم" في المدينة.
وبحسب رويترز، لم تدخل القوات الحكومية السورية المدينة، لكنها انتشرت في مناطق قريبة تمثل خطوط مواجهة مع مسلحي المعارضة السورية الذين تدعمهم تركيا.
هل يواجه النظام السوري الجيش التركي؟
وقال مصدر عسكري في مجلس منبج العسكري لـ "رويترز"، إن مناقشات مع الحكومة السورية أفضت إلى اتفاق بشأن الحاجة لمنع الهجوم التركي على منبج.
وأضاف المصدر أن انتشار الجيش السوري في منطقة منبج حتى الآن هو انتشار "جزئي"، مشيراً إلى أن مزيداً من عمليات الانتشار في المنطقة ستأخذ في الحسبان الوجود الأميركي.
في السياق، قالت وكالة الأناضول التركية، الأحد 30 ديسمبر/كانون الأول، إن تعزيزات عسكرية تركية جديدة، وصلت إلى ولاية ماردين جنوب شرقي تركيا.
وأفادت الوكالة أن رتلاً عسكرياً محملاً بمدافع وصل إلى قضاء "قزل تبه" بولاية ماردين، قادماً من الولاية الجارة شانلي أورفة، وأنها ستتحرك مباشرة بعد ذلك لسوريا.
ومنذ أيام، تتوالى تعزيزات الجيش التركي إلى المنطقة، وسط ترقب لإطلاق عملية عسكرية ضد تنظيمات الكردية شمالي سوريا.
الناس خائفون من قدوم قوات النظام
إلى ذلك، بالنسبة للنظام السوري وما إذا كان يستعد لاستعادة سلطته على منبج، قال المصدر الكردي، إنه سيتم "تشكيل لجان في وقت لاحق بشأن كيفية إدارة المدينة".
وتعتبر قضية ما إذا كانت الحكومة السورية ستعود لحكم منبج أمراً بالغ الأهمية لكثيرين في منبج. وأحد أهم بواعث القلق هو الخوف من استدعائهم للخدمة في الجيش النظامي.
وقال حسين خلف (30 عاماً) وهو بائع فاكهة من منبج وأب لستة أطفال "الشعب خايف، وعندما صارت أقاويل بأن النظام سيدخل الناس اختفت، الشارع فاضي".
وقال ياسر عبدالعزيز (31 عاماً)، الذي فر إلى منبج قادماً من مناطق قريبة من حلب قبل عامين، إنه سئم الحرب ولا يريد النزوح مجدداً مع أطفاله الأربعة.