عيّن العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، الخميس 27 ديسمبر/كانون الأول 2018، وزيراً جديداً للخارجية هو إبراهيم العساف، ليحلَّ مكان عادل الجبير، الذي تحول من وزير إلى وزير دولة للشؤون الخارجية، وذلك ضمن سلسلة تغييرات حكومية لم تمس مناصب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، نجل الملك.
وجاءت التعديلات، في وقت تتواصل فيه الضغوط الدولية على الرياض على خلفية مقتل الصحافي جمال خاشقجي بقنصلية بلاده في إسطنبول، وهو الأمر الذي أثَّر سلباً في صورة المملكة بالخارج، وأدخلها في أزمة علاقات مع عدد من الدول.
وكان الجبير، السفير السابق لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية منذ أبريل/نيسان 2015، أحد أشد المدافعين عن ولي العهد، الذي حمَّلته وكالة الاستخبارات الأميركية "سي آي إيه" ومجلس الشيوخ الأميركي مسؤولية مقتل الصحافي.
وقُتل خاشقجي، الذي كان يكتب مقالات رأي بصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، ينتقد فيها السلطات السعودية، في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2018، على أيدي عناصر سعوديين بقنصلية بلاده في إسطنبول.
وذكرت السلطات السعودية أن خاشقجي قُتل بعدما تعرَّض للتخدير بجرعة كبيرة، ثم قُطِّعت جثته داخل القنصلية، وألقت باللوم في الجريمة على عناصر أمن ومسؤولين بجهاز الاستخبارات.
وجاء في أمر ملكي نشرتْ نصه وكالة الأنباء الرسمية "واس" أن الجبير أصبح "وزير دولة للشؤون الخارجية وعضواً في مجلس الوزراء"، وعُيّن مكانه إبراهيم العساف.
والعساف وزير سابق للمالية، وكان أحد أبرز المحتجزين في فندق "ريتز كارلتون" العام الماضي (2017)، في إطار حملة مكافحة فساد قادها ولي العهد الشاب (33 عاماً)، وشملت عشرات الأمراء والمسؤولين ورجال الأعمال.
وبُعيد إعلان تغيير منصبه، كتب الجبير على "تويتر": "أرفعُ الشكر والتقدير والعرفان لمقام سيدي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد -حفظهما الله- على الثقة الكريمة بتعييني وزير الدولة للشؤون الخارجية وعضو مجلس الوزراء".
وأضاف: "أتطلع للعمل مع أخي وزميلي معالي الدكتور إبراهيم العساف وزير الخارجية، سائلاً الله له التوفيق بمهام عمله".
ورأى محمد يحيى، الباحث بـ "مركز الخليج للأبحاث"، أنه "لا يمكننا عدم ربط خاشقجي بأي تطورات، رغم أن التغييرات الحكومية أمر اعتيادي تشهده (المملكة) كل 4 سنوات".
ولي العهد يحتفظ بمناصبه
وتزعزعت صورة محمد بن سلمان، الذي تولى منصب ولي العهد في يونيو/حزيران 2017، بالخارج بعد هذه التوقيفات، ولاحقاً بسبب قضية خاشقجي، رغم حملة التغييرات الاجتماعية التي تشهدها المملكة في عهده والتي شملت خصوصاً السماح للمرأة بقيادة السيارة.
ولا يزال ولي العهد يحتفظ بكل مناصبه بعد التعديل الأخير، وأبرزها ولي العهد، ووزير الدفاع، ونائب رئيس الوزراء، ورئيس مجلس الشؤون الأمنية والسياسية، ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية.
وصدرت أوامر ملكية أخرى، تناولت أيضاً تعديلاً في تركيبتي مجلس الشؤون الأمنية والسياسية ومجلس الشؤون الاقتصادية.
وأمر الملك العاهل السعودي بإعفاء رئيس الهيئة العامة للرياضة تركي آل الشيخ، المقرب من ولي العهد، من منصبه، وتعيينه على رأس الهيئة العامة للترفيه.
وفي الحكومة، احتفظ وزراء الحقائب الاقتصادية بمناصبهم، وهم: وزير الطاقة خالد الفالح، والمالية حمد بن عبد الله بن عبد العزيز الجدعان، والاقتصاد محمد بن مزيد التويجري.
وكانت المملكة أعلنت الأسبوع الماضي، موازنتها لعام 2019، والتي اعتُبرت الأكبر في تاريخ المملكة، لكنها توقعت عجزاً جديداً للسنة السادسة على التوالي بقيمة 35 مليار دولار.
واعتبر خبراء اقتصاديون أن السعودية ستسجل عجزاً أعلى من المتوقع ونمواً اقتصادياً أقل مما تلحظه الموازنة، بسبب تراجع أسعار النفط.
تغييرات في مواقع أمنية
أما أمنياً، فاحتفظ وزير الداخلية، الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف، بمنصبه.
لكن الملك أمر بتعيين كل من الأمير عبد الله بن بندر بن عبد العزيز وزيراً للحرس الوطني، ليحل مكان خالد بن عبد العزيز بن محمد بن عياف آل مقرن؛ ومساعد بن محمد العيبان مستشاراً للأمن الوطني مكان محمد بن صالح الغفيلي؛ وخالد بن قرار الحربي مديراً للأمن العام خلفاً لسعود بن عبد العزيز هلال.
وكانت السعودية أعلنت، الخميس 20 ديسمبر/كانون الأول 2018، أنها ستستحدث إدارات حكومية، لتعزيز الإشراف على أنشطتها الاستخبارية. وكانت الرياض أعفت نائب رئيس الاستخبارات العامة، أحمد عسيري، من منصبه على خلفية قضية خاشقجي.
وكتب علي الشهابي، مؤسس "معهد الجزيرة العربية" القريب من الحكم، على "تويتر"، أن ولي العهد "يُحكم قبضته على السلطة بتعيينه حلفاء (…) ووزير جديد للحرس الوطني".
وشملت التغييرات الحكومية تعيين تركي بن عبد الله الشبانة وزيراً للإعلام بدلاً من عواد العواد الذي أصبح مستشاراً في الديوان الملكي؛ وحمد بن محمد بن حمد آل الشيخ وزيراً للتربية مكان أحمد العيسى، الذي أصبح بدوره مستشاراً في الديوان الملكي.
وأعفى الملك سلمان نجله سلطان، رائد الفضاء السابق، من رئاسة "الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني"، وعيَّنه على رأس "الهيئة السعودية للفضاء".
كما أعفى الأمير محمد بن نواف بن عبد العزيز آل سعود من منصبه كسفير للمملكة في لندن، وعيَّنه مستشاراً له.
وشملت القرارات الملكية تغييرات على مستوى أمراء المناطق، وتعيينات في مجلس الشورى، واختيار امرأة، هي إيمان بنت هباس بن سلطان المطيري، في منصب "مساعد وزير التجارة والاستثمار بالمرتبة الممتازة".
ورأى يحيى أن التغييرات نصت على "تعيين أمراء شبان وكذلك رجال دولة مخضرمين. هناك جهد لإيجاد توازن بين وتيرة الإصلاحات السريعة ومؤسسات الحكومة".