بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن تنظيم الدولة (داعش) "انهزم" في سوريا، دأب مقاتلو التنظيم على شن هجمات مضادة عنيفة بعددٍ من الانتحاريين والمركبات المدرعة.
وقالت قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، إنَّ أنباء الانسحاب الأميركي شجَّعت مقاتلي داعش وجعلتهم يقاتلون لاستعادة بلدة هجين في محافظة دير الزور السورية، بعد أيام فقط من طردهم منها، حسبما ذكر تقرير نشرته صحيفة The Telegraph البريطانية.
وقال مصطفى بالي، المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية: "ارتفعت معنوياتهم إثر قرار الولايات المتحدة الانسحاب من سوريا. لا يزال داعش قوياً في المنطقة".
وقالت قوات سوريا الديمقراطية، السبت 22 ديسمبر/كانون الأول 2018، إنَّها تواجه "هجوماً شرساً ومكثفاً" من مقاتلي داعش، الذين شنّوا موجة هجمات واسعة من 17 انتحارياً على الأقل على جبهاتهم، تلاها قصفٌ ووابلٌ من القذائف الصاروخية.
لكنَّ القوات الكردية صدَّت الهجوم، وقالت إنَّها قتلت "عشرات" المقاتلين الجهاديين بدعم من الغارات الجوية الأميركية.
مخاوف من عودة داعش مرة أخرى
وقالت الصحيفة البريطانية أنإن المسؤولين الأميركيين والبريطانيين يخشون من أنَّ قوات سوريا الديمقراطية لن تكون قادرة على السيطرة على الأراضي التي انتزعتها من داعش، خاصةً إذا اضطُرَّت إلى تحويل مسار القوات إلى الشمال، للتصدي للهجوم التركي الذي يُشكِّل تهديداً.
وكتب ترامب في تغريدة على موقع تويتر، يوم السبت 22 ديسمبر/كانون الأول 2018: "حين أصبحتُ رئيساً، كان داعش يعيث في الأرض فساداً. والآن، أصبح داعش مهزوماً إلى حدٍ كبير، وينبغي أن تكون أي دولة إقليمية أخرى، وضمن ذلك تركيا، قادرة على تولّى أمر كل مَن تبقى من التنظيم بسهولة. سنعود إلى الوطن!".
وقد استقال بريت ماكغورك، مبعوث ترامب إلى التحالف الدولي ضد داعش، يوم السبت؛ احتجاجاً على قرار سحب القوات الأميركية من سوريا المفاجئ.
تدريب 40 ألف مقاتل لمواجهة داعش
وكان الجنرال جوزيف دانفورد، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، قال قبل وقتِ قصير من إعلان ترامب المفاجئ الانسحاب من سوريا، إنَّ هناك "طريقاً طويلاً ينبغي خوضه"، في تدريب القوات المحلية على السيطرة على الأراضي المُنتزَعة من داعش.
وقال إنَّ الولايات المتحدة كانت تهدف إلى تدريب نحو 40 ألف مقاتل محلي في سوريا، لمنع داعش من إعادة تنظيم صفوفه، لكنَّ نحو 8000 مقاتل فقط جاهزون.
وقال الجنرال دانفورد يوم السادس من ديسمبر/كانون الأول 2018: "حقق حلفاؤنا في قوات سوريا الديمقراطية الكثير بسوريا ضد داعش، وهذا أمرٌ عظيم. لكن فيما يتعلق بالاستقرار، ما زال أمامنا شوطٌ طويل لنقطعه".
وحثَّ آلدار خليل، وهو مسؤول كردي بارز، الولايات المتحدة على منع تركيا من المضي قدماً في خططها لشن هجوم كبير على الجماعات الكردية بشمال سوريا. وقال خليل: "من واجبهم منع أي هجوم، ووضع حد للتهديدات التركية".
تركيا مستعدة لمواجهة التنظيم
وتَعتبِر تركيا الجماعات المسلحة الكردية منظمات إرهابية. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إنَّ الهجوم سيبدأ في غضون أشهر، ووعد ترامب بأنَّه سيقاتل ما تبقّى من داعش كذلك.
وقالت تركيا السبت 22 ديسمبر/كانون الأول 2018، إنَّ نحو 300 ألف لاجئ سوري قد عادوا إلى بلادهم، بعد عمليتين عسكريتين تركيتين سابقتين ضد المقاتلين الأكراد وداعش في شمال سوريا.
وقال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تعليقاً على إعلان ترامب نيته الانسحاب من سوريا : " ترامب سألنا: هل بوسعكم القضاء على داعش؟" نحن قضينا عليهم، ويمكننا مواصلة ذلك مستقبلاً.. يكفي أن تقدّموا لنا الدعم اللازم من الناحية اللوجيستية.. في النهاية، بدأوا (الأميركان) بالانسحاب. والآن هدفنا هو مواصلة علاقاتنا الدبلوماسية معهم بشكل سليم".
وبعد أن طُرِد داعش بالبداية من مدينة هجين في 14 ديسمبر/كانون الأول 2018، قدَّرت قوات سوريا الديمقراطية أنَّ هناك نحو 5000 من مقاتلي داعش يتحصّنون في معقلهم المتبقي بالمدينة، وقرروا القتال حتى الموت.
ويشمل هذا العدد تحو 2000 مقاتل أجنبي، معظمهم من العرب والأوروبيين، إلى جانب أفراد أسرهم.
وقالت إيران، السبت، في أول رد فعل لها على انسحاب ترمب المزمع، إنَّ الوجود العسكري الأميركي بسوريا كان "خطأً، وغير منطقي ومصدراً للتوتر".
وقال بهرام قاسمي، أحد المتحدثين الرسميين باسم وزارة الخارجية الإيرانية: "كان دخول القوات الأميركية ووجودها في المنطقة منذ البداية خطأً، وغير منطقي، ومصدراً للتوتر، وسبباً رئيساً لعدم الاستقرار".