صحيح أن ترامب أعلن سحب جيش بلاده من سوريا.. لكن وزارة الدفاع خطرت لها فكرة جديدة

عربي بوست
تم النشر: 2018/12/22 الساعة 11:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/12/22 الساعة 11:40 بتوقيت غرينتش
A fighter of Syrian Democratic Forces fixes his hair using a broken mirror at the frontline in Raqqa, Syria October 6, 2017. Picture taken October 6, 2017. REUTERS/Erik De Castro TPX IMAGES OF THE DAY

قالت صحيفة The New York Times إن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تدرس استخدام فرق صغيرة من القوات الخاصة لضرب تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سوريا، وهو أحد خيارات مواصلة المهمة العسكرية الأميركية هناك رغم قرار الرئيس دونالد ترامب سحب القوات من البلاد.

ووفقاً لمسؤولين عسكريين تحدثا شريطة عدم الإفصاح عن هويتهما لصحيفة The New York Times الأميركية ستُنقَل القوات الخاصة (الكوماندوز) الأميركية إلى العراق المجاور، حيث ينتشر بالفعل ما يُقدّر بـ5 آلاف من القوات الأميركية، و"سيندفعون" إلى داخل سوريا للقيام بعمليات مداهمة محددة.

وتُعَد فرق القوات الخاصة واحدة ضمن خيارات متعددة -تشمل شن غارات جوية مستمرة وإعادة إمداد المقاتلين الأكراد بالأسلحة والعتاد- في استراتيجية جديدة يضعها البنتاغون من أجل سوريا في حين يتبع فيه المسؤولون القرار الذي أصدره ترامب، يوم الأربعاء 19 ديسمبر/كانون الأول، بسحب القوات العسكرية، وهو القرار الذي يأتي متزامناً مع محاولتها إبقاء الضغط على داعش.

سيقدم البنتاغون الخيارات لترامب للموافقة عليها في غضون أسابيع، أي قبل فترة جيدة من ترك وزير الدفاع جون ماتيس منصبه في نهاية فبراير/شباط المقبل. وكان جيم ماتيس قدَّم استقالته أول من أمس الخميس 20 ديسمبر/كانون الأول، بسبب قرار ترامب تجاوز كبار مستشاريه وسحب القوات من سوريا.

يقول مسؤولو البنتاغون إنَّ خططهم تسعى لاستمرار الدعم الأميركي لقوات سوريا الديمقراطية، وهي ميليشيا يقودها الأكراد أنَّها أنجح القوات البرية في قتال داعش.

لكنَّ القوات المحلية وحلفاءها الغربيين لا يزالون يواجهون اختباراً حول بلدة هجين شرقي سوريا، حيث يتشبث داعش بآخر قطعة من الأراضي التي يسيطر عليها. ومع أنَّ الرئيس ترامب تفاخر بهزيمة داعش فإنَّ التنظيم تحمَّل لأشهر الضربات الجوية والهجمات من جانب المقاتلين السوريين المدعومين من الولايات المتحدة، بل وشنَّ هجمات مضادة فتاكة في المناطق المحيطة بهجين، حسب الصحيفة.

فوفقاً لما صرح به مسؤول ثالث، كاد داعش، تحت غطاء عاصفة رملية هبَّت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يكتسح فريقاً من القوات الخاصة ومجموعة من جنود مشاة البحرية (المارينز) حول هجين، وهو ما أسفر عن إصابة جنديين أميركيين.

حاول التنظيم استخدام التكتيك ذاته مرةً أخرى في نوفمبر/تشرين الثاني، وانتظر هبوب عاصفة رملية أخرى تحجب تحركاته، وكاد يجتاح بلدة غرانيج المجاورة.

وصف وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو التقدم الذي أحرزته الإدارة ضد داعش بأنَّه "استثنائي".

فتحدث بومبيو إلى الإذاعة الوطنية العامة National Public Radio الجمعة 21 ديسمبر/كانون الأول، قائلاً: "لقد أطحنا الخلافة من سوريا. ونشعر بالفخر إزاء ذلك".

مهمات محددة من العراق

وقال روبرت بالادينو، متحدث باسم وزارة الخارجية، إنَّ بومبيو تحدث أمس الجمعة 21 ديسمبر/كانون الأول، مع الرئيس العراقي برهم صالح بشأن الجهود المستمرة لمحاربة داعش.

وقال مسؤولان بالجيش إنَّ القيادة المركزية الأميركية تخطط لوضع قوة على الجانب العراقي من الحدود يمكنها العودة إلى سوريا في مهمات محددة إذا ما ظهرت تهديدات خطيرة.

وأوضح ديريك كوليت، مساعد سابق لوزير الدفاع خلال إدارة الرئيس باراك أوباما، أنَّ البنتاغون "بإمكانه إعادة تسمية تلك القوات بقوة مكافحة الإرهاب".

لم يعلق البنتاغون، الجمعة 21 ديسمبر/كانون الأول، على هذه الخيارات. وكانت دانا وايت، المتحدثة باسم وزارة الدفاع، قالت في بيانٍ سابق إنَّ الجيش الأميركي "سيواصل العمل مع شركائنا وحلفائنا لسحق داعش أينما وُجِد".

وأضافت: "لم تنته الحملة ضد داعش بعد".

عام 2014، حين بدأت الولايات المتحدة شن ضربات جوية في العراق وسوريا، سيطر داعش على منطقة تمتد عبر كلا البلدين يبلغ حجمها تقريباً حجم بريطانيا. وانتشرت القوات الخاصة الأميركية في سوريا في أكتوبر/تشرين الأول عام 2015.

وبحلول الشهر الماضي نوفمبر/تشرين الثاني، كانت الأراضي التي يسيطر عليها داعش قد  تقلَّصت وأصبحت مجرد جيب صغير حول بلدة هجين، وهو ما يساوي تقريباً 1% من إجمالي الأراضي التي كان يسيطر عليها.

مراجعة الخيارات للبقاء

واستعادت قوات سوريا الديمقراطية الأسبوع الماضي السيطرة على مركز هجين، وأجبرت المتشددين على التراجع إلى ضواحي البلدة. لكنَّ استمرار سيطرة داعش على ما يقرب من 20 ميلاً (32 كيلومتراً تقريباً) من الأرض يجبر مسؤولي وزارة الدفاع على مراجعة الخيارات للحفاظ على ما تبقّى من الحملة الدولية ضد المتطرفين من الانهيار.

يشمل هذا بحث ما إن كان بمقدور الضربات الجوية الأميركية أن تبقى فعَّالة دون توجيهٍ أميركي للأهداف من على الأرض، وما إن كانت ستدافع عن القوات الكردية فقط من داعش.

يناقش المسؤولون كذلك ما إن كان بمقدور القوات التي يقودها الأكراد أن تقاتل دون أسلحة وذخائر والإمدادات الأخرى التي ستنتهي بمجرد مغادرة الجيش الأميركي. وحتى السماح للأكراد السوريين بالاحتفاظ بأسلحتهم الخفيفة والثيقلة التي قدَّمتها الولايات المتحدة من شأنه أن يُمثِّل نكوثاً بتعهُّد البنتاغون في 2017 المتعلِّق باستعادة الأسلحة بمجرد انتهاء القتال.

وقال مسؤولون إنَّ تلك القرارات تُحضَّر على مدار عُطلة نهاية العام، وستُتَّخذ في الأسابيع المقبلة.

وبدأ البنتاغون في أبريل/نيسان الماضي وضع خطة لانسحابٍ صعب من سوريا بعد تهديد ترامب بسحب القوات. آنذاك، أقنع ماتيس ومسؤولون آخرون الرئيس بالبقاء.

لكن حتى تلك الخطة دعت لانسحابٍ تدريجي للقوات من سوريا، وهو انسحابٌ يستغرق أشهراً، وليس في غضون 30 يوماً مثلما يجري النقاش الآن.

ووفقاً لأحد المسؤولين، من المتوقع أن تبقى قوات العمليات الخاصة الفرنسية والبريطانية في سوريا بعد مغادرة القوات الأميركية. لكنَّ يُتوقَّع أن تؤدي تكتيكاتهم العسكرية المختلفة، إلى جانب خسارة طرق إمداد الغذاء والذخيرة الأميركية، لإعاقة المهمة.

قالت وزارة الدفاع البريطانية في بيانٍ يوم الخميس إنَّه "لا يزال هناك الكثير لعمله، ولابد ألا نغفل عن تهديد" داعش.

وعلى الصعيد الرسمي، يوجد 2000 جندي أميركي في سوريا. لكن يُرجَّح وجود مئات الجنود الآخرين هناك في خليطٍ من وحدات الدعم، وقوات العمليات الخاصة، والتقنيين والمهندسين. كل هؤلاء يمثلون جزءاً في شبكة من القواعد والنقاط والمطارات المنتشرة في الركن الشمالي الشرقي من سوريا، وهو نموذج مشابه لتلك الموجودة في العراق وأفغانستان.

تحميل المزيد