غادر وفدٌ من جماعة "الحوثي" العاصمة اليمنية صنعاء إلى السويد الثلاثاء 4 ديسمبر/كانون الأول، في خطوة تُعد الأكبر ضمن مساعي تحقيق السلام في البلد الذي اندلعت فيه الحرب منذ عام 2016.
وبحسب صحيفة New York Times الأميركية، فقد سافر مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيثس، على متن الطائرة الكويتية التي غادرت صنعاء العاصمة، بعد يوم من نقل 50 مقاتلاً حوثياً مصاباً إلى عُمان لمعالجتهم كجزء من تسلسل مدروس لإجراءات "بناء الثقة".
وعرض غريفيثس مرافقةَ الحوثيين على الطائرة نفسها، لتبديد مخاوفهم من أنَّ التحالف بقيادة السعودية، الذي يسيطر على المجال الجوي اليمني، قد يعترض الرحلة، بحسب ما قال مسؤول كبير في الأمم المتحدة.
وبحسب الصحيفة الأميركية، فإن أفضل ما يمكن توقعه من المحادثات، التي ستجري في قلعة جرى ترميمها خارج العاصمة السويدية ستوكهولم، هو أنّها تحمل فرصة متوسطة للنجاح.
حيث يقول بيتر ساليسبوري، خبير يمني في مجموعة الأزمات الدولية للصحيفة الأميركية، إنه "إذا استفدنا من أحداث الماضي والموقف على الأرض، فإن جميع المؤشرات تشير إلى أن المحادثات لم تثمر كثيراً، وعليه يُستأنف القتال في الحديدة. يؤسفني كثيراً أن أقول إن الزخم الواسع يؤيد بشدة استمرار العنف وتدهور الوضع الإنساني وليس شيوع السلام".
الحوثيون يحضرون "أولاً" لمسرح المفاوضات
انهارت آخر جهود السلام في سبتمبر/أيلول عند غياب المسؤولين الحوثيين عن المحادثات في جنيف. أمّا هذه المرة، حضر الحوثيون في مسرح المفاوضات أولاً، حيث كان من المتوقع أن يترأس الوفد الحكومي وزير الخارجية اليمني، خالد اليماني.
أما الفرق الآخر فيكمن في تضافر الجهود الدولية بشكل أكبر هذه المرة. في واشنطن، أدى غضب الكونغرس بشأن مقتل المعارض السعودي جمال خاشقجي إلى زيادة الضغط من أجل إنهاء الحرب.
حيث جذب التدقيق الشديد في دور ولي العهد السعودي الأنظار إلى ما يصفه المنتقدون بأنه سياسة متهورة للحرب في اليمن، أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين جرّاء غارات جوية شنتها طائرات حربية من السعودية وغيرها من دول التحالف.
وشدد الحوثيون والمسؤولون السعوديون على أنَّ المحادثات في السويد، إن بدأت، لن تتضمن مفاوضات لإنهاء الحرب وإنما ستركز على إجراءات بناء الثقة. ومن المتوقع تناول مسألة تبادل الأسرى بوساطة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والوضع في الحديدة، ومقترحات لإعادة فتح مطار صنعاء الذي أصبح متاحاً الآن للرحلات الإنسانية فقط.
الأمم المتحدة تقترح السيطرة على مطار الحديدة
وبحسب الصحيفة، تقترح الأمم المتحدة أن تتولى بنفسها السيطرة على مطار الحديدة، كوسيلة لضمان تدفق مساعدات الإغاثة إلى ثمانية ملايين يمني يعتمدون حالياً على المساعدات الدولية للحصول على الطعام، وهو رقم تخشى الأمم المتحدة ارتفاعه قريباً إلى 12 مليوناً.
وبحسب المحلل ساليسبوري، فإنه من غير الواقعي توقع أن تثمر المحادثات سلاماً على نطاق واسع؛ إذ إنّها قد لا تشمل مبدئياً على الأقل اتصالاً مباشراً بين المسؤولين الحوثيين وغرمائهم.
وأردف ساليسبوري: "علينا أيضاً أن نأمل للأفضل ونخطط للأسوأ. جميع المؤشرات تتجه نحو إما انهيار المحادثات أو انتهائها بحوار لاذع أو دون التوصل إلى حل حاسم. وإن حدث أي من هذه الأشياء، ستشهد الحديدة قتالاً جديداً. وستكون هذه أخباراً سيئة للغاية".
يذكر أنه في عام 2015، زجَّ الأمير محمد بن سلمان ببلاده في حرب للدفاع عن الحكومة المعترف بها دولياً بقيادة عبد ربه منصور هادي الذي كان قد طُرد من صنعاء على يد الحوثيين. وحشدت السعودية حلفاءها، لا سيما الإمارات العربية المتحدة، كجزء مما تعتبره حرباً بالوكالة ضد إيران التي تدعم الحوثيين.
ومع أنَّ إيران دعمّت الحوثيين بالصواريخ، وقد طالت بعض منها مدناً سعودية، يقول المحللون اليمنيون إنَّ الحرب مدفوعة أساساً بالطائفية المحتدمة التي دمرت اليمن في أعقاب ثورات الربيع العربي 2011.