أُطلق سراح اللاجئ السوري حسن القنطار أخيراً بعد أن قضى أكثر من 200 يومٍ مُقيماً في مطارٍ بماليزيا وأكثر من شهرين في الاحتجاز، وهو الآن بطريقه إلى كندا.
وكان أصدقاء حسن القنطار ومحاموه يخشون وقوع الأسوأ بداية الشهر الماضي (أكتوبر/تشرين الأول 2018)، حين ألقت السلطات الماليزية القبض عليه وهددَّت بترحيله إلى سوريا. لكن القنطار نقل أخباراً مُفعمةً بالأمل، في مقطع الفيديو الذي نشره على الشبكات الاجتماعية الإثنين 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، حسب تقرير نشره موقع Middle East Eye البريطاني.
وقال "القنطار" في المقطع: "اليوم أنا في مطار تايوان الدولي. وغداً سأصل إلى وِجهتي النهائية: فانكوفر، بكندا"، قبل أن يعتذر عن شعره الأشعث ولحيته الطويلة: "كانت الأشهر العشرة الأخيرة صعبةً وباردة للغاية. ولم أكن لأتخطاها دون دعمكم ودعواتكم جميعاً".
Breaking news ✌✌ pic.twitter.com/o2vQGROBdS
— Hassan Al Kontar (@Kontar81) November 26, 2018
أخيراً، السوري حسن القنطار في كندا للإقامة
انتهى المطاف بـ "القنطار" عالقاً داخل مطار كوالالمبور في شهر فبراير/شباط 2018، بعد أن رفضته خطوط الطيران ومسؤولو الهجرة في عدة دول، بسبب انعدام خياراته كلاجئ سوريٍ تقطَّعت به السبل نتيجة الحرب الدائرة في بلاده.
رفض "القنطار" العودة إلى سوريا؛ إذ إنه خشي أن يُجَنَّد في صفوف قوات النظام التابعة لبشار الأسد، كما اعتاد تسليط الضوء على محنة السوريين واللاجئين الآخرين في أثناء حديثه عن وضعه الخاص، مثلما فعل في أثناء إعلان رحلته إلى كندا.
وتابع: "فلنستمر في الدعاء لأولئك الذين يحتاجونه أكثر من غيرهم، الذين يعيشون داخل مخيمات اللاجئين ومعسكرات الاحتجاز بجميع أنحاء العالم. أتمنى لهم السلامة وتقنين أوضاعهم في أقرب وقتٍ ممكنٍ أيضاً".
وقال أحد المتطوعين الذين ساعدوا "القنطار" طيلة العملية ويُقدِّم الدعم للاجئين الآخرين العالقين بماليزيا، والذي طلب عدم الكشف عن هويته، في تصريحٍ لموقع Middle East Eye البريطاني: "لا أجد كلماتٍ تُعبِّر عن مشاعري الآن. أشعر بارتياحٍ شديد. وأتمنى أن يحصل جميع الباحثين عن اللجوء على النهاية السعيدة نفسها يوماً من الأيام".
أزمةٌ في السفر
سلَّطت حالة "القنطار" الضوء على عدم وجود طرق سفرٍ قانونيةٍ للاجئين، الذين يُمكن ألَّا يتمكنوا في النهاية من استخدام خطوط الطيران، بسبب سياسات الهجرة الصارمة، وهو الأمر الذي يُجبرهم على أن يسلكوا طُرقاً أكثر خطورة.
وقال أندرو برووير، محامي "القنطار" الكندي، لموقع Middle East Eye: "لقد كانت الأشهر القليلة الماضية التي انتهت بإلقاء القبض على حسن، شديدة للغاية، لذا يُمثِّل وصوله أخيراً مصدر ارتياحٍ كبير. ولم يكن ذلك ليحدث دون المجموعة المذهلة من المتطوعين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين، الذين تحدَّثوا عن قضية حسن في السر والعلانية. وشعرنا بالارتياح لموافقة ماليزيا على الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي وعدم إعادة حسن إلى حياة الاضطهاد التي عاناها في سوريا، كما نشعر بالامتنان للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على توفير حلٍ مُناسب".
كان "القنطار" يعيش في الإمارات العربية المتحدة عندما اندلعت الحرب، وانتهى به المطاف إلى فقدان جواز سفره السوري حين رفضت السفارة تجديده.
أُرسل بعد ذلك إلى مركز احتجازٍ في الإمارات، قبل أن يحصل فيما بعد على جواز سفرٍ مُجدَّدٍ مؤقتاً لفترةٍ قصيرة، وهو ما مكَّنه من السفر إلى ماليزيا، التي تُعَدُّ واحدةً من الدول القليلة التي تسمح للسوريين بالدخول دون تأشيرات للإقامة فترات قصيرة.
ورفضت خطوط الطيران ومسؤولو الحدود التعاون معه في أثناء محاولته السفر إلى الإكوادور وكمبوديا وعند عودته إلى ماليزيا، فانتهى به الحال عالقاً في المطار.
عاش 200 يوم في مطار بماليزيا
وبعد أكثر من 200 يومٍ من العيش داخل المطار، ألقت السلطات الماليزية القبض عليه في أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2018، في أثناء انتظاره تطورات طلب اللجوء الذي تقدَّم به إلى كندا.
ويعيش اللاجئون في ماليزيا أوضاعاً مُتقلبة، لأن ماليزيا لم توقِّع على اتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، وهي بمثابة الوثيقة التي تُعزِّز عمل وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة -المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين- وتُرسِّخ مبدأ عدم إعادة اللاجئين إلى دولةٍ يتعرضون فيها لتهديدٍ خطيرٍ على حياتهم أو حريتهم.
كان "القنطار" رجلاً ناجحاً في حياته المهنية ويعمل بالإمارات العربية المتحدة. وعندما اندلعت الحرب عام 2011، رفضت السفارة السورية تجديد جواز سفره وزُجَّ به داخل أحد مقرات الاحتجاز.
مثَّل إعفاء التأشيرة الذي تُوفِّره ماليزيا للسياح السوريين مَخرجاً مؤقتاً لحسن القنطار، لكنه اضطر إلى الانتقال من هناك أيضاً بعد مرور 3 أشهر؛ إذ فشل في الحصول على تأشيرةٍ أطول، كما أن ماليزيا لا تستقبل اللاجئين. وفشلت خطته البديلة، بالسفر إلى كمبوديا، أيضاً حين تم ترحيله. ورفضت ماليزيا السماح له بدخول البلاد مرةً أخرى.
ولا يُعَدُّ "القنطار" أول سوريٍّ يَعلق داخل مطار؛ إذ قضى فادي منصور عاماً كاملاً في إسطنبول بعد تصنيفه على أنه مسافرٌ مثير للمشاكل، وأمضى حسن ياسين 9 أشهر مُقيماً داخل خيمةٍ بمطار موسكو، في حين عَلِقَ العديد من السوريين الآخرين في كوالالمبور من قبل.
وفي الوقت الذي نام فيه "القنطار" أسفل درجٍ بمنطقة الترانزيت داخل مطار كوالالمبور، كانت أسرته مُحتجزةً لدى سلطات الهجرة الماليزية، لكنّ تركيا قبِلت استقبالهم لاحقاً.