بدأت الكتل السياسية بالعراق تدخل في صراع في أعقاب تغريدة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر حول وجود مزاد لبيع المناصب الوزارية بالحكومة الجديدة. جاء هذا بعد أيام من نشر "عربي بوست" تقريراً عن "مزاد بيع المناصب الوزارية" في العراق، وعرض إحدى الشخصيات السياسية البارزة دفع 20 مليون دولار لشراء وزارة الدفاع.
وكانت قنوات فضائية مثل "الشرقية" ومواقع عراقية قد أعادت نشر تقرير "عربي بوست" بعد يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني، أو اقتبست منه بعض الفقرات التي ذكرت نقلاً عن مصادر خاصة أن شخصيات سياسية دفعت ملايين الدولارات للفوز بمقعد وزارة الدفاع العراقية .
وبعد انتشار وتناقل هذه الأخبار، نشر مقتدى الصدر تغريدة على تويتر يوم 19 نوفمبر/تشرين الثاني، ذكر فيها وجود صفقات ضخمة تُحاك بين بعض أعضاء تحالف الفتح المقرّب من إيران، وبين بعض أفراد البناء (المحور الوطني) من سياسيي السُّنة "لشراء الوزارات بأموال ضخمة وبدعم خارجي لا مثيل له"، على حد تعبيره.
— مقتدى السيد محمد الصدر (@Mu_AlSadr) November 19, 2018
الصدر يغرّد بعد تقرير "عربي بوست"
وتأكيداً لما نشره "عربي بوست" في تقرير له يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، بعنوان "وزارة الدفاع العراقية تدخل مزاد المناصب الحكومية بالعراق.. مسؤول بارز رفع السعر إلى 20 مليون دولار للفوز"، قام رجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر بتوصيل ما يمتلكه من معلومات ووثائق تدين شخصيات سُنيَّة بارزة في العملية السياسية إلى رئيس تحالف الفتح هادي العامري.
وقال صباح العكيلي، النائب عن "سائرون" والمدعوم من مقتدى الصدر، لـ"عربي بوست"، إن تغريدة الصدر كانت واضحة جداً، هو لا يتكلم إلا بدليل، خاصة بعد نشر تقارير في وسائل الإعلام، من ضمنها موقع "عربي بوست".
وأضاف أن مقتدى الصدر أرسل ما يمتلكه من معلومات ووثائق تدين شخصيات سُنية بارزة في العملية السياسية إلى رئيس تحالف الفتح هادي العامري.
وأضاف العكيلي، وهو عضو لجنة النزاهة في البرلمان العراقي، أن هناك مبادرةً وتحركاً حقيقياً في مبنى البرلمان للكشف عن الجهات التي تقوم ببيع وشراء المناصب الوزارية في حكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، إضافة إلى أن هناك شخصياتٍ معروفةً عليهم شبهات فساد متهمين بدفع أموال لشراء المناصب بملايين الدولارات.
وصف حكومة عبدالمهدي بـ"الأسرة والأموال"
ووصف النائب علي البديري، عن تيار الحكمة، حكومةَ رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي بأنها حكومة "الأسرة والأموال"، في إشارة إلى وجود تأثير خارجي في اختيار وزيري الداخلية والدفاع.
وقال البديري لـ"عربي بوست" إن 6 وزراء من أصل 14 وزيراً في حكومة عبدالمهدي، هم من أقرباء الشخصيات السياسية المعروفة في العملية السياسية، "الوزراء حالياً هم عبارة عن ابن العم وابن الخال وابن الأخت، والبعض الآخر دفع الأموال للحصول على المنصب الوزاري، اختيار الوزراء في الحكومة الجديدة ليس له علاقة بالكفاءة العلمية"، على حد تعبيره.
ولفت البديري إلى أن آلية اختيار الوزراء في الحكومة العراقية تتضمن أن "يمتلك المرشح الأموال الكافية التي تؤهله للمنصب الوزاري"، فضلاً عن علاقته بالشخصيات السياسية، أو أن يكون أحد أقرباء الشخصيات المعروفة في العملية السياسية، وغير ذلك يجد الشخص صعوبات وعراقيل تحول بينه وبين المنصب الوزاري.
دعم خارجي يدفع المرشحين لتولي وزارتي الداخلية والدفاع
وأوضح البديري أن "هناك تأثيراً خارجياً ودوافع سياسية وراء اختيار الشخصيات لمنصبي وزيري الداخلية والدفاع، فضلاً عن دفع الأموال لتولية شخصيات معروفة مثل هذه المناصب، إلا أن مجلس النواب سيصوِّت بالرفض في جلسة التصويت على مرشحي الوزارات الشاغرة التي من المؤمل أن تعقد في الأسبوع المقبل".
20 مليون دولار سعر وزارة الدفاع العراقية
وحسب تقرير سابق لـ"عربي بوست" نقلاً عن مسؤول في المحور الوطني -رفض ذكر اسمه- فإن "عملية بيع وشراء المناصب، سواء الوزارية أو غيرها، في الحكومات العراقية أصبحت مسألة طبيعية جداً في عهد رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي"، مضيفاً أن "أحد المسؤولين قام بشراء وزارة الكهرباء بـ20 مليون دولار، وآخر دفع 18 مليون دولار لشراء وزارة الدفاع، و10 ملايين لوزارة التجارة، لا نستغرب من بيع وشراء المناصب في حكومة عبدالمهدي أيضاً".
وأوضح أن حدة التنافس بين المرشحين حالياً على وزارة الدفاع أصبحت أكثر تعقيداً؛ "أحد المرشحين دفع 10 ملايين دولار بعد أن حصل على تأييد وتوقيع أعضاء البرلمان العراقي، وآخر دفع 16 مليون دولار، وهناك شخصية سياسية معروفة دفعت 20 مليون دولار ومستعد لدفع 25 مليوناً، وأكثر من هذا المبلغ مقابل تسميته مرشحاً رسمياً وحصوله على وزارة الدفاع في الحكومة الجديدة".
شروط تسلُّم المنصب في الحكومة العراقية
ولفت المسؤول إلى أن الشخصية التي تتسلم منصباً وزارياً أو تنفيذياً في الحكومة العراقية عليها دفع مبلغ ماليّ للجهة الداعمة، أو إعطاء ضمانات ومشاريع الوزارة لجهة الدعم، أو التوقيع على ورقة فارغة حسب الاتفاق، وأن تكون الوزارة تحت تصرُّف الجهة السياسية التي ترشح هذه الشخصية للمنصب الوزاري، ولا تستطيع أي شخصية تسلُّم منصب وزاري أو تنفيذي في الحكومة العراقية دون تطبيق أحد هذه الشروط.