قررت شركة سيرك كندية "دو سوليه"، تقديم المزيد من العروض في السعودية، في ديسمبر/كانون الأول 2018، رغم الغضب الدولي الناتج عن مقتل الصحافي جمال خاشقجي ، مما أثار استياءً بين صفوف أفراد السيرك.
ويأتي ذلك بعد أن فكّرت الإدارة العليا للشركة في إلغاء العروض في السعودية، على الرغم من الالتزام بعقد، بحسب ما اعترفت ماري هيلين لاغاسيه، كبيرة مديري العلاقات العامة لشركة سيرك "دو سوليه"، بحسب ما اطَّلعت عليه وكالة The Canadian Press للأنباء.
شركة سيرك كندية ستنصب خيمتها بالرياض
الآن، وبعدما قدَّمت الفرقة التي يقع مقرها الأصلي في مقاطعة كيبيك الكندية، عروضاً في إيطاليا وألمانيا وكرواتيا، ستنصب خيمتها في العاصمة السعودية الرياض، بدءاً من 17 ديسمبر/كانون الأول حتى 29 من الشهر نفسه، في زيارة يُرتَّب لها منذ نحو عام، بحسب الوكالة الكندية.
إصرار الشركة على المضي قدماً في قرارها، في ضوء الأحداث الأخيرة في السعودية، التي أثارت أزمةً دوليةً كبيرة مازالت ممتدة حتى الآن، دَفَع الكثير من الفنانين الكنديين إلى التساؤل عن سبب تمسُّك شركة السيرك بجدولها في الرياض.
إذ تقول إحدى الفنانات المشاركات في عرض "Toruk" المستوحى من فيلم "أفاتار" الشهير، لوكالة The Canadian Press، طالبةً عدم الإفصاح عن هويتها خشية إلغاء عقدها مع شركة سيرك كندية : "تتبع الشركة نهجاً حاسماً، وتقول لنا إن مشروعها تجاري بحت، وهدفها هو جني المال، وإنها ليست شركة سياسية".
كما يقول موظف آخر إنَّ الإدارة لا يمكنها التباهي بعد الآن بأنَّها عاملٌ للتغيير، كما كانت تتبنى ذلك سابقاً.
وقال الموظفون الذين تواصلوا مع The Canadian Press إنهم سيذهبون مع الفرقة إلى الرياض، لأنَّهم لا يرغبون في أن تُلغى عقودُهم لبقية الجولة، التي ستكون محطتها النهائية في لندن، في يونيو/حزيران 2019.
وقال أحد الموظفين: "بالنسبة للفنانين الذي يكسبون رزقهم من وراء العقد المبرم، من الصعب معرفة ما وظيفتهم التالية بعد ذلك. وبالنسبة لأولئك الآملين في إبرام عقود عمل على المدى الطويل مع الشركة، فإن ذلك الوضع قد تكون له تداعيات على علاقاتهم بها".
القرار كان صعباً بسبب مقتل الصحافي جمال خاشقجي
إلى ذلك، تقول شركة سيرك كندية إنَّ قرار الالتزام بالجدول في السعودية كان "صعباً للغاية"، بيد أنَّه يتوافق مع الرغبة في الامتثال لجدول الشركة، عبر أكثر من 60 دولة تلتزم بتقديم عروض فيها.
وأضافت الشركة أنها إذا انسحبت من السعودية "ستضطر إلى الانسحاب من أماكن أخرى أيضاً، للحفاظ على اتِّساق مبادئها". مؤكدة: "فكيف لنا أن نبرر عدم ذهابنا إلى هذا البلد بينما نذهب إلى أسواق أخرى، ربما بها قضايا على القدر نفسه من الخطورة؟"
وفي الأسابيع الأخيرة، تعرَّضت المملكة لانتقاد لاذع بسبب مقتل الصحافي جمال خاشقجي ، الذي اختفى بعد أن دخل القنصلية السعودية في إسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول.
وأصرّت السعودية أولاً على أنه غادر القنصلية، ثم صرَّحت بأنه قُتل في شجارٍ بالأيدي داخل القنصلية، وذلك قبل الاعتراف أخيراً بأن عملية اغتياله تمت مع سبق الإصرار، وتم تقطيع جسده بالفعل.
يذكر أن العديد من شركات الترفيه العالمية ألغت شراكاتها مع السعودية بعد مقتل خاشقجي، أبرزها شركة Endeavor الأميركية، التي ذكرت تقارير عن إلغائها اتفاقاً يقضي ببيع جزءٍ منها لصندوق الاستثمار العام السعودي، احتجاجاً على اختفاء خاشقجي.
وكانت وكالة Endeavor لاستكشاف المواهب بصدد بيع حصة تبلغ قيمتها 400 مليون دولار للسعودية، ضمن "رؤية 2030" التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
كما كانت عشرات الشركات العالمية، بالإضافة لشخصيات مصرفية ورجال أعمال بارزين، قد قاطعوا مؤتمر الاستثمار السعودي، أو ما يُعرف بـ "دافوس الصحراء"، في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2018 بسبب قضية خاشقجي.