استقبل رئيس النظام السوري بشار الأسد، مختطفي ريف السويداء الشرقي أو "مختطفو السويداء"، الذين جرى تحريرهم من قبضة تنظيم "داعش" نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول، وذلك بعد أن جرى خطفهم في يوليو/تموز 2018.
وأظهرت مقاطع مصورة نشرتها وسائل إعلام سورية موالية للنظام، غناء المختطفين المحررين وهتافهم لبشار الأسد وهم يحملونه على الأعناق، وتأكيدهم "فداءه بأرواحهم".
كما حمل همهم في قلبه وعقله حتى انجاز تحريرهم حملوه على الاكتاف حباً ووفاءً ..
كما حمل همهم في قلبه وعقله حتى انجاز تحريرهمحملوه على الاكتاف حباً ووفاءً ..الرئيس #الأسد مع اهله من مختطفي #السويداء المحررينفريق المهام الخاصة Al-Sweida News السويداء نيوز
Gepostet von فريق المهام الخاصة am Dienstag, 13. November 2018
وعلق رئيس النظام السوري على رفض كثير من الدروز الخدمة في صفوف جيش النظام السوري ، قائلاً إن دم المختطفين والقتلى "مسؤول عنه كل من تخلّف عن الالتحاق بالجيش".
وقال إن جريمة اختطاف هؤلاء "ستجعلهم أكثر قوة وبأساً"، متعهداً بأن الدولة تولي أولوية للبحث عن كل مخطوف، والعمل على تحريره مهما كلف الثمن، على حد تعبيره.
ومنذ 25 يوليو/تموز 2018، شهدت مدينة السويداء أحداثاً متسارعة، بدأت بوقوع ثلاثة تفجيرات هي الأعنف في تاريخ المدينة، نفَّذها انتحاريون من تنظيم الدولة الإسلامية بأحزمة ناسفة، مما أوقع مئات القتلى والجرحى، ترافقت مع هجوم عسكري قاده عناصر التنظيم المتشدد على القرى المجاورة، وخطف وقتها 30 شخصاً من قرية "الشبكي" بينهم نساء وأطفال، ليقوم بعد ذلك بإعدام شاب درزي عمره 19 عاماً من بين الرهائن، وتلاها إعدام رهينة أخرى عمرها 25 عاماً تدعى ثروت أبو عمار.
"رجال الكرامة" ورفض الخدمة العسكرية
في وقت سابق، وفي ظل انشغال رجال الكرامة من أهالي مدينة السويداء جنوب سوريا بالتفاوض مع تنظيم "الدولة الإسلامية داعش" للإفراج عن المخطوفين لديه، وخاصة في ظل الضغط المحلي بعد إعدام الرهينة الثانية ثروت أبو عمار على يد عناصر التنظيم، أوفد النظام السوري عدداً من ضباط الجيش إلى المدينة لبحث مسألة التحاق شباب الطائفة الدرزية بالقطع العسكرية.
ونشر ناشطون من المدينة شريطاً مسجلاً من كواليس الجلسة التي ظهر فيها أحد الضباط برتبة عميد، وهو يتحدث للأهالي عن "مكرمة" من اللواء ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري بشار الأسد، تخص أبناء مدينة السويداء، يمنحهم من خلالها القدرة على أداء الخدمة العسكرية في المناطق الجنوبية من سوريا، التي تحيط بالسويداء.
وأوضح خالد، من السويداء، لـ "عربي بوست" أن اللقاء كان بهدف تخفيف الاحتقان بين النظام وأهالي المدينة، وأضاف أن ضباط النظام طلبوا لقاء شخصيات أخرى من المدينة، من غير المحسوبين على حركة "رجال الكرامة"، وحاولوا خلال الجلسة إظهار النظام السوري على أنه الضامن الوحيد للدروز والحامي لهم، ودعوا إلى العودة إلى سلطة النظام وإلغاء كافة المتغيرات التي حدثت بعد عام 2011.
ولفت خالد إلى أن كافة الأحداث التي شهدتها المدينة في الأشهر الماضية كان الهدف منها هو "الطعن برجال الكرامة والشيخ الحجار (أبو حسن يحيى الحجار) قائد مشايخ الكرامة"، وتابع قائلاً: "على الأغلب كل ما حدث هو بتخطيط من النظام لإضعاف دور مشايخ الكرامة وكسر هيبتهم أمام أهل الجبل".
فيما أوضح أحد المسؤولين عن المفاوضات مع تنظيم "الدولة الإسلامية" أن الشيخ الحجار أجرى العديد من الاتصالات للإفراج عن المخطوفين، لكن التنظيم لا يقبل حتى الآن ذلك، ورجح المسؤول في حديث مع "عربي بوست" أن يكون هناك اتفاق بين التنظيم والنظام، يقضي بسماح الأخير للعناصر المتشددة بالانتقال إلى أماكن أخرى في البادية السورية، مقابل متابعة احتجاز الرهائن إلى أن ينتهي النظام من التفاهم مع أهالي السويداء.
مضمون "المكرمة"
وطرح العميد مضمون الاقتراح الذي تقدم به ماهر الأسد أمام وجهاء مدينة السويداء تحت مسمى "مكرمة"، وقال الضابط كما يظهر في الشريط المسجل الذي بثه الناشطون: "في مكرمة من معلمنا في الفرقة الرابعة ماهر، يخص فيها أبناء الجبل.. بناء على رتبة أبناء السويداء الضباط الموجودون في الفرقة الرابعة دبابات"، وأشار إلى أن هذه "المكرمة" تنص على أن "كل مكلف لخدمة الاحتياط في الجيش العربي السوري من أبناء محافظ السويداء فقط يلتحق بقيادة الفيلق الأول الموجود على طريق السويداء".
وذكر الصحافي السوري مالك أبو الخير أن العرض المقدم هو لجميع المطلوبين لأداء الخدمة، وأضاف أن مضمون الاقتراح ينص على أن "يخدم الشباب في منطقة الكسوة والمنطقة الجنوبية حصراً" القريبة من المدينة.
رفض جماعي لعرض النظام
"المكرمة" المقدمة لأهالي السويداء لم تلق قبولاً لديهم، وأظهر الشريط المسجل احتجاج أحد الأهالي على نظام التعامل داخل الجيش السوري، وعلى الأخص الرشاوى التي يفرضها الضباط على المجندين، واستشهد بإحدى الروايات المروية عن أساليب الضباط في جميع الرشاوى، فحدثهم عن ضابط قال إنه يعرفه بالاسم ومكان الخدمة، يقول لجنوده إنه أضاع "ألف ليرة سورية" قائلاً لهم: "من يجد لي هذه الألف ويعيدها إليّ سأعطيه إجازة لمدة 10 أيام!
ولفت المتحدث إلى أن هذه إحدى الأساليب الكثيرة التي يتم فيها جمع المال. ويضيف الرجل صاحب الحكاية: "طبعاً، كل الكتيبة ادّعت أنها وجدت الألف ليرة، وقامت بإعطائها للضابط".
فيما بيّن الصحافي السوري مالك أبو الخير أن "الاقتراح لم يتم الموافقة عليه حتى اللحظة من مشايخ العقل ومن الشيخ الحجار قائد رجال الكرامة"، وأضاف أن "الحجار أكد أنه لا نقاش حول وضع الشباب الدروز حتى يتم إطلاق سراح المخطوفين".
وفيما لو تم إطلاق سراح المخطوفين أشار أبو الخير إلى أن "الحجار يرفض أن يخدم الشباب في مكان آخر غير السويداء".
لماذا الحاجة للاحتياط في الجيش السوري؟!
واعتبر المسؤول في المفاوضات مع تنظيم الدول الإسلامية، أن كل ما يقوم به النظام هو محاولات لإعادة كل شيء إلى ما كان عليه قبل عام 2011، وإنهاء سيطرة حركة "رجال الكرامة" على المدينة، ولفت إلى أن أهم نقطة هي تفكيك جميع المجموعات المسلحة التي تقاتل للدفاع عن أهالي المدينة، وضمهم إلى الجيش السوري.
وأشار إلى أن النظام لا يقبل بوجود قوات عسكرية محلية غير تابعة لأوامره، أو خارجة عن سلطة الدولة.
وكانت حركة "رجال الكرامة" التي تأسست في عام 2012 على يد الشيخ أبو فهد وحيد البلعوس، عملت على تشكيل قوات محلية من أبناء المدينة، مهمتها الأساسية حماية السكان الدروز في السويداء من أي هجوم أو جهة. واتخذت الحركة موقف الحياد في الأزمة السورية، فهي لا تصنف نفسها على أنها معارضة ولا مؤيدة.
وتخضع الحركة لقيادتين من المراجع الدينية، هما الشيخ أبو عدنان راكان الأطرش، والشيخ أبو حسن يحيى الحجار، وهما يجمعان ما بين الشؤون الدينية والعسكرية للحركة.