قال الأمير تركي الفيصل، الرئيس السابق للاستخبارات العامة السعودية، الجمعة 9 نوفمبر/تشرين الثاني، إنَّ بلاده تفخر بنظامها القضائي ولن تقبل أبداً بتحقيقٍ دولي في مقتل الصحافي جمال خاشقجي، حسب تقرير شبكة abc News الأميركية.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ومنظمات حقوقية، وبعض قادة الحكومات دعوا لإجراء تحقيقٍ مستقل في عملية القتل التي وقعت يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي للكاتب بصحيفة The Washington Post الأميركية داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، حيث ذهب للحصول على بعض الأوراق حتى يتمكن من الزواج من خطيبته التركية. ودعت الولايات المتحدة الاثنين الماضي 6 نوفمبر/تشرين الثاني إلى تحقيقٍ "شامل وقاطع وشفاف" في مجلس حقوق الإنسان بجنيف.
وقال تركي في خطابٍ وجلسة لاستقبال الأسئلة والإجابة عنها في معهد السلام الدولي، وهو مركز أبحاث أميركي، إنَّه يتوقع أن تفي المملكة بتعهُّدها بالتحقيق و"طرح كل الحقائق على الطاولة" والإجابة عن كل الأسئلة العالقة، بما في ذلك مصير جثة خاشقجي.
وأضاف: "لن تقبل المملكة بمحكمة دولية للنظر في شأنٍ سعودي، والنظام القضائي السعودي سديد، إنَّه قائم ويعمل وسيأخذ مجراه. والمملكة.. لن تقبل أبداً بتدخُّلٍ أجنبي في هذا النظام".
يقارن بـ سجن أبو غريب
وأكد الأمير تركي الفيصل أنَّ السعودية في ذلك تحذو حذو الدول الأخرى التي رفضت السماح لمحاكم دولية بالتحقيق في أفعال وقعت على أراضيها أو في مناطق أخرى على يد مواطنيها. واستشهد بإساءة القوات الأميركية وموظفي وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) معاملة السجناء في سجن أبوغريب بالعراق بعد الغزو الأميركي في 2003، وهو الأمر الذي حقَّقت فيه الولايات المتحدة.
وقال الأمير إنَّ خاشقجي كان هو المتحدث باسم السفارة السعودية حين كان تركي سفيراً للسعودية لدى الولايات المتحدة وبريطانيا، وأنَّهما كانا "ودودين للغاية تجاه بعضهما على مدار السنوات". وتحدث عن موت خاشقجي مُستشهِداً بآية من القرآن، قائلاً: "تقول الآية إنَّ قتل نفسٍ بريئة هي كقتل الناس جميعاً. وموته يندرج تحت هذا الإطار".
جديرٌ بالذكر أنَّ السعودية أصرَّت لأسابيع بعد اختفاء خاشقجي على أنَّه قد غادر القنصلية، قبل أن تُغيِّر روايتها لتقول إنَّه مات في شجار. والشهر الماضي أكتوبر/تشرين الأول، اعترفت السعودية بأنَّ الأدلة التركية تشير إلى أنَّ قتل خاشقجي كان بنيةٍ مُسبَقة، مُغيِّرةً بذلك تفسيرها للواقعة في مسعًى واضح لتهدئة الغضب الدولي حيال موت خاشقجي.
وتقول تركيا إنَّ خاشقجي، الذي كان مُنتقِداً لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، خُنِق وقُطِّعَت أوصاله داخل القنصلية السعودية بإسطنبول في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول على يد فريق اغتيال يتألف من 15 فرداً. وأشارت تقارير إعلامية إلى أنَّ جثته ربما أُذيبت كيميائياً.
ويصف المسؤولون السعوديون جريمة القتل بأنَّها عملية مارقة نفذها عملاء سعوديون تجاوزوا سلطتهم. لكنَّ بعض المتورطين في الجريمة مُقرَّبون من ولي العهد، بما في ذلك أحد أفراد الفريق المرافق للأمير في رحلاته الخارجية شُوهِد في القنصلية قبل قتل خاشقجي. وفشلت إدانة ولي العهد لعملية القتل في تهدئة الشكوك حول تورُّطه.
وتسعى تركيا لتسلُّم 18 مشتبهاً به احتُجِزوا في السعودية حتى يمكن محاكمتهم في تركيا. ويضم هؤلاء الأعضاء الـ15 في "فريق الاغتيال" المزعوم.
من المسؤول حسب تركي الفيصل
وقال الأمير تركي، الذي يرأس مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، إنَّ رؤيته هي أنَّه لم تكن ثمة محاولة للتستُّر.
بل قال إنَّ ما أُبلِغ للسلطات السعودية كان "مُضلِّلاً"، لأنَّ "أولئك الذين ارتكبوا الجريمة أرادوا إخفاء ما حدث وتبرير ما قالوه للسلطات".
واتهم وسائل الإعلام بالسعي لـ"الإثارة وإلقاء الاتهامات" حول ولي العهد "دون حقائق"، والاستناد إلى "محض تكهُّنات".
فقال: "الحقيقة هي أنَّك لا يمكنك أبداً إخفاء الحقيقة، والمملكة لن تحاول أبداً إخفاء الحقيقة، ليس في هذا الموقف فقط، بل وفي كل المواقف الأخرى".
وأكَّد أنَّ التقرير النهائي "سيُحدِّد بالضبط ما حدث ويجيب عن كل تلك الأسئلة التي أُثيرت التكهُّنات بشأنها وحُوِّلت إلى قضايا ضخمة".