انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السعودية مجدداً على خلفية مقتل الصحافي البارز جمال خاشقجي، وصعَّد الضغط على المملكة بمناشدته حلف شمال الأطلسي (الناتو) ليكون وسيلة لضمان معاقبة مُرتكبي الجريمة.
وفي مقال رأيٍ نُشِر بصحيفة The Washington Post الأميركية أمس الجمعة 2 نوفمبر/تشرين الثاني، كرَّر رجب طيب أردوغان تأكيده على أنَّ أمر قتل خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول صدر من "أعلى المستويات بالحكومة السعودية"، بحسب صحيفة The New York Times الأميركية
لكن في الوقت ذاته، قال أردوغان إنَّه لا يعتقد أنَّ الملك سلمان كان هو مَن أَمَرَ بقتل خاشقجي. وبدا أنَّ في ذلك إشارة إلى أنَّه يُلقِي باللوم على ولي العهد محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة.
وكتب أردوغان في صحيفة The Washington Post، وهي الصحيفة ذاتها التي كانت تنشر مقالات خاشقجي: "يجب ألَّا يجرؤ أحدٌ مجدداً على ارتكاب أفعالٍ كتلك على أرض دولةٍ حليفة بالناتو. جريمة قتل جمال خاشقجي كانت انتهاكاً صريحاً وإساءة استعمال صارخةً لاتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية. وعدم معاقبة الجُناة قد يُسجِّل سابقةً شديدة الخطورة".
سرَّب المسؤولون الأتراك سيلاً من التفاصيل بشأن قضية قتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية في يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول. وكان خاشقجي ذهب إلى هناك من أجل الحصول على وثائق كانت لتسمح له بالزواج من خطيبته التركية.
لكنَّ الحكومة السعودية غيَّرت روايتها عدة مرات لاحقاً، بعد نفيها في البداية مقتل خاشقجي داخل القنصلية، قبل أن تعترف أخيراً بأنَّ فريقاً من العملاء كان قد سافر من السعودية لقتله. وقالت إنَّها ألقت القبض على 18 شخصاً ذا صلةٍ بجريمة القتل.
لكنَّ المسؤولين لم يفصحوا عن مكان جثة خاشقجي أو هوية مَن أَمَرَ بقتله.
أردوغان لن يترك القضية
ويبدو أنَّ الأمير محمد بن سلمان ما زال يحتفظ بقبضةٍ قوية على السلطة في السعودية، على الرغم من التوافق الدولي المُتزايد بأنَّه كان وراء عملية القتل. ووفقاً لأشخاص على درايةٍ بالمداولات التي تجري داخل البيت الأبيض، قرَّرت إدارة ترمب الوقوف بجانبه.
مع ذلك، أظهر أردوغان أنَّه لا نية لديه لتَرك القضية تخبو. وكان خاشقجي صديقاً للرئيس التركي وللعديد من مستشاريه المقربين، واعتبر أردوغان مقتله إهانةً شخصية له.
وكتب أردوغان: "يأمل البعض أن تمر هذه 'المشكلة' مع الوقت. لكنَّنا سنستمر بطرح هذه الأسئلة، وهي أسئلةٌ حاسمة بالنسبة للتحقيق الجنائي في تركيا، وكذلك بالنسبة لعائلة خاشقجي وأحبائه".
وأضاف: "على أقل تقدير، يستحق خاشقجي دفناً لائقاً يتوافق مع التعاليم الإسلامية".
انتقد أردوغان كذلك بشدة القنصل العام السعودي، فضلاً عما وصفه بأنَّه غياب للتعاون من جانب المحقِّقين السعوديين.
وكتب أردوغان: "مع أنَّ الرياض احتجزت 18 مشتبهاً به، لكن من المثير للقلق بشدة أنَّه لم يُتَّخذ أي إجراء بحق القنصل العام السعودي، ذلك الذي كذب كذباً بواحاً أمام وسائل الإعلام وهرب من تركيا بعد ذلك بوقتٍ قصير".
وأضاف: "وبالمثل، فإنَّ رفض النائب العام السعودي -الذي زار نظيره في إسطنبول مؤخراً- التعاون مع التحقيق الجاري في تركيا ورفضه الإجابة حتى على أبسط الأسئلة هوَ أمرٌ محبطٌ جداً. وبدت دعوته المحققين التركيين للذهاب إلى السعودية لإجراء المزيد من المحادثات بشأن القضية كما لو كانت تكتيكاً يائساً ومقصوداً بغرض المماطلة".
وأشار أردوغان في مقاله إلى أنَّه ينوي الاستمرار في تصعيد الضغط.
وكتب: "لو كانت هذه الجريمة الوحشية وقعت في الولايات المتحدة أو غيرها، كانت سلطات تلك الدولة ستصل إلى حقيقة ما حدث. ومحال أن نسلك أي طريقٍ آخر".