قال موقع The Daily Beast الأميركي، الخميس 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، إن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، كلف أميراً نافذاً في العائلة الحاكمة الدفاع عن سمعة المملكة خارجياً عقب مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي بمقر قنصلية بلاده في إسطنبول.
وبحسب الموقع الأميركي، فإن الأمير تركي الفيصل، الرئيس السابق للاستخبارات السعودية، سعى وراء الولايات المتحدة وتركيا وكل من هاجم المملكة منذ مقتل خاشقجي، من أجل تحسين صورة المملكة عقب هذه الجريمة الكبيرة.
وتحدث الأمير تركي الفيصل في المؤتمر السنوي لصناع السياسات العربية-الأميركية بواشنطن، الأربعاء 31 أكتوبر/تشرين الأول 2018، قائلاً: "الجريمة التي وقعت بالقنصلية السعودية في إسطنبول بقتل جمال خاشقجي، رحمه الله، مأساوية وغير مبررة، وهي موضوع الهجوم الحالي على السعودية وشيطنتها".
وكان الأمير تركي عمل مع خاشقجي في أثناء ترؤسه جهاز الاستخبارات العامة السعودية، وتعهد بأنَّ "العدالة ستأخذ مجراها"، مشدداً على أن قتلة خاشقجي سيُقدَّمون للعدالة.
محاولة إنقاذ سمعة السعودية
وبحسب الموقع الأميركي، فإن ما يقوم به الأمير تركي الفيصل هو الوجه العام لحملة المسؤولين السعوديين وأنصارهم المستمرة لإنقاذ سمعة السعودية وإعادة بنائها، وكذلك سمعة ولي عهدها محمد بن سلمان، الذي ألقى عليه بعض المسؤولين الأميركيين، الحاليين والسابقين، اللوم لتدبيره الاعتداء على خاشقجي.
أمر محمد بن سلمان الأمير تركي، الذي يُدرِّس في جامعة جورج تاون الأميركية، بالشروع في حملة علاقات عامة بنيويورك وواشنطن خلال الأسبوعين المقبلين، وفقاً لما ذكره شخصان على علمٍ بهذه الاستراتيجية.
لا تزال تفاصيل هذه الحملة غير واضحة، لكن هناك مصادر أبلغت موقع Daily Beast الأميركي أنَّ الأمير سيجتمع مع أعضاء من الكونغرس وجماعات ضغط ومسؤولين حكوميين وموظفين في الأمم المتحدة، وغيرهم من كبار الشخصيات؛ كوسيلة لتعزيز صورة السعودية بعد مقتل خاشقجي.
وفي حين أنَّه من الطبيعي أن يعقد تركي اجتماعات مع المسؤولين بالظروف العادية، قال مصدران على دراية بجدول أعماله خلال الأسابيع القليلة القادمة، إنَّ التفاعلات القادمة ستركز في المقام الأول على تداعيات التحقيق في قضية خاشقجي. قالت المصادر إنَّهم يتوقعون بشكل أساسي، أن يدافع تركي عن قدرة ولي العهد على حكم البلاد.
وقال جيرالد فايرستاين، السفير الأميركي السابق لدى اليمن في أثناء إدارة باراك أوباما: "من المنطقي أن يرسلوا شخصاً مثل الفيصل للقيام بهذه المهمة؛ إنَّه على اتصال وثيق مع الجميع وينظرون إليه باحترام. ولكن لنكن صادقين، لن يؤدي ذلك إلى تغيير رأي أي شخص"، بحسب الموقع الأميركي.
وقال أحد المسؤولين الأميركيين والذي اطلع على التحقيق الذي أجراه السعوديون: "لا يوجد أي شك بين المسؤولين السعوديين في أنَّ مقتل خاشقجي سيقوّض من قدرة محمد بن سلمان على الحكم. بل إنَّه يعزز الرواية السعودية الرسمية بأنَّ مستشار محمد بن سلمان، سعود القحطاني، ونائب رئيس الاستخبارات العامة اللواء أحمد عسيري المارقَين، دبَّرا المؤامرة وتسترا على الجريمة".
وتابع المسؤول الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، قائلاً: "يبدو أنَّ محمد بن سلمان يعتمد على مسؤولين أكثر حنكة يتمتعون بالوقار، ويحظون بالاحترام في الغرب مثل تركي، لتجنب حادث خاشقجي آخر".
تركي الفيصل ينفي
وتضم اللجنة التي تقدم المشورة لمحمد بن سلمان بشأن إعادة تنظيم أجهزة المخابرات "شخصيات مخضرمة" معروفة جيداً للمخابرات الأميركية مثل الفريق خالد بن علي الحميدان رئيس الاستخبارات العامة السعودية، ووزير الداخلية، على حد قول المسؤول.
وقال الأمير تركي لموقع Daily Beast، إنَّ الفكرة القائلة بأنَّه أُمِر بالدفاع عن سمعة محمد بن سلمان "هي أخبار زائفة تماماً".
وجاء في رسالة للسفارة السعودية في واشنطن، أرسلها أحد مسؤوليها عبر البريد الإلكتروني، إنَّ مشاركة الأمير تركي في المؤتمر "خُطِّط لها مسبقاً بشكلٍ جيد، وكثيراً ما يكون متحدثاً رئيسياً في هذا المؤتمر وفي غيره من الفعاليات بصفته الشخصية. وبخلاف هذه الارتباطات الشخصية، لسنا على علم بأي من حملات العلاقات العامة هذه".
وتأتي تصريحات الأمير تركي، يوم الأربعاء 31 أكتوبر/تشرين الول 2018، في الوقت الذي يبتعد فيه المسؤولون الحكوميون ومراكز الأبحاث والمستثمرون عن المملكة العربية السعودية في ضوء تفاصيل قضية خاشقجي. وقد أسقطت العديد من شركات العلاقات العامة الكبيرة الرياض كعميل، في حين علَّق آخرون عملهم مع المملكة حتى إشعار آخر، بحسب الموقع الأميركي.
الكونغرس وطريقة عقابه للسعودية
وبحسب الموقع الأميركي، فمنذ ظهور تفاصيل مقتل خاشقجي في وقتٍ سابق من الشهر الماضي (أكتوبر/تشرين الأول 2018)، ناقش أعضاء الكونغرس طرق معاقبة المملكة السعودية، وضمن ذلك إمكانية فرض إجراءات مالية، مثل العقوبات ضد المملكة وقياداتها. أصدرت إدارة ترمب بالفعل حظراً على تأشيرة دخول ضباط المخابرات المزعوم تورطهم في عملية إسطنبول.
وقد احتجزت المملكة نفسُها أكثر من 12 مسؤولاً عسكرياً واستخباراتياً، من بينهم اللواء عسيري، وأعفت القحطاني، مستشار بن سلمان، من منصبه، في الوقت الذي تُجري فيه تحقيقاً مع أولئك الذين نفذوا ما يزعم المسؤولون السعوديون أنَّه كان استجواباً مأساوياً جرى بشكلٍ خاطئ، عندما تعارك خاشقجي مع المحققين وقُتل عن غير قصد.
وقال المدعي العام التركي يوم الأربعاء 31 أكتوبر/تشرين الأول 2018، إنَّ خاشقجي قُتل خنقاً ثم قُطِّعت جثته خلال دقائق من دخوله القنصلية، في عملية قتل متعمدة. ولم يُعثرعلى جثته بعد.
وانتقد الأمير تركي بشدةٍ، التداعيات والاضطرابات التي ألحقت الضرر بالعلاقات الأميركية-السعودية، والتي أسفرت عن تعليق إدارة ترمب تأشيرات الدخول لأكثر من 12 سعودياً يجري التحقيق معهم في هذه الجريمة، وتهديد أعضاء الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الكونغرس بقطع التمويل عن الرياض.
وقال: "شدة الهجمة والجلبة المحيطة بها جائرة وخبيثة بالقدر نفسه. وإخضاع علاقتنا لهذه القضية أمر غير صحي على الإطلاق".
"علاقة أكبر من أن فشل"
ووصف تركي العلاقة بأنَّها "أكبر من أن تفشل"، مشيراً إلى الأوقات التي ساعد فيها السعوديون في الحرب على الإرهاب، وغالباً ما كانوا يتخذون مواقف لا تحظى بشعبية في جميع أنحاء العالم العربي، ومساعدتهم واشنطن في محاربة نفوذ إيران، إذ قال: "نحن نُمثِّل رصيداً لأصدقائنا، ولسنا عبئاً. قتالنا ضد قوى الظلام مستمر".
لكنَّه شنَّ هجوماً أيضاً على كلٍّ من الولايات المتحدة وتركيا، واقتبس قائلاً: "النبي عيسى، عليه السلام، يقول إذا كان بيتك من زجاج فلا ترمي الناس بالحجارة".
وتابع قائلاً: "يتعين على البلدان التي عذَّبت وسجنت أبرياء، وشنَّت حروباً قتلت فيها الآلاف استناداً إلى معلومات مفبركة، أن تتواضع في تعاملها مع الآخرين". وذلك في إشارة واضحة إلى الغزو الأميركي للعراق بناءً على معلومات استخباراتية خاطئة، واستجواباتها مع المشتبه بهم في أعمال الإرهاب بمواقع الاعتقال السرية لوكالة الاستخبارات المركزية والتي تُعرف بالمواقع السوداء.
وأنهى تركي كلمته بدعوة الحضور للوقوف دقيقة حداد على أرواح ضحايا الهجوم على الكَنيس اليهودي في مدينة بيتسبرغ الأميركية مطلع هذا الأسبوع، وقارن خسارتهم بمقتل خاشقجي، واقتبس آية من القرآن قال إنَّها تنطبق على كليهما: "مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً".