قالت صحيفة Financial Times البريطانية، الثلاثاء 23 أكتوبر/تشرين الأول 2018، إن عملية مقتل جمال خاشقجي ستؤثر بشكل مباشر على أسواق النقط، من خلال رغبة الولايات المتحدة الأميركية في تعويض السعودية لنقص الإنتاج الإيراني، مما يساهم في استقرار أسعار الطاقة عالمياً.
وبحسب الصحيفة البريطانية، لا تزال عملية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي تسفر عن عواقب غير متوقعة، وتعيد تشكيل العلاقات في الشرق الأوسط وخارجه. وكانت تركيا صارمة في ردِّ فعلها بشكلٍ مفاجئ، في حين قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إنَّ هذه القضية ستكون لها "عواقب وخيمة" على المملكة العربية السعودية.
ماذا يعني كل هذا بالنسبة لسوق النفط؟
ومن المقرر أن يكون شهر نوفمبر/تشرين الثاني مليئاً بالفعل بالتحديات. ستدخل العقوبات الأميركية الثانوية ضد إيران، والمتعلقة بقطاع الطاقة حيز التنفيذ في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، وتغطي النشاط الحالي، وكذلك الجديد داخل القطاع.
وتستبعد العقوبات أي شركة تواصل التعامل مع إيران من النظام المصرفي الأميركي، وهذه مشكلة بالنسبة لمعظم الشركات الكبرى في هذا القطاع، وتجعل أي محاولة من جانب الاتحاد الأوروبي لمعارضة فرض هذه العقوبات أمراً لا جدوى منه.
تراجعت صادرات النفط من إيران بالفعل إلى 700 ألف برميل يومياً منذ مايو/أيار، وفقاً لتقديرات موثوق بها من شركة الطاقة البريطانية S&P Global Platts، ويمكن أن تهبط بمقدار 900 ألف برميل يومياً في الربع الأخير من العام المقبل. يمكن أن يتفاقم هذا الانخفاض إذا تعزَّزت الإجراءات الأميركية بفرض مزيد من العقوبات على الدول والشركات التي تواصل القيام بأعمالها داخل إيران.
ومع استمرار الانخفاض التدريجي في إنتاج فنزويلا من النفط وتأثيره على الأسعار، صار الغموض بشأن إنتاج إيران وصادراتها هو العامل الرئيسي في تشكيل سوق النفط وتحديد الأسعار، التي ترتفع في الوقت الحالي بنحو الثلث عن العام الماضي.
لكنَّ التأثير الصافي لأي انخفاض في الصادرات الإيرانية يعتمد، بالطبع، على سلوك المورّدين الآخرين. لم يكن هناك أي وضوح حتى الآن حول ما إذا كان الأعضاء الآخرون في منظمة أوبك أو روسيا سيزيدون إنتاجهم لتغطية أي نقص، ويرغب الكثيرون في أن يشهدوا ارتفاعاً أكبر للأسعار.
مقتل خاشقجي غيَّر قواعد اللعبة
تُغيِّر الأحداث المحيطة بقتل خاشقجي في إسطنبول قواعد اللعبة، فقد نصَّب ترمب نفسه حليفاً ومدافعاً رئيسياً للمملكة العربية السعودية. قد تصر الولايات المتحدة على إجراء تغييرات في الرياض واستبدال محمد بن سلمان، ولي العهد، بشخص لديه فهم أفضل للمصالح الأميركية في المنطقة، لكن تغيير الأشخاص أمرٌ ثانوي بالنسبة للدعم الأوسع للمملكة. وكان واضحاً من ترمب أنَّ المملكة السعودية، المحطة الأولى في جولته الخارجية كرئيسٍ للبلاد، تُغطيها مظلة الحماية الأميركية إلى حدٍّ بعيد.
هذا الدعم المستمر له أهميته في السعودية، لكن سيكون له ثمنه، وهو زيادة في الإنتاج السعودي لتغطية أي عجز من إيران، مما يمنح الولايات المتحدة مجالاً كاملاً لفرض أشد عقوباتها دون المخاطرة بارتفاع أسعار النفط. ولا تملك الحكومة السعودية المعتمدة على الدعم الأميركي خياراً سوى الموافقة.
قد تكون افتراضات السوق حول المخاطر على أسعار النفط، تلك الافتراضات المبنية على الخوف من انقطاع إنتاج النفط وعدم كفايته، مرتفعة للغاية. يستمر الطلب العالمي في الزيادة تدريجياً، على الرغم من أنَّ الضعف النسبي للاقتصاد الصيني يشير إلى أنَّ وتيرة النمو قد تكون أبطأ مما هو متوقع. العرض كاف لتغطية الطلب، وهو وضع يمكن الحفاظ عليه إذا أكد السعوديون استعدادهم لإنتاج كل ما يعتبر ضرورياً.
السؤال التالي هو: كيف يمكن أن تتصرف إيران إزاء الضغوط الأميركية؟
بدأ تأثير العزلة يظهر بالفعل في بلد يعاني من تدهور الاقتصاد وتراجع العديد من المستثمرين الغربيين عن الصفقات المحتملة التي تشمل قطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات. ستحاول الشركات المنخرطة استعادة عافيتها وانتظار القرارات. قد يستنكر الكثيرون بهدوء فرض عقوبات خارجة عن نطاق الولايات المتحدة، لكن لا يبدو أنَّ هناك استعداداً لتحدي النظام القانوني الأميركي.
خطاب التحدي الذي تتبنَّاه إيران حالياً أمر متوقع، لكنه غير مقنع. منذ عام 1979، كانت أولوية القيادة الإيرانية هي ضمان بقاء الجمهورية الإسلامية، ويمكنهم أن يقرِّروا أنَّ التنازل الاستراتيجي عن برنامجهم النووي أفضل من المقاومة التي تخاطر ببقاء النظام.
مهما كانت الحقيقة حول قضية خاشقجي، فإنَّ الاختفاء المفاجئ للصحافي والمعلِّق المعروف قد وضع ترمب في الموقف الأقوى.