طالب أكثر من 40 عضواً في مجلس النواب الأميركي الرئيس دونالد ترمب بفرض "عقوبات صارمة وشاملة" على السعودية في حال ثبت تورُّطها بحادثة قتل جمال خاشقجي الصحافي السعودي المعارض.
جاء ذلك في رسالة بعث بها النواب الأميركيون إلى ترمب، ونشرها العضو في مجلس النواب لويد دوجيت على موقعه الرسمي، ووقَّعها أكثر من 40 مُشرِّعاً.
وبدأ النواب رسالتهم بالقول: "الدلائل القوية تشير إلى إعطاء حكام المملكة العربية السعودية أوامر بقتل جمال خاشقجي وتقطيع جسده".
وأشار النواب في الرسالة إلى أن هناك أدلة متزايدة "تشير إلى أن الحكومة السعودية دبرت اغتيال جمال خاشقجي".
وأعربوا عن تأييدهم زملاءهم في مجلس الشيوخ، الذين حثوا ترمب، الأسبوع الماضي، على التعامل مع الواقعة في إطار "قانون ماغنيتسكي"، الذي ينص على محاسبة الأطراف المتورطة في عمليات الاغتيال أو التعذيب خارج القانون.
وجاء في الرسالة: "في حال تطابقت معلومات تحقيقاتكم السريعة والنتائج التي ستتوصلون إليها مع الأخبار التي ترِد في الإعلام حيال هذا العمل المخيف ("قتل" خاشقجي)، فحينها سندعو إلى عقوبات صارمة وشاملة (ضد الأشخاص والدول المعنيَّة)".
كما دعا الموقِّعون على الرسالة الولايات المتحدة إلى تعليق انخراطها في دعم التحالف العسكري الذي تقوده السعودية باليمن ضد جماعة الحوثيين، وقالوا إن الحرب في هذا البلد "أسفرت عن مقتل عدد لا حصر له من النساء والأطفال العزل".
واختفت آثار الصحافي السعودي في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2018، عقب دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول، لإجراء معاملة رسمية تتعلق بزواجه.
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أن مسؤولين أتراكاً أبلغوا نظراءهم الأميركيين أنهم يملكون تسجيلات صوتية ومرئية تثبت مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل القنصلية، وهو ما تنفيه الرياض.
ترمب يهدد بعقاب شديد
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قال الخميس 18 أكتوبر/تشرين الأول 2018، إن الصحافي السعودي جمال خاشقجي يبدو أنه مات، ولا بد أن تكون هناك عواقب وخيمة على السعوديين إن كانوا ضاعلين في ذلك.
وأضاف ترمب في مقابلة مع صحيفة New York Times الأميركية، أن هناك تقارير استخباراتية أميركية تفيد بوجود دور سعودي عالي المستوى في عملية اغتيال خاشقي في مقر قنصلية بلاده في إسطنبول.
واعتبر ترمب أن اغتيال خاشقجي يعد أصعب الأحداث التي هزت العالم منذ وصوله إلى البيت الأبيض قبل عامين.
وقال للصحفيين في قاعدة أندروز الجوية ردا على سؤال عما إذا كان خاشقجي قد مات: "يبدو هذا من المؤكد بالنسبة لي". وأضاف "هذا محزن جدا".
وأضاف الرئيس الأميركي أنه بانتظار التفاصيل من "نحو 3 تحقيقات منفصلة حتى يتسنى لنا معرفة حقيقة" مقتل خاشقجي.
ومضى يقول ردا على سؤال حول العواقب إذا تم ربط زعماء سعوديين باختفاء خاشقجي: "حسنا، يتعين أن تكون (العواقب) بالغة الشدة. أعني، هذا شيء سيء، لكن سنرى ما سيحدث".
ويعد هذا التصريح هو الأقوى من قِبل الرئيس الأميركي على مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي بعد دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول قبل أسبوعين.
وكان ترمب قد طلب الأربعاء 17 أكتوبر/تشرين الأول 2018، الأدلة التي بحوزة تركيا على مقتل خاشقجي في مقر القنصلية.
وكانت وسائل إعلام تركية قالت إن الأجهزة الأمنية التركية لديها تسجيلات صوتية ومقاطع فيديو تفيد بمقتل جمال خاشقجي على يد فريق سعودي جاء بطائرتين خاصتين من الرياض لهذا الأمر.
فرصة أميركية للتحقيق
وقال وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، إن الولايات المتحدة ستمنح الرياض بعض الوقت لإجراء تحقيق شفاف في قضية خاشقجي، في حين تعهد ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، بمتابعة التحقيق بنفسه.
وتحوم الشكوك حول ضلوع ولي العهد السعودي في عملية الاغتيال، بحسب التسريبات التي تكشفها الصحافة التركية، بشكل شبه يومي، حول المتهمين في اغتيال خاشقجي.
وكان آخر ما تم كشفه، الخميس 18 أكتوبر/تشرين الأول 201/، هو الصور التي رصدت ماهر مترب، ضابط المخابرات السعودي الذي تربطه علاقات وثيقة بمحمد بن سلمان، في أثناء دخوله القنصلية السعودية قبل ساعات قليلة من مقتل خاشقجي، وسفره إلى دبي في اليوم نفسه.
وبحسب وسائل الإعلام التركية، فإن "مترب" كان هو مسؤول التنسيق عن العملية بالكامل.
قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، إنه أبلغ الرئيس دونالد ترمب بأنه ينبغي للولايات المتحدة منح السعودية بضعة أيام إضافية، لإنجاز تحقيقها في "اختفاء" مقتل جمال خاشقجي ، وأكد أن ترمب تلقى تعهدا من محمد بن سلمان للكشف عن ذلك.
وأشار إلى أنه أوضح للسعوديين والأتراك أن الولايات المتحدة تأخذ قضية مقتل جمال خاشقجي بجدية شديدة.
وأضاف بومبيو للصحافيين في البيت الأبيض، الخميس 18 أكتوبر/تشرين الأول 2018، بعد اجتماع مع ترمب "أبلغت الرئيس ترمب هذا الصباح بأنه ينبغي لنا منحهم بضعة أيام إضافية… حتى يتوفر لنا أيضاً فهم كامل للوقائع"، قبل اتخاذ قرار بشأن الرد.
تعهُّد شخصي من محمد بن سلمان للكشف عن ملابسات مقتل جمال خاشقجي
وأشار وزير الخارجية الأميركي إلى أن ولي العهد السعودي قدَّم تعهداً شخصياً لترمب عندما تحدثا، وفق ما نقلته "رويترز"، وأضاف أن الرئيس التركي أردوغان أكد له أنه سيُطلع السعوديين على نتائج التحقيق.
وكان مايك بومبيو، قد أشار يوم الأربعاء 17 أكتوبر/تشرين الأول، قبل أن يغادر السعودية في طريقه إلى تركيا، أن المملكة تعهَّدت بإجراء تحقيق كامل في مقتل جمال خاشقجي .
وفي السعودية، التقى بومبيو بالعاهل السعودي الملك سلمان، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ووزير الخارجية عادل الجبير.
وقال بومبيو للصحافيين المرافقين له بعد ركوبه الطائرة المتجهة إلى أنقرة: "أكدت في كل اجتماع من هذه الاجتماعات أهمية أن يقوموا بإجراء تحقيق كامل في اختفاء جمال خاشقجي. وتعهدوا بهذا".
وأضاف: "قالوا إنه سيكون تحقيقاً مستفيضاً وكاملاً وشفافاً… وأشاروا إلى أنهم يدركون ضرورة أن يجري هذا في الوقت المناسب وبسرعة حتى يتسنّى لهم الإجابة عن أسئلة مهمة".