يعد من أحد رموز التجديد في العالمين العربي والإسلامي، والذي تحمل بسبب جرأة مواقفه، الكثير من حياته، ودخل السجن، إنه الداعية السعودي، سلمان العودة الذي طالبت النيابة العامة السعودية بإعدامه في بداية محاكمته بالرياض، الثلاثاء 4 سبتمبر/أيلول، بعدما وجَّهت له 37 تهمة، حسبما أفادت وسائل إعلام محلية.
فمن هو الداعية السعودي سلمان عودة:
المولد والنشأة
سلمان العودة، عالم شرعي وداعية سعودي، أحد رموز الوسطية الإسلامية، من أكثر علماء الدين السعوديين جرأة، كلفته آراؤه الفقهية السياسية دخول السجن، له إسهامات شتى في الدعوة والفتوى والعمل الخيري.
ولد يوم 14 ديسمبر/كانون الأول عام 1956 في قرية البصر التابعة لمدينة بريدة (منطقة القصيم) بوسط السعودية.
الدراسة والتكوين
قضى جزءاً من طفولته في قريته ثم انتقل إلى بريدة لمتابعة تعليمه. درس المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية في بريدة، ثم التحق بجامعة الإمام محمد بن سعود في القصيم حيث نال شهادة بكالوريوس في الشريعة.
حصل على الماجستير من قسم السنّة وعلومها في كلية أصول الدين عن موضوع "أحاديث الغربة".
وتتلمذ على علماء بارزين من أمثال عبد العزيز بن باز ومحمد بن صالح العثيمين وعبد الله بن جبرين والشيخ صالح البليهي.
وفي عام 2004، نالَ العودة شهادة الدكتوراه في الشريعة من جامعة الإمام محمد بن سعود عن بحث من أربع مجلدات حول جزء الطهارة من كتاب "بلوغ المرام".
الوظائف والمسؤوليات
بدأ العودة حياته العملية مدرساً للمعهد العلمي ببريدة، وعمل معيداً ثم أستاذاً بجامعة الإمام محمد بن سعود في القصيم حتى أقيل منها عام 1994 بسبب مواقفه السياسية.
يتولى العودة حالياً (2016) عدة مسؤوليات دعوية ذات طابع دولي، فهو نائب رئيس منظمة النصرة العالمية، والأمين المساعد لاتحاد علماء المسلمين.
كما يعمل عضواً بمجلس الإفتاء الأوروبي، إلى جانب أدواره في عدد من الجمعيات والمؤسسات العلمية والخيرية بالعالم الإسلامي. وأسس عام 2000 مجموعة "الإسلام اليوم" وأشرف عليها مدة عشر سنوات.
التجربة العلمية
برز كأحد أهم رموز الصحوة الدينية. وفي 1991 كان ضمن من انتقدوا تعاون السعودية مع الولايات المتحدة في حرب الخليج الثانية.ما تسبب في استدعائه للتحقيق أكثر من مرة.
وفي يونيو/حزيران 1992 كان العودة واحداً من بين الموقعين على "مذكرة النصيحة" التي وجهها علماء وأساتذة جامعات للملك الراحل فهد بن عبد العزيز، وتضمنت المطالبة بإصلاحات قانونية وإدارية واجتماعية وإعلامية في الإطار الشرعي الإسلامي.
وفي سبتمبر/أيلول 1993 مُنع العودة من إلقاء الخطب والمحاضرات العامة، ثم أودع السجن يوم 16 أغسطس/آب 1994 فقضى فيه خمس سنوات دون محاكمة.
قبل الإفراج عنه في أبريل/نيسان 1999 راجع العودة أفكاره على أيدي عدد كبير من العلماء حاوروه داخل السجن. وبعد خروجه منه طور العودة خطاباته وأصدر نصاً مصوراً بعنوان "نعم أتغيَّر".
يقول العودة إن العزلة في السجن منحته الحرية ونقلته من الضيق إلى السعة ومن الانكفاء إلى الحياة، وجعلته يرى الوجوه الناصعة وقراءة الجانب الإيجابي لدى الآخرين.
وفي مرحلة ما بعد السجن، باتت الدعوة إلى "الوسطية الإسلامية" تحتل حيزاً هاماً بخطب ومحاضرات العودة حتى صار يُنظر إليه بوصفه أحد أهم رموزها في السعودية.
موقف سلمان العودة من ثورات الربيع العربي
وقف العودة مع التغيير في أحداث "الربيع العربي" وأيد الشعوب في حراكها السلمي، مما ترتب عليه حرمانه من المنابر التي كان يخاطب من خلالها جمهوره، ومنع من السفر إلى الخارج.
وفي 15 مارس/آذار 2013، وجّه العودة خطاباً مفتوحاً للنظام السعودي مطالباً بإطلاق سراح معتقلي الرأي، وامتصاص الغضب الشعبي المتعاظم فيما يتعلق بملف المعتقلين درءاً لخطر الفتنة.
وفي ذات العام أطلق قناة خاصة له على يوتيوب باسم (DrSalmanTv) قدم فيها برنامجاً بعنوان "وسم" كما أنشئت قناة فضائية تحمل اسم "سلمان.تي.في".
يعتبر العودة من أكثر علماء السعودية قرباً من جماعة الإخوان المسلمين التي يشيد بها ويعتز بمعرفة بعض رموزها والتتلمذ عليهم، لكنه نفى أكثر من مرة الانتماء لأي تيار إسلامي.
وبعد سيطرة الحوثيين على السلطة في اليمن أواخر 2014، قال العودة إن ما تفعله جماعة الحوثي تجاوز حدود التوصيف بالإرهاب فقط، معتبراً أن إيران تشكل خطراً على المنطقة بسبب استغلالها للأقليات.
يشارك العودة بانتظام في مؤتمرات علمية وسياسية بالعالمين العربي والإسلامي وفي أوروبا والولايات المتحدة.
ويظهر على وسائل الإعلام من حين لآخر وتستضيفه قناة الجزيرة في مواضيع سياسية ودينية، كما قدم برامج على "إم بي سي" و"المجد" وقنوات أخرى.
ومطلع عام 2016 توفيت هيا السياري زوجة العودة وأحد أبنائه وإحدى قريباته في حادث مرور إثر اصطدام السيارة التي كانوا على متنها بشاحنة.
ونعى العودة زوجته في تغريدة نشرها بحسابه الرسمي بموقع تويتر، وقال فيها "حين رحلت أدركت أني لا أستحقك، اللهم في ضيافتك وجوارك".
اعتقال سلمان العودة
ويوم 10 سبتمبر/أيلول 2017 تداول مغردون ووسائل إعلام متعددة نبأ اعتقاله من طرف السلطات السعودية في خضم أزمة عميقة بين قطر ودول خليجية تتصدرها الرياض.
🌐 في مثل هذا اليوم قبل 11 شهراً بدأت حملة اعتقالات سبتمبر التعسفية التي طالت منذ ذلك الحين مئات الناشطين والناشطات والأكاديميين والدعاة وغيرهم، وبدأت يومها باعتقال الشيخ #سلمان_العودة والدكتور #علي_العمري والشيخ #عوض_القرني. pic.twitter.com/h7shZWgxdI
— معتقلي الرأي (@m3takl) August 9, 2018
وقال المغردون إن اعتقال الشيخ -مع نحو عشرين آخرين- جاء إثر تغريدة دعا فيها إلى "تأليف القلوب" إثر نشر نبأ الاتصال الهاتفي بين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. ولم يصدر بعد أي تأكيد لنبأ الاعتقال من مصادر رسمية سعودية.
ويعتبر العودة من أكثر علماء الدين المسلمين استغلالاً لمواقع التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك وإنستغرام، ويحظى بمتابعة مئات الآلاف من مستخدميها.
مؤلفات سلمان العودة
ألف العودة عشرات الكتب في الفقه والتفسير والحديث والسياسة والإصلاح الاجتماعي. وتعكس العديد من هذه المؤلفات توجهه السياسي والديني.
ومن أبرز مؤلفاته: العزلة والخلطة، من أخلاق الداعية، أدب الحوار، عشرون طريقة للرياء، الأمة الواحدة، حوار هادئ مع الغزالي، شكراً أيها الأعداء، كيف نختلف، طفولة قلب، أنا وأخواتها.
وبعد اندلاع ثورات الربيع العربي أواخر 2010، أصدر العودة كتاباً بعنوان "أسئلة الثورة" عبر فيه عن رؤيته للثورات والموقف منها، لكن السلطات السعودية حظرت تداول الكتاب.
كما منعت تداول كتابه "زنزانة" وهو مصنف ثقافي يتناول العادات وأثرها وتغييرها.