دعك من كل التصعيد الذي تراه بين حماس وإسرائيل فلن تندلع الحرب فهذه الأسباب كفيلة أن توقفها

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/16 الساعة 15:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/17 الساعة 13:32 بتوقيت غرينتش
Israeli soldiers look over to the fence from the Israeli side of the border between Israel and Gaza during protest on the Gaza side June 8, 2018. REUTERS/Amir Cohen

على مدار 3 أيام خلت، زادت حدة التصعيد العسكري بين فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وعلى رأسها حماس، وبين إسرائيل التي قامت بعدة غارات على مناطق ومقرات تابعة للقسام لكن دون وقوع عدد كبير من الضحايا.

هذا التصعيد يعد الأعنف منذ آخر حرب شنتها إسرائيل على القطاع عام 2014، والتي أطلقت عليها عملية “الجرف الصامد” في المقابل سمتها حماس “العصف المأكول”، لكن رغم كل هذا التصعيد لم يقدم أي من الأطراف على تطويرها إلى حرب شاملة، مما فتح باب التكهنات حول عدم استعداد كل الأطراف بما فيها الإقليمية لنشوب حرب في المنطقة المتوترة أصلاً.

في هذا التقرير، سنحاول تسليط الضوء على الأسباب الرئيسة التي تدفع كلاً من فصائل المقاومة في القطاع وكذلك إسرائيل ودول عربية من نشوب هذه الحرب.

  • لماذا ترفض إسرائيل شن حرب الآن؟

لعل المتابع للشأن الفلسطيني يجد ثمة رغبة من قبل القيادة العسكرية في إسرائيل، تصاحبها رغبة سياسية أيضاً أن يظل الوضع في القطاع كما هو “حصار دون حرب” أو يمكن أن تسميه قتلاً بطيئاً، لكن فاتورة الحرب قد تكون مكلفة لإسرائيل في هذا التوقيت، عن غيره، ولكن هناك أسباباً أخرى تبدو بلا شك منطقية وهي

1- الوضع في سوريا مقلق لإسرائيل

على مدار سنوات الثورة السورية السبع التي مرت، كانت إسرائيل تراقب الوضع في الجوار وحسب ولم تقدم إلى التدخل عسكرياً، إلا عبر ضربات خاطفة، تضمن عدم تمدد حلفاء نظام بشار الأسد في المنطقة المجاورة لها، لكن هذه الاستراتيجية  تغيرت خلال الأشهر الماضية.

فخلال العام 2018، ضربت إسرائيل عدة قواعد سورية، تتمركز فيها قوات إيرانية أو على الأقل تابعة لطهران، خوفاً من وقوعها بين طرفي كماشة حزب الله من ناحية في مناطق نفوذه جنوب لبنان، وأيضاً، بالقرب من المليشيات الشيعية المنتشرة في درعا القريبة من هضبة الجولان المحتلة، فهذا التواجد بلا شك يدفع القادة العسكريين في إسرائيل للتفكير مرات قبل الإقدام على فتح أكثر من جبهة للحرب في المنطقة، خاصة وأن الأمور تسير وفق رغبة تل أبيب دون عناء الحرب.

2- فاتورة الحرب أيضاً مكلفة لإسرائيل!

من الواضح أن ما حدث في المعركة الأخيرة بين فصائل المقاومة في غزة وبين إسرائيل عام 2014، دفع تل أبيب للتفكير في أي خطوة عسكرية تجاه القطاع، فرغم الخسائر البشرية الكبيرة والتي وصلت إلى أكثر من 2100 فلسطيني، بينهم عدد كبير من الأطفال، إضافة إلى تدمير البنية التحتية في القطاع المحاصر، سقط أيضاً قتلى عسكريون من إسرائيل، تجاوزوا الـ 70، وأيضاً لأول مرة منذ حرب عام 1973، بين مصر وسوريا ضد إسرائيل، تدوي صافرات الإنذار في أماكن تمثل أهمية كبيرة بالنسبة لإسرائيل.

كذلك نجاح عناصر حماس في أسر عدد من الجنود الإسرائليين مما أعاد إلى الأذهان أزمة الجندي جلعاد شاليط الذي تفاوضت عليه حماس مع إسرائيل برعاية مصرية عام 2011، وانتهت بالإفراج عن عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين لدى إسرائيل.

ومن الأمور الأخرى أيضاً التي ترفع كلفة الحرب على إسرائيل، هي صواريخ حماس التي دوماً توصف بالبدائية، فخلال الأعوام التي أعقبت حرب 2014، شهدت هذه الصواريخ تطوراً كبيراً، من ناحية القوة والكفاءة مما يزيد من احتمالية وقوع خسائر كبيرة في الطرف الإسرائيلي إذا ما وقعت الحرب، رغم وجود ما يعرف بالقبة الحديدية، التي تتصدى لتلك الصواريخ، لكنها تعد مصدر إزعاج كبير للإسرائليين.

3- صفقة القرن تطبخ على نار هادئة

بات من المعروف ربما للجميع أن تسوية سياسية كبيرة يروجها صهر الرئيس الأميركي، ومستشار ترمب الخاص للمنطقة جاريد كوشنر، هذه التسوية أو ما يعرف بصفقة القرن، والتي تتم بدعم عربي كبير من قبل السعودية ومصر والإمارات، قد تنسف برمتها إذا ما اشتعلت حرب بين إسرائيل وحماس، وقد يدلل على هذا الأمر الاهتمام الكبير الذي تقوم به القاهرة لوقف أي تصعيد بين الأطراف في فلسطين، وكان آخرها قبل أيام.

وتعتبر إسرائيل أن تمرير هذه الصفقة هو هدية القرن بالفعل لها، فمن ثم ليس من الحصافة أن تقدم على حرب تعطل هذا المسار الذي قد يحقق لها أكثر ما تريد دون خسائر كبيرة بشرية كانت أو مادية، فهذا الأمر يدفع إسرائيل إلى البحث عن حل لتغيير المعادلة الخطيرة التي أفرزتها حرب 2014 وهي “القصف بالقصف”، التي تنتهجها فصائل المقاومة ضد إسرائيل، إلى البحث عن معادلة أخرى لا تزيد من سخط الرأي العام الداخلي في البلاد وتزيد من حالة الحنق ضد نتنياهو.

4- تهم الفساد التي تلاحق نتنياهو وزوجته

قد يرى البعض أن هذا الأمر قد يدفع رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى الهروب للأمام والدخول في حرب مع غزة، من أجل طي ملف الفساد، ولكن هذا الأمر قد يطيح به مباشرة إذا ما كانت نتائج هذه العملية العسكرية ليست كما يريد الرأي العام الإسرائيلي، خاصة من التطور النوعي للقذائف والعمليات التي تقوم بها الفصائل الفلسطينية منذ 2014.

فأي عملية عسكرية قد يقدم عليها نتنياهو لا يمكن له أن يضمن نتائجها في هذا التوقيت تحديداً، فلذلك قد يكون البحث عن حل آخر لقضية الفساد غير الدخول في حرب، هو الملاذ الآمن له، ويمكن من خلاله أن يقدم على إجراء انتخابات مبكرة، تعيد خلط الأوراق مرة أخرى في تل أبيب.

  • وماذا عن حماس وفصائل المقاومة الأخرى؟

حماس والفصائل الأخرى أيضاً لديها من يمنعها أو على الأقل يثير قلقها من الدخول في حرب جديدة الآن مع إسرائيل، خاصة في ظل حالة الحصار التي تضرب القطاع منذ 11 عاماً، والتي خلفت عدم رضا كبيراً بين أوساط الغزيين على عدم تحمل كلفة أي حرب جديدة، فيما يمكن أن تكون هذه الحرب أيضاً مدمرة لكل البنية التحتية لحماس والفصائل الباقية.

1- انفجار القطاع:

يبدو أن حماس تعلمت الدرس من خوض الحرب جيداً، خاصة بعد حالة التذمر التي باتت تضرب القطاع بسبب الحصار الخانق عليها منذ 11 عاماً، في الوقت الذي تريد أطراف عربية، تمرير صفقة القرن مقابل فك الحصار عن القطاع، وفتح المعابر وخاصة معبر رفح بشكل مستمر أمام الأفراد والبضائع أيضاً، ترى حماس أنه في حال نشوب هذه الحرب، قد تكون بداية النهاية لسيطرتها على القطاع، والدخول في مواجهات داخلية مع الغزيين.

ففي كل الأحوال لا يمكن أن تضمن حماس ماذا سيحدث في حال نشبت الحرب، خاصة في ظل رغبة إسرائيل هذه المرة، في تدمير بنية المقاومة وتأخيرها لسنوات، بعد النجاحات التي حققتها في الفترة الأخيرة، فالبعد الاقتصادي للقطاع “المخنوق”، يدفع حماس وباقي الفصائل في التفكير مرات قبل بدء هذه المعركة التي يراها كلا الطرفين مدمرة وغير مسبوقة.

2- وسائل أخرى أكثر نجاعة من الحرب:

حققت حماس خلال الأشهر الثلاثة الماضية عدة مكاسب تمثلت في نقل معركتها على الحدود بين القطاع وإسرائيل عبر ما يعرف بتظاهرات حق العودة، والتي تواكبت مع ذكرى يوم الأرض والنكبة، في مايو/أيار الماضي.

هذه الفعاليات والتي برزت آخرها ما يعرف بالطائرات الورقية الحارقة والتي سببت ضرراً كبيراً للمدنيين الإسرائيليين القريبين من قطع غزة، وزادت من غضبهم ضد نتنياهو، فيما قدمت حماس نفسها للرأي العام العالمي بأنها تقوم باحتجاجات سلمية، ليس بها عناصر مسلحة، فقد يكون هذا الأمر حقق بعض المكاسب المؤقتة لحماس وفصائل المقاومة وساهم في إشراك باقي سكان القطاع في معركتهم ضد إسرائيل بعيداً عن الحرب الشاملة، التي تكلف الكثير بالنسبة للفلسطينيين.

3- الوضع الإقليمي غير مناسب:

بالتأكيد عندما يقرر قادة حماس زيادة التصعيد والدخول في حرب شاملة، تكون أنظارهم على الدعم المعنوي والسياسي من قبل الدول الإقليمية، ولكن هذه المرة قد يكون التعاطف أقل بل بالعكس سيكون فرصة للقضاء على فصائل المقاومة بالكامل في حال دعمت الدول التي تقف على خلاف مع حماس و إيديولوجيتها، صفَّ إسرائيل.

فبالفعل الوضع الإقليمي ليس في صالح فصائل المقاومة، ففي مصر مثلاً، لم تشهد الأوضاع في غزة تعاطفاً كبيراً كما كان يحدث في الماضي، لعل حالة الانسداد السياسي في القاهرة هي السبب أو غياب جماعة الإخوان المسلمين عن الساحة المصرية قد يكون عاملاً هاماً في ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي.

كذلك المعارك التي تخاض في المنطقة سواء في سوريا أو اليمن قد تجعل الاهتمام بالوضع الفلسطيني ليس بكبير.

أيضاً ثمة أمر آخر في غاية الأهمية، وهو حالة العداء التي طفت على السطح بين دول عربية وإيران والرغبة الأميركية الحقيقية في حصار طهران أحد الداعمين لفصائل المقاومة الفلسطينية وأيضاً الحصار المفروض على قطر أحد الداعمين أيضاً من قبل السعودية والإمارات، قد يجعل الظرف الإقليمي ليس في صف حماس وأصدقائها وقد يؤدي إلى نتائج مدمرة إذا ما اشتعلت هذه الحرب.

4- بقاء معادلة القصف بالقصف:

تحرص فصائل المقاومة على بقاء معادلة هامة أفرزتها حرب 2014، وهي القصف بالقصف، أي أن أي قصف تقوم به إسرائيل، سيخلفه رد من قبل حماس وحركة الجهاد الإسلامي، مما يدفع إسرائيل أيضاً للتفكير كثيراً في هذا الأمر.

فمن الواضح أن هذه المعادلة تزيد من شعبية فصائل المقاومة عربياً التي ترى أنها ترد ولو بالقليل على ما تقوم به إسرائيل، فيما تعجز جيوش نظامية على القيام بهذه الخطوة كما حدث في سوريا قبل عدة أشهر.

فحماس بلا شك تريد إبقاء هذه المعادلة، ولكن في حال اندلعت الحرب قد تتغير هذه المعادلة بشكل كبير ليس في صالحها، قد يكون الأمر أو قد يكون العكس، ولكن في كل الأحوال يظل بقاء هذه المعادلة في صالح حماس وباقي الفصائل.

 

دعك من كل التصعيد الذي تراه بين حماس وإسرائيل فلن تندلع الحرب فهذه الأسباب كفيلة أن توقفها

دعك من كل التصعيد الذي تراه بين حماس وإسرائيل فلن تندلع الحرب فهذه الأسباب كفيلة أن توقفها

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/16 الساعة 15:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/17 الساعة 13:32 بتوقيت غرينتش
Israeli soldiers look over to the fence from the Israeli side of the border between Israel and Gaza during protest on the Gaza side June 8, 2018. REUTERS/Amir Cohen

على مدار 3 أيام خلت، زادت حدة التصعيد العسكري بين فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وعلى رأسها حماس، وبين إسرائيل التي قامت بعدة غارات على مناطق ومقرات تابعة للقسام لكن دون وقوع عدد كبير من الضحايا.

هذا التصعيد يعد الأعنف منذ آخر حرب شنتها إسرائيل على القطاع عام 2014، والتي أطلقت عليها عملية "الجرف الصامد" في المقابل سمتها حماس "العصف المأكول"، لكن رغم كل هذا التصعيد لم يقدم أي من الأطراف على تطويرها إلى حرب شاملة، مما فتح باب التكهنات حول عدم استعداد كل الأطراف بما فيها الإقليمية لنشوب حرب في المنطقة المتوترة أصلاً.

في هذا التقرير، سنحاول تسليط الضوء على الأسباب الرئيسة التي تدفع كلاً من فصائل المقاومة في القطاع وكذلك إسرائيل ودول عربية من نشوب هذه الحرب.

  • لماذا ترفض إسرائيل شن حرب الآن؟

لعل المتابع للشأن الفلسطيني يجد ثمة رغبة من قبل القيادة العسكرية في إسرائيل، تصاحبها رغبة سياسية أيضاً أن يظل الوضع في القطاع كما هو "حصار دون حرب" أو يمكن أن تسميه قتلاً بطيئاً، لكن فاتورة الحرب قد تكون مكلفة لإسرائيل في هذا التوقيت، عن غيره، ولكن هناك أسباباً أخرى تبدو بلا شك منطقية وهي

1- الوضع في سوريا مقلق لإسرائيل

على مدار سنوات الثورة السورية السبع التي مرت، كانت إسرائيل تراقب الوضع في الجوار وحسب ولم تقدم إلى التدخل عسكرياً، إلا عبر ضربات خاطفة، تضمن عدم تمدد حلفاء نظام بشار الأسد في المنطقة المجاورة لها، لكن هذه الاستراتيجية  تغيرت خلال الأشهر الماضية.

فخلال العام 2018، ضربت إسرائيل عدة قواعد سورية، تتمركز فيها قوات إيرانية أو على الأقل تابعة لطهران، خوفاً من وقوعها بين طرفي كماشة حزب الله من ناحية في مناطق نفوذه جنوب لبنان، وأيضاً، بالقرب من المليشيات الشيعية المنتشرة في درعا القريبة من هضبة الجولان المحتلة، فهذا التواجد بلا شك يدفع القادة العسكريين في إسرائيل للتفكير مرات قبل الإقدام على فتح أكثر من جبهة للحرب في المنطقة، خاصة وأن الأمور تسير وفق رغبة تل أبيب دون عناء الحرب.

2- فاتورة الحرب أيضاً مكلفة لإسرائيل!

من الواضح أن ما حدث في المعركة الأخيرة بين فصائل المقاومة في غزة وبين إسرائيل عام 2014، دفع تل أبيب للتفكير في أي خطوة عسكرية تجاه القطاع، فرغم الخسائر البشرية الكبيرة والتي وصلت إلى أكثر من 2100 فلسطيني، بينهم عدد كبير من الأطفال، إضافة إلى تدمير البنية التحتية في القطاع المحاصر، سقط أيضاً قتلى عسكريون من إسرائيل، تجاوزوا الـ 70، وأيضاً لأول مرة منذ حرب عام 1973، بين مصر وسوريا ضد إسرائيل، تدوي صافرات الإنذار في أماكن تمثل أهمية كبيرة بالنسبة لإسرائيل.

كذلك نجاح عناصر حماس في أسر عدد من الجنود الإسرائليين مما أعاد إلى الأذهان أزمة الجندي جلعاد شاليط الذي تفاوضت عليه حماس مع إسرائيل برعاية مصرية عام 2011، وانتهت بالإفراج عن عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين لدى إسرائيل.

ومن الأمور الأخرى أيضاً التي ترفع كلفة الحرب على إسرائيل، هي صواريخ حماس التي دوماً توصف بالبدائية، فخلال الأعوام التي أعقبت حرب 2014، شهدت هذه الصواريخ تطوراً كبيراً، من ناحية القوة والكفاءة مما يزيد من احتمالية وقوع خسائر كبيرة في الطرف الإسرائيلي إذا ما وقعت الحرب، رغم وجود ما يعرف بالقبة الحديدية، التي تتصدى لتلك الصواريخ، لكنها تعد مصدر إزعاج كبير للإسرائليين.

3- صفقة القرن تطبخ على نار هادئة

بات من المعروف ربما للجميع أن تسوية سياسية كبيرة يروجها صهر الرئيس الأميركي، ومستشار ترمب الخاص للمنطقة جاريد كوشنر، هذه التسوية أو ما يعرف بصفقة القرن، والتي تتم بدعم عربي كبير من قبل السعودية ومصر والإمارات، قد تنسف برمتها إذا ما اشتعلت حرب بين إسرائيل وحماس، وقد يدلل على هذا الأمر الاهتمام الكبير الذي تقوم به القاهرة لوقف أي تصعيد بين الأطراف في فلسطين، وكان آخرها قبل أيام.

وتعتبر إسرائيل أن تمرير هذه الصفقة هو هدية القرن بالفعل لها، فمن ثم ليس من الحصافة أن تقدم على حرب تعطل هذا المسار الذي قد يحقق لها أكثر ما تريد دون خسائر كبيرة بشرية كانت أو مادية، فهذا الأمر يدفع إسرائيل إلى البحث عن حل لتغيير المعادلة الخطيرة التي أفرزتها حرب 2014 وهي "القصف بالقصف"، التي تنتهجها فصائل المقاومة ضد إسرائيل، إلى البحث عن معادلة أخرى لا تزيد من سخط الرأي العام الداخلي في البلاد وتزيد من حالة الحنق ضد نتنياهو.

4- تهم الفساد التي تلاحق نتنياهو وزوجته

قد يرى البعض أن هذا الأمر قد يدفع رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى الهروب للأمام والدخول في حرب مع غزة، من أجل طي ملف الفساد، ولكن هذا الأمر قد يطيح به مباشرة إذا ما كانت نتائج هذه العملية العسكرية ليست كما يريد الرأي العام الإسرائيلي، خاصة من التطور النوعي للقذائف والعمليات التي تقوم بها الفصائل الفلسطينية منذ 2014.

فأي عملية عسكرية قد يقدم عليها نتنياهو لا يمكن له أن يضمن نتائجها في هذا التوقيت تحديداً، فلذلك قد يكون البحث عن حل آخر لقضية الفساد غير الدخول في حرب، هو الملاذ الآمن له، ويمكن من خلاله أن يقدم على إجراء انتخابات مبكرة، تعيد خلط الأوراق مرة أخرى في تل أبيب.

  • وماذا عن حماس وفصائل المقاومة الأخرى؟

حماس والفصائل الأخرى أيضاً لديها من يمنعها أو على الأقل يثير قلقها من الدخول في حرب جديدة الآن مع إسرائيل، خاصة في ظل حالة الحصار التي تضرب القطاع منذ 11 عاماً، والتي خلفت عدم رضا كبيراً بين أوساط الغزيين على عدم تحمل كلفة أي حرب جديدة، فيما يمكن أن تكون هذه الحرب أيضاً مدمرة لكل البنية التحتية لحماس والفصائل الباقية.

1- انفجار القطاع:

يبدو أن حماس تعلمت الدرس من خوض الحرب جيداً، خاصة بعد حالة التذمر التي باتت تضرب القطاع بسبب الحصار الخانق عليها منذ 11 عاماً، في الوقت الذي تريد أطراف عربية، تمرير صفقة القرن مقابل فك الحصار عن القطاع، وفتح المعابر وخاصة معبر رفح بشكل مستمر أمام الأفراد والبضائع أيضاً، ترى حماس أنه في حال نشوب هذه الحرب، قد تكون بداية النهاية لسيطرتها على القطاع، والدخول في مواجهات داخلية مع الغزيين.

ففي كل الأحوال لا يمكن أن تضمن حماس ماذا سيحدث في حال نشبت الحرب، خاصة في ظل رغبة إسرائيل هذه المرة، في تدمير بنية المقاومة وتأخيرها لسنوات، بعد النجاحات التي حققتها في الفترة الأخيرة، فالبعد الاقتصادي للقطاع "المخنوق"، يدفع حماس وباقي الفصائل في التفكير مرات قبل بدء هذه المعركة التي يراها كلا الطرفين مدمرة وغير مسبوقة.

2- وسائل أخرى أكثر نجاعة من الحرب:

حققت حماس خلال الأشهر الثلاثة الماضية عدة مكاسب تمثلت في نقل معركتها على الحدود بين القطاع وإسرائيل عبر ما يعرف بتظاهرات حق العودة، والتي تواكبت مع ذكرى يوم الأرض والنكبة، في مايو/أيار الماضي.

هذه الفعاليات والتي برزت آخرها ما يعرف بالطائرات الورقية الحارقة والتي سببت ضرراً كبيراً للمدنيين الإسرائيليين القريبين من قطع غزة، وزادت من غضبهم ضد نتنياهو، فيما قدمت حماس نفسها للرأي العام العالمي بأنها تقوم باحتجاجات سلمية، ليس بها عناصر مسلحة، فقد يكون هذا الأمر حقق بعض المكاسب المؤقتة لحماس وفصائل المقاومة وساهم في إشراك باقي سكان القطاع في معركتهم ضد إسرائيل بعيداً عن الحرب الشاملة، التي تكلف الكثير بالنسبة للفلسطينيين.

3- الوضع الإقليمي غير مناسب:

بالتأكيد عندما يقرر قادة حماس زيادة التصعيد والدخول في حرب شاملة، تكون أنظارهم على الدعم المعنوي والسياسي من قبل الدول الإقليمية، ولكن هذه المرة قد يكون التعاطف أقل بل بالعكس سيكون فرصة للقضاء على فصائل المقاومة بالكامل في حال دعمت الدول التي تقف على خلاف مع حماس و إيديولوجيتها، صفَّ إسرائيل.

فبالفعل الوضع الإقليمي ليس في صالح فصائل المقاومة، ففي مصر مثلاً، لم تشهد الأوضاع في غزة تعاطفاً كبيراً كما كان يحدث في الماضي، لعل حالة الانسداد السياسي في القاهرة هي السبب أو غياب جماعة الإخوان المسلمين عن الساحة المصرية قد يكون عاملاً هاماً في ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي.

كذلك المعارك التي تخاض في المنطقة سواء في سوريا أو اليمن قد تجعل الاهتمام بالوضع الفلسطيني ليس بكبير.

أيضاً ثمة أمر آخر في غاية الأهمية، وهو حالة العداء التي طفت على السطح بين دول عربية وإيران والرغبة الأميركية الحقيقية في حصار طهران أحد الداعمين لفصائل المقاومة الفلسطينية وأيضاً الحصار المفروض على قطر أحد الداعمين أيضاً من قبل السعودية والإمارات، قد يجعل الظرف الإقليمي ليس في صف حماس وأصدقائها وقد يؤدي إلى نتائج مدمرة إذا ما اشتعلت هذه الحرب.

4- بقاء معادلة القصف بالقصف:

تحرص فصائل المقاومة على بقاء معادلة هامة أفرزتها حرب 2014، وهي القصف بالقصف، أي أن أي قصف تقوم به إسرائيل، سيخلفه رد من قبل حماس وحركة الجهاد الإسلامي، مما يدفع إسرائيل أيضاً للتفكير كثيراً في هذا الأمر.

فمن الواضح أن هذه المعادلة تزيد من شعبية فصائل المقاومة عربياً التي ترى أنها ترد ولو بالقليل على ما تقوم به إسرائيل، فيما تعجز جيوش نظامية على القيام بهذه الخطوة كما حدث في سوريا قبل عدة أشهر.

فحماس بلا شك تريد إبقاء هذه المعادلة، ولكن في حال اندلعت الحرب قد تتغير هذه المعادلة بشكل كبير ليس في صالحها، قد يكون الأمر أو قد يكون العكس، ولكن في كل الأحوال يظل بقاء هذه المعادلة في صالح حماس وباقي الفصائل.

 

تحميل المزيد