هاجم المرشد الإيراني علي خامنئي، الأربعاء 23 مايو/أيار 2018، من جديد، موقف واشنطن الرافض للاتفاق النووي مع طهران، قائلاً إن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي يبرهن على أن طهران لا يمكنها التعامل مع بلد لا يفي بالتزاماته، كما وضع الزعيم الإيراني 7 شروط للاتحاد الأوروبي لكي تبقى طهران في الاتفاق النووي.
وفي أول تصريحات علنية له منذ أن طالب وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، إيران بإجراء تغييرات سياسية شاملة، عبر خامنئي عن اشمئزازه مما وصفه بالأسلوب العشوائي والمتباهي الذي تخلت بموجبه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن الاتفاق.
وقال في مقتطفات من كلمة نُشرت على موقعه الإلكتروني الرسمي: "لا يمكن للجمهورية الإسلامية أن تتعامل مع حكومة تنتهك بسهولة اتفاقاً دولياً وتسحب توقيعها عليه وتتباهى، في استعراض مسرحي، بانسحابها ذلك على شاشات التلفزيون".
وأشار خامنئي إلى ما وصفه بتجاربه مع سلوك الحكومات الأميركية المتعاقبة إزاء طهران على مدى عقود، فقال: "التجربة الأولى تتمثل في أن حكومة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة أیضاً لا یمكنها التعامل مع أميركا. ولكن، لماذا؟ لأن أميركا لا تلتزم بتعهداتها".
وأضاف: "التزمت إيران بالاتفاق ولم يكن لهم (الأميركيون) أي مبرر. وأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مراراً التزام إيران. لكن وكما رأيتم، هم يلغون بسهولةٍ هذا الاتفاق الدولي".
وقال خامنئي: "الرئيس الأميركي الحالي سيلقى مصير سابقيه نفسه: بوش والمحافظين الجدد وريغان، وسيُمحى من التاريخ".
خامنئي تجاهل شروط بومبيو
ولم يشر خامنئي بصورة مباشرة إلى تصريحات بومبيو يوم الإثنين 21 مايو/أيار 2017، والتي هدد خلالها إيران بـ"أقوى عقوبات في التاريخ" إذا لم تحجم نفوذها الإقليمي، متهماً طهران بدعم الجماعات المسلحة في دول مثل سوريا ولبنان واليمن.
وكان بومبيو يتحدث بعد أسبوعين من انسحاب الرئيس دونالد ترمب من الاتفاق النووي الدولي مع إيران والذي رُفعت بموجبه العقوبات عن طهران مقابل كبح برنامجها النووي. وترى القوى الأوروبية أن الاتفاق هو أفضل فرصة لمنع طهران من الحصول على سلاح نووي.
وتحول خامنئي بحديثه إلى القوى الأوروبية الأخرى، فقال إن إيران لا ترغب في بدء خلاف مع أوروبا، لكن التجربة أظهرت أن فرنسا وألمانيا وبريطانيا تتبع حليفتها واشنطن في "أكثر الأمور حساسية".
7 شروط للاتحاد الأوروبي
وحدد خامنئي 7 شروط أمام الاتحاد الأوروبي للإبقاء على الاتفاق النووي مع القوى العالمية، من ضمنها اتخاذ البنوك الأوروبية خطوات لتأمين التجارة مع بلاده بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق.
وجاء على موقع خامنئي الرسمي أنه اشترط أيضاً أن تحمي القوى الأوروبية مبيعات النفط الإيرانية في مواجهة الضغوط الأميركية، وأن تواصل شراء النفط الخام الإيراني، وأن تعِد بألا تسعى لمفاوضات جديدة بشأن برنامج إيران للصواريخ الباليستية وأنشطتها بالشرق الأوسط.
وقال خامنئي: "يجب أن تؤمِّن البنوك الأوروبية التجارة مع الجمهورية الإسلامية. لا نريد أن نبدأ نزاعاً مع هذه الدول الثلاث (فرنسا وألمانيا وبريطانيا)، لكننا لا نثق بها أيضاً… ويجب أن تضمن أوروبا مبيعات النفط الإيرانية ضماناً تاماً. وفي حالة تمكّن الأميركيين من الإضرار بمبيعاتنا النفطية… يجب أن يعوض الأوروبيون هذا ويشتروا النفط الإيراني".
أوروبا غاضبة من ترمب
وقالت فرنسا، وهي واحدة من عدة قوى أوروبية استاءت من انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران الذي أُبرم عام 2015، إن أسلوب واشنطن في فرض مزيد من العقوبات على طهران سيعزز موقف المتشددين المهيمنين في البلاد.
وأبلغ وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، أن "أوروبا متحدة جداً جداً في موقفها إزاء الاتفاق النووي مع إيران، وهذا لن يتغير"؛ لأنها تخشى من انتشار الأسلحة النووية على أعتابها.
وقال رئيس أركان الجيش الإيراني الميجر جنرال محمد باقري إن إيران لن ترضخ لضغوط واشنطن للحد من أنشطتها العسكرية.
ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عنه قوله: "هذا العدو (الولايات المتحدة) لا يملك الشجاعة للمواجهة العسكرية ولخوض حرب وجهاً لوجه مع إيران، لكنه يحاول وضع ضغوط اقتصادية ونفسية على الأمة الإيرانية".
تعريض المنطقة للخطر
وقال وزير الخارجية الأميركي، الأربعاء 23 مايو/أيار 2018، أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي، إن إدارة ترمب تعتزم العمل مع "أكبر عدد ممكن من الشركاء والأصدقاء والحلفاء" لوقف ما وصفه بكل تهديدات طهران، سواء النووية أو غير النووية.
وفي باريس، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، إن قرار الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووي وتطبيق استراتيجية صارمة ضد طهران من شأنهما أن يعززا المتشددين في إيران ويعرضا المنطقة للخطر.
وقال لودريان لراديو فرانس إنتر: "نختلف مع هذا الأسلوب؛ لأن هذه المجموعة من العقوبات التي ستُفرض على إيران لن تتيح مجالاً للحوار؛ بل على النقيض ستعزز المتشددين وستضعف الرئيس (حسن) روحاني. هذا الموقف قد يعرض المنطقة لمزيد من الخطر".
وذكر أن باريس سوف تستمر في تنفيذ الاتفاق حتى لو اتفقت مع الولايات المتحدة على ضرورة الحد من نشاط الصواريخ الباليستية الإيرانية وطموحات الهيمنة الإقليمية.
وقال إن باريس تشارك واشنطن قلقها بشأن الصواريخ الباليستية الإيرانية والطموحات الإقليمية، لكن الاتفاق النووي لعام 2015 كان أفضل فرصة لمنع إيران من الحصول على قنبلة نووية.