هل حلت الإمارات وأميركا النزاع الحاد بسبب السماوات المفتوحة حقاً؟.. إليك 4 أمور يجب أن تعرفها

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/15 الساعة 20:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/15 الساعة 20:48 بتوقيت غرينتش

يبدو أن ما يسميه البعض أكبر نزاع تجاريّ في التاريخ قد آل إلى نهايته، فقد أعلنت كل من الولايات المتّحدة الأميركيّة والإمارات العربيّة المتّحدة في وقت متأخّر من يوم الإثنين 14 مايو/أيّار حلّ الخلاف الذي امتدّ لثلاث سنوات حول من يستطيع القيام بالرّحلات الجويّة، وإلى أين ستّتجه هذه الرحلات، بحسب تقرير لصحيفة The Washington Post الأميركيّة.

إذن، على ماذا تتنازع شركات الطيران؟ إليك أربعة أمور يجب أن تعرفها:

1) تعتمد شركات الطيران الأميركيّة على ما يشبه اتفاقيّة للتجارة الحرّة.

اتّهمت شركتا خطوط دلتا الجويّة والخطوط الجويّة المتّحدة الأميركيّتان الشركات الخليجيّة المنافسة -طيران الإمارات، والاتّحاد للطيران، والخطوط الجويّة القطريّة- بتلقّي دعم حكوميّ يقدّر بالمليارات. ويُزعم أنَّ هذه الإعانات سمحت لشركات الطيران الخليجيّة بإغراق سوق السّفر الأميركي، ما أدّى إلى تخفيض أسعار الرحلات الجويّة ووضع المنافسين الأميركيّين وحلفائهم في ظروف سيّئة.

وتدّعي الشركات الأميركيّة أنَّ مثل هذا السلوك ينتهك روح الاتفاقيّات الثنائيّة للخدمات الجويّة. هذه الاتفاقيّات التي تُعرف باسم "اتفاقيّات السماوات المفتوحة" هي في جوهرها اتفاقيّة للتجارة الحرّة. فهي تمنح شركات الطيران من الدول الموقّعة- في الغالب- إذناً غير مشروط بالدّخول إلى أسواق بعضها البعض. لكن لا يُفترض بشركات الطيران أن تقدّم أسعاراً مخفّضة بشكل مصطنع بفضل الدّعم الحكوميّ الذي تحظى به، بحسب الصحيفة الأميركية.

2) ما الذي تتطلّبه الاتّفاقيّة الجديدة؟

وبحسب The Washington Post الأميركيّة، ستنشر الشركات الإماراتيّة الآن القوائم الماليّة التي "تتّفق مع معايير المحاسبة المعترف بها دوليّاً". لطالما كان الغموض الماليّ نقطة شائكة بالنسبة للشركات الأميركيّّة. وزعمت خطوط دلتا الجويّة والخطوط الجويّة المتّحدة أنَّ غياب الشفافيّة المحاسبيّة في دول الخليج سمح لشركات الطيران الخليجيّة بالتغطية على مليارات الدولارات من المساعدات الحكوميّة.

بالإضافة إلى التزام الشركات الإماراتيّة بعدم التخطيط لإجراء رحلات معيّنة، لا سيما بين الولايات المتّحدة وأوروبا. ويُذكر أنَّ طيران الإمارات تعمل في العديد من هذه المسارات.

وأثار تزايد هذه الرّحلات الجويّة على مرّ السنين غضب الشركات الأميركيّة التي تحرص على حماية حصّتها في سوق الطيران عبر المحيط الأطلسي. تدعم قوانين منع الاحتكار أرباح هذه المسارات جزئياً. إذ تسمح هذه القوانين للشركات الأميركيّة وشركائها بتنسيق جداول الرحلات وأعداد ركّابها -والأهمّ، أسعارها- دون خوف من العقوبة.

3) من هم الرابحون والخاسرون في هذه الاتفاقيّة؟

تدّعي كلٌّ من شركات الطيران الأميركيّة والخليجيّة أنَّها قد حقّقت انتصاراً. فقد قال ائتلاف اتفاقيّة السماوات المفتوحة -الذي يُمثّل مصالح الشركات الأميركيّة (خطوط دلتا الجويّة والخطوط الجويّة المتّحدة)- إنَّ الاتفاق يُعدّ "انتصاراً للوظائف الأميركيّة، ودليلاً على وقوف الرئيس ترمب في وجه الدّول التي تنتهك اتّفاقيّاتنا التجاريّة"، بحسب الصحيفة الأميركية.

وأشادت الحكومة الإماراتيّة، التي تمتلك كلّاً من طيران الإمارات والاتّحاد للطيران، بالاتفاق الجديد، واعتبرته حماية للوضع الرّاهن. وأشار وزير الاقتصاد الإماراتيّ إلى أنَّ طيران الإمارات والاتحاد للطيران بمقدورهما "التخطيط والبدء في خدمة جديدة" لا حدود لها تتّفق مع الاتّفاقيّة (الأصليّة).

4) والخلاصة؟ إنَّها نتيجة مختلطة.

كانت خطوط دلتا الجويّة والخطوط الجويّة المتّحدة في أمسّ الحاجة إلى الفوز، بعد أن أنفقتا الملايين على جهود الضغط التي سعت إلى كسب الاتّفاق لصالحهما. إنَّ اعتبار الاتفاقيّة مكسباً لأحد الطرفين هو أمر مختلف فيه. فقد تطلّب إثبات الانتهاك لاتفاقيّات السماوات المفتوحة وجود دليل على أنَّ الشركات الخليجيّة قدّمت "أسعاراً مخفّضة بشكل مصطنع" للمستهلكين، وربطه مباشرة بالدّعم الحكوميّ. لكنّ الشركات الأميركيّة لم تستطع الوصول إلى دليل يُثبت ادّعاءاتها، وذلك على الرّغم من جهودها الجريئة، بحسب الصحيفة الأميركية.

قد يفسّر هذا عدم تقييد الاتفاق الجديد بشكل صريح نموّ الشركات الخليجيّة في السوق الأميركيّة. على سبيل المثال، صحيحٌ أنَّ طيران الإمارات والاتّحاد للطيران لا تخطّطان لتوسيع خدماتهما في النقل عبر الأطلسي، إلّا أنَّه لا يوجد في الاتّفاق ما ينصّ على منعهما من ذلك. هذه الحقيقة معاكسة لما سعت إليه شركات الطيران الأميركيّة، أي "تجميد" الخدمات التي تقدّمها الشركات الخليجيّة في السوق الأميركيّة.

قد يعكس تدخّل إدارة ترمب بعض وقائع العولمة كذلك. فقد أصبحت شركات الطيران الأميركيّة الأصغر تعتمد بشكل متزايد على البنية التحتيّة الإماراتيّة للطيران لدعم نموّها الاقتصادي. إذ تعتمد كلٌّ من خطوط جيت بلو الجويّة وخطوط آلاسكا الجويّة على طيران الإمارات الذي مقرّه في دبي لتزويد شبكاتهما المحليّة بالمسافرين الأجانب. بالإضافة إلى أنَّ دبي تُعدّ مركزاً خارجياً لشركة الشحن الأميركيّة العملاقة FedEx Express، بحسب الصحيفة الأميركية.

وبحسب الصحيفة الأميركية، فمن شأن التراجع عن اتفاقيّات السماوات المفتوحة مع الإمارات أن يؤدّي إلى عرقلة هذه الشركات اقتصاديّاً، ما قد يُعرّض أجندة ترمب الداعمة للشركات للخطر. بالإضافة إلى أنَّ الشركات الخليجيّة أنفقت المليارات من الدولارات على شراء الطائرات أميركيّة الصنع. فطيران الإمارات على سبيل المثال، يقوم بتشغيل أكبر أسطول جويّ من طائرات بوينغ 777، التي دخل ما يزيد على 160 طائرة منها الخدمة بالفعل، بالإضافة إلى أنَّ أكثر من 160 طائرة أخرى لا تزال قيد الطلب.

وكان ترمب نفسه قد اعترف سابقاً بالمساهمات الاقتصاديّة لشركات الطيران الأجنبيّة. فقد قال العام الماضي "إنَّهم يأتون باستثمارات كبيرة، وفي أحيانٍ كثيرة تأتي هذه الاستثمارات من قبل حكوماتهم، لكنَّ هذا لا يغيّر من كونها استثمارات كبيرة".

تحميل المزيد