يمثل قرار الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني انتصاراً شخصياً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الذي بذل جهوداً ضده على مدى سنوات، لكن بلاده باتت الآن تترقب الرد الإيراني.
غداة إعلان ترمب، توجَّه نتنياهو إلى موسكو للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومن المتوقع أن يكون الاتفاق النووي الإيراني على طاولة المباحثات بين الرجلين.
وبالإضافة إلى ملف إيران النووي، سيبحث نتنياهو الوضع في سوريا، التي تشكِّل ساحة للنفوذ الإيراني المتزايد بالمنطقة، وأبرز محاور التوتر الإيراني-الإسرائيلي.
وتقول أميلي لانداو، الباحثة بمعهد دراسات الأمن القومي، إن نتنياهو قد يدعو موسكو لممارسة نفوذها على طهران لكبح جماح الحماسة الإيرانية.
وليل الثلاثاء/الأربعاء 9 مايو/أيار 2018، تم استهداف مخزن أسلحة يعود للحرس الثوري الإيراني في منطقة الكسوة بريف دمشق الجنوبي الشرقي؛ ما أدى إلى مقتل 15 مقاتلاً موالين لقوات النظام، بينهم 8 إيرانيين، بحسب ما أعلنه المرصد السوري لحقوق الإنسان. ونسب النظام السوري هذه الضربة، الثالثة خلال شهر، مجدداً إلى إسرائيل.
وقبل هذا القصف، وقبيل إعلان ترمب، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه طلب من السلطات المحلية بهضبة الجولان المحتلة أن تفتح وتحضّر الملاجئ المضادة للصواريخ؛ بسبب "أنشطة غير مألوفة للقوات الإيرانية في سوريا" بالجهة الأخرى من خط التماس.
انتصار لنتنياهو
يثير الوجود الإيراني في سوريا، حيث تدعم طهران على غرار موسكو نظام الرئيس بشار الأسد، قلق إسرائيل.
وأقامت روسيا "خطاً ساخناً" مع إسرائيل؛ لتفادي حوادث اصطدام طائراتهما الحربية في سوريا.
وكان نتنياهو تعهَّد مراراً بعدم السماح لإيران بترسيخ وجودها العسكري في سوريا المجاورة، حيث يُعتقد أن إسرائيل شنت عدة ضربات عسكرية، أشارت تقارير إلى أنها أسفرت في بعض الحالات عن مقتل عناصر إيرانيين.
وسَرَتْ مخاوف في إسرائيل من أن تردّ طهران.
ولطالما ادَّعت إسرائيل أنها ستكون الهدف المحدد في حال حيازة إيران سلاحاً نووياً، وشنت في السنوات الأخيرة سلسلة عمليات عسكرية وحملة ضد الاتفاق النووي على جميع الجبهات.
وبذل نتنياهو شخصياً جهوداً ضد الاتفاق. وفي عام 2015، تحدى إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، بذهابه أمام الكونغرس الأميركي وإلقائه خطاباً هناك، داعياً إياه لمعارضة الصفقة.
وقبل أسبوع، ألقى نتنياهو خطاباً وقدَّم عرضاً مفصلاً مباشرة على الهواء، وقال إن عشرات آلاف الوثائق تم الحصول عليها "قبل بضعة أسابيع، في عملية ناجحة بشكل مذهل في مجال الاستخبارات".
وقال نتنياهو إن هذه الوثائق تُثبت أن إيران كان لديها برنامج نووي سري.
وكتب المحلل الإسرائيلي بن كاسبيت، في صحيفة "معاريف"، أن "الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، قرأ ملخصاً لخطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كلمة بكلمة، دون أخطاء".
وبحسب كاسبيت، فإن "أي إسرائيلي عاقل يجب عليه أن يحيي ترمب ويعترف بكل صراحة، دون أي علاقة بالانتماء السياسي، بأن هذا أيضاً انتصار مدوٍّ لبنيامين نتنياهو".
وذكر ترمب أن الوثائق، التي حصل عليها جواسيس إسرائيليون في طهران، هي "الدليل القاطع" على سوء نية إيران.
تغيير النظام
ينقسم الخبراء حول التأثير الفعلي لهذه الوثائق على قرار الرئيس الأميركي.
ويقول ياكوف ناغيل، الذي شغل في السابق منصب مستشار الأمن القومي الخاص لنتنياهو، إنه يعطي علامة "أكثر من عشرة على عشرة" لترمب.
وقال للصحفيين، إن ترمب استخدم جملاً "لم يكن بإمكاني قولها بشكل أفضل" حول الاتفاق النووي الإيراني.
وأكد ناغيل: "لا تنسوا أن هناك 3 مستويات: هناك اتفاق جيد واتفاق سيئ، ولا اتفاق على الإطلاق (..). وهذا كان الخلاف الكبير بين الرئيس أوباما ورئيس الوزراء نتنياهو. اعتقدنا أن لا اتفاق هو أفضل من اتفاق سيئ".
وأضاف: "الآن، نحن بحاجة لاتفاق أفضل".
ويتحدث العديد من الخبراء عن المخاطر الأمنية التي تحدق بإسرائيل وإمكانية أن تجد إسرائيل نفسها وحدها في مواجهتها.
ويرى عاموس يادلين، مدير معهد الأمن القومي، أن الإيرانيين قد يقومون باستئناف تخصيب اليورانيوم، والانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، والبدء بسرعة في إنتاج قنبلة نووية.
وكتب يادلين، في صحيفة "يديعوت أحرونوت، أنه في ظل غياب منظومة دولية من العقوبات الصارمة، فإن "الخيار الوحيد لوقف إيران سيكون العمل العسكري"، لكنه أوضح أن "الرئيس ترمب لا يريد حرباً أخرى في الشرق الأوسط". وأضاف: "بالتأكيد، هو لن يُوقف عملاً إسرائيلياً، خلافاً لسلفه، لكن في نهاية المطاف فإن المهمة ملقاة على الأرجح على عاتقنا".