نتيجة قد تكون صادمة لقادة دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ إذ يبدو أن شعبيتهم ليست على ما يرام، والزعيم الأكثر شعبية أو الأقل من حيث النظرة السلبية من قِبل شعوب المنطقة، ليس زعيماً عربياً.
فقد عرض مركز Pew للأبحاث، التابع لمؤسسة "بو" الخيرية غير الربحية التي أنشأها مؤسس شركة صن للنفط الأميركي جوزيف نيوتن بو، نتائج استطلاعات للرأي حول أكثر الزعماء شعبية بالمنطقة، وكذلك تقييم شعوب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لنفوذ الدول المؤثرة في هذه المنطقة .
ما الدولة التي تراجعت؟
تتفق الأغلبية في 5 دول بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على أنَّ روسيا، وتركيا، والولايات المتحدة تلعب أدواراً أكثر أهمية في المنطقة مقارنةً بأدوارها قبل 10 سنوات، وذلك وفقاً لدراسةٍ أجراها مركز بيو للأبحاث في ربيع عام 2017.
وفي حين ترى نسبة متوسطة تبلغ 53% ممن استُطلِعَت آراؤهم في الدول نفسها أيضاً، أنَّ إيران تلعب دوراً أكثر أهمية، فإنَّ نسبةً أقل بالمنطقة ترى أنَّ إسرائيل والسعودية حازتا نفوذاً أكبر في السنوات العشر الماضية. وكانت مصر هي الدولة الوحيدة التي اعتبر الجمهور المشارك في الدراسة، أنَّ نفوذها تراجع عمَّا كان عليه قبل 10 سنوات، حسب المركز.
وعموماً، لا يُنظَر إلى عددٍ من القوى المؤثرة في الشرق الأوسط على نحوٍ إيجابي؛ إذ ينظر الثلث أو أقل إلى روسيا (بمتوسط 35% ممن استُطلِعَت آراؤهم) والولايات المتحدة (بمتوسط 27% ممن استُطلِعَت آراؤهم) نظرةً إيجابية. وداخل المنطقة، تُعَد النظرة إلى إيران سيئةً على نحوٍ خاص (14% فقط ينظرون إليها بإيجابية)، في حين كانت السعودية أفضل حالاً (44% ينظرون إليها بإيجابية).
زعماء أعلى شعبيةً وآخرون أكثر عرضة للكراهية
حسب المركز، تميل الجماهير بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا أيضاً إلى تقييم زعماء الدول الأخرى في المنطقة سلبياً.
إذ يحمل متوسطٌ يبلغ ثلث من استُطلِعَت آراؤهم تقريباً، آراءً إيجابية حيال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز. وجاءت النظرة تجاه العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، متدنية على نحوٍ مماثل.
وتنظر نسبة قليلة جداً إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، نظرةً إيجابية، في حين يمتلك متوسط 12% ممن استُطلِعَت آراؤهم نظرةً إيجابية تجاه الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الإيراني حسن روحاني. وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، هو الاستثناء ضمن تلك الرؤى السلبية عموماً، لكنَّ الآراء بشأنه لا تزال مختلطة، حسب المركز.
لماذا يتزايد نفوذ هؤلاء؟
يعلق المركز قائلاً: "ترى جماهير الشرق الأوسط أنَّ كلاً من الولايات المتحدة وروسيا تلعب أدواراً أكثر أهمية في المنطقة اليوم مقارنةً بأدوارهما قبل 10 سنوات.
ويقول النصف على الأقل من البلدان كافة المشمولة بالدراسة، إنَّ روسيا أكثر نفوذاً الآن مقارنةً بما قبل 10 سنوات. ويميل اللبنانيون، على وجه الخصوص، إلى القول إنَّ دور روسيا تزايد في المنطقة، ويتشارك الشيعة (81%) والسُنَّة (77%) هذا الرأي.
وتقول الأغلبية في 4 بلدان شملتها الدراسة، إنَّ أهمية الولايات المتحدة بالمنطقة زادت في السنوات العشر الأخيرة. وتوافق أغلبيةٌ في إسرائيل على ذلك، على الرغم من أنَّ ربع المشاركين تقريباً (24%) يرون أنَّ دور الولايات المتحدة في الوقت الراهن لم يتغير، في حين تقول نسبةٌ مماثلة تقريباً (27%) إنَّ دورها أصبح أقل أهمية.
وفي لبنان، يميل المسلمون السُنَّة (78%) أكثر إلى اعتقاد أنَّ دور الولايات المتحدة أصبح أكثر أهمية، مقارنةً بالمسيحيين (64%) أو المسلمين الشيعة (52%).
تركيا
وداخل المنطقة، يقول كثيرون إنَّ تركيا تلعب دوراً أكثر أهمية. وتُعد الجماهير في تركيا والأردن هي الأكثر احتمالاً للقول إنَّ دور تركيا بالمنطقة قد تزايد. في حين أنَّ إسرائيل هي البلد الوحيد الذي تقول فيه أغلبيةٌ إنَّ تركيا خسرت بعض النفوذ على مدار السنوات العشر الماضية. ويشيع هذا الرأي أكثر بين الإسرائيليين اليهود (45%) مقارنةً بالإسرائيليين العرب (29%).
إيران
ويقول نحو 8 من بين كل 10 أشخاص في لبنان، إنَّ إيران أكثر نفوذاً في الشرق الأوسط اليوم مقارنةً بما كانت عليه قبل 10 سنوات.
وتحمل أغلبياتٌ كبيرة عبر مختلف الطوائف الدينية هذا الرأي: 89% من المسلمين الشيعة، و77% من المسلمين السُنَّة، و71% من المسيحيين. أمَّا الرأي القائل إنَّ إيران تلعب الآن دوراً أقل أهمية بالمنطقة فتحمله نسبة الربع تقريباً في كلٍ من إسرائيل (24%) وتركيا (26%).
إسرائيل
ويقول أكثر من نصف الإسرائيليين والأردنيين إنَّ إسرائيل تضطلع بدورٍ أكثر أهمية في الشرق الأوسط. وفي إسرائيل، على الأرجح يحمل العرب واليهود هذا الرأي بالدرجة نفسها. وعلى النقيض من ذلك، يقول 3 من كل 10 أشخاص تقريباً في لبنان (31%)، إنَّ دور إسرائيل قد تراجع.
السعودية
وفي مختلف أنحاء المنطقة، تقول نسبة أقل إنَّ الدور السعودي في المنطقة قد تزايد. ويُعَدُ الأردن هو البلد الوحيد الذي تحمل فيه نسبةٌ تزيد على النصف وجهة النظر هذه، في حين أنَّ أغلبيةً (61%) من المسلمين السُنَّة في لبنان تقول ذلك. وتوافق نسبة الربع فقط، أو أقل، في كلٍ من إسرائيل وتركيا على ذلك الرأي.
مصر
وتقول قِلَّةٌ إنَّ مصر تلعب دوراً أكثر أهمية في الشرق الأوسط الآن مقارنةً بما قبل 10 سنوات. وعوضاً عن ذلك، يقول 4 أشخاص على الأقل من بين كل 10 في تركيا، ولبنان، وتونس، وإسرائيل، إنَّ أهمية مصر في المنطقة تضاءلت.
الدولة الأكثر سلبية
إجمالاً، تمتلك بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المشمولة بالدراسة رؤية سلبية للغاية تجاه إيران، وتُقيِّم بوجهٍ عام السعودية وتركيا بصورةٍ أكثر إيجابية.
إذ تتبنى أغلبيةٌ في كلٍ من تونس والأردن وجهات نظر إيجابية تجاه تركيا. أمَّا اللبنانيون، فينقسمون على أساس وجهات نظرهم الدينية، فيحمل أكثر من نصف المسلمين السُنَّة والمسيحيين، و8% فقط من الشيعة، آراءً إيجابية في هذا الصدد.
وعلى نحوٍ مماثل، يختلف الإسرائيليون اليهود والعرب بقوة حول تركيا؛ فينظر 72% من الإسرائيليين العرب و7% فقط من الإسرائيليين اليهود بإيجابية إلى تركيا.
وينظر الكثيرون إلى السعودية سلباً، لكنَّ الأردن -الذي عمَّق علاقاته مع السعودية في السنوات الأخيرة- لديه وجهة نظر إيجابية للغاية تجاه المملكة المجاورة.
ويتفق أكثر من النصف في تونس مع ذلك. وكما هو الحال مع وجهات النظر تجاه تركيا، يحمل المسلمون السُنَّة في لبنان وجهات نظر أكثر إيجابية بكثير حيال السعودية مقارنةً بالمسلمين الشيعة.
وتُعَد الآراء حول إيران سلبيةً على نحوٍ ملحوظ؛ إذ يمتلك أقل من شخصٍ واحد من بين كل 5 في تركيا، وإسرائيل، والأردن آراءً إيجابية حول إيران.
وتتشابه وجهات النظر الأردنية السلبية للغاية اليوم مع وجهات النظر في 2015، لكنَّها احتدت بقوة منذ 2006 -وهي المرة الأولى التي جرى فيها طرح السؤال بالأردن- حين كان النصف تقريباً (49%) ينظرون إلى إيران بإيجابية.
ويحمل لبنان، مقارنةً بجيرانه، وجهات نظر أكثر إيجابية عموماً تجاه إيران، لكنَّ وجهات النظر تنقسم بشدة، مجدداً، على أساس الخلفيات الدينية؛ فينظر 93% من اللبنانيين الشيعة إلى إيران ذات الأغلبية الشيعية بإيجابية، مقارنةً بـ27% فقط في صفوف المسيحيين و16% بصفوف المسلمين السُنَّة.
أردوغان
تميل الجماهير في الشرق الأوسط للنظر إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على نحوٍ أكثر إيجابية مقارنةً بالقادة الآخرين في الشرق الأوسط. ومع ذلك، تتباين وجهات النظر حول الرئيس التركي بشدة في أنحاء المنطقة؛ إذ يمتلك أقل من النصف في لبنان و15% في إسرائيل وجهة نظر إيجابية تجاه أردوغان. ويحمل الإسرائيليون اليهود (4%) واللبنانيون الشيعة (7%) وجهات نظر سلبية على نحوٍ خاص.
وتحسَّنت وجهات النظر تجاه أردوغان في تونس (ارتفعت 10% منذ 2014)، وفي الأردن (ارتفعت 7% منذ 2015). وأصبحت وجهات النظر اللبنانية تجاهه أقل إيجابية منذ 2015 (تراجعت 8%).
السيسي
وتحمل الجماهير في الشرق الأوسط رؤى أكثر فتوراً بكثير تجاه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
وتأتي التقييمات الأسوأ للسيسي من تركيا، حيث ينظر إليه 12% فقط بإيجابية.
وكان أردوغان، الذي كان يتولَّى منصب رئيس الوزراء في 2013، قد عارض علناً إطاحة السيسي سلفه الرئيس المصري السابق محمد مرسي.
شعبيته في إسرائيل
ويمتلك الإسرائيليون الرؤى الأكثر إيجابية تجاه السيسي من بين البلدان المشمولة بالدراسة، لكنَّ الإسرائيليين العرب (22%) ينظرون إليه على نحوٍ أقل إيجابية بكثير مقارنةً بالإسرائيليين اليهود (49%)، حسب المركز.
الملك سلمان
ويُنظَر إلى العاهل السعودي عموماً نظرةً سلبية، لاسيَّما في إسرائيل، حيث يحمل 14% فقط وجهة نظر إيجابية حياله، ولا يقول أي إسرائيليين إنَّهم يحملون وجهة نظر "إيجابية للغاية" تجاه الملك السعودي.
وعلى النقيض من ذلك، ينظر 86% في الأردن إلى الملك سلمان نظرةً إيجابية، وينظر إليه النصف نظرةً "إيجابية للغاية".
ملك الأردن
ويحظى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بتقييماتٍ شبيهة كثيراً بقادة الشرق الأوسط الآخرين. وتُعَد وجهات نظر الأتراك تجاه الملك هي الأقل إيجابية؛ إذ ينظر إليه 18% فقط بإيجابية، لكنَّ أكثريةً (43%) لا تُعبِّر عن أي وجهة نظر تجاهه.
الأسد
وتُعَد وجهات النظر تجاه الرئيس السوري بشار الأسد سلبية في مختلف بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المشمولة بالدراسة؛ إذ ينظر فقط 7% في إسرائيل و1% بالأردن إلى الأسد نظرةً إيجابية. ويحمل السوريون المقيمون في الأردن وجهات نظر سلبية مماثلة تجاه الرئيس السوري؛ إذ يحمل 3% فقط منهم وجهة نظر سلبية تجاه الأسد.
والآراء بشأن الأسد أكثر إيجابية في لبنان مقارنةً بأي بلدٍ آخر، لكنَّها تتباين بشكلٍ صارخ بين السُنَّة والشيعة في البلاد. فتحمل أغلبية كبيرة من الشيعة (93%) و13% فقط من السُنَّة رأياً إيجابياً تجاه الرئيس السوري.
وفي معظم البلدان، كانت تقييمات الأسد متدنية على نحوٍ شبيه بالتقييمات التي تصدر منذ أول مرة طُرِح فيها هذا السؤال. ومع ذلك، أصبح الرأي أكثر إيجابية في تونس على مدار السنوات الخمس الماضية (ارتفع بنسبة 13% منذ 2012).
روحاني
وتتشابه الآراء حول الرئيس الإيراني حسن روحاني في العموم مع الآراء حول الأسد؛ إذ يحمل أقل من 10% في كلٍ من إسرائيل والأردن وجهة نظر إيجابية تجاه الرئيس الإيراني.
وأصبحت آراء الجماهير تجاه روحاني أكثر سلبية في الأردن -حمل 13% وجهة نظر إيجابية تجاه الرئيس الإيراني في 2015- لكنَّ نسبة وجهات النظر الإيجابية في إسرائيل ظلَّت منخفضة للغاية.
ويتشارك الإسرائيليون اليهود (0% منهم لديهم وجهة نظر إيجابية) والإسرائيليون العرب (22%) وجهات نظر متدنية تجاه روحاني. وفي الأردن، يحمل كلٌ من السوريين (1%) والأردنيين (4%) وجهات نظر سلبية للغاية تجاه الرئيس الإيراني.
المركز الأخير
ويتلقَّى رئيس الوزراء الإسرائيلي تقييمات سلبية للغاية من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ إذ يحمل فقط 7% في كلٍ من تونس وتركيا، و1% بالأردن، و0% في لبنان، وجهات نظر إيجابية حيال نتنياهو.
وتُعَد وجهة النظر السلبية حياله قوية على نحوٍ خاص في الأردن ولبنان؛ إذ يقول 95% من الأردنيين و97% من اللبنانيين إنَّ لديهم وجهة نظر "سلبية للغاية" حياله.
الحرب الأهلية السورية
تؤلِّب الحرب الأهلية السورية، التي دخلت الآن عامها السابع، الكثير من اللاعبين الإقليميين الرئيسيين بعضهم ضد بعض. وتشعر قِلَّةٌ بالتفاؤل بشأن انتهاء الحرب العام المقبل، على الرغم من أنَّ الكثيرين يعتقدون أنَّها لن تستمر إلى ما يتجاوز السنوات الخمس المقبلة.
وتنقسم الجماهير في توقُّعها المدى الزمني الذي سيظل الصراع فيه مستمراً؛ إذ يتوقَّع متوسط 26% أن تنتهي الحرب في سوريا العام المقبل، ويتوقع 32% أن تنتهي في الأعوام الخمسة المقبلة، ويعتقد 29% أنَّها ستستمر لأكثر من 5 سنوات.
وتوجد وجهات النظر الأكثر تفاؤلاً في الأردن؛ إذ يتوقَّع 80% أن تنتهي الحرب في مرحلةٍ ما بالسنوات الخمس المقبلة، من بينهم 32% يعتقدون أنَّها ستنتهي في غضون عام؛ بل إنَّ السوريين المقيمين بالأردن أكثر تفاؤلاً فيما يتعلَّق بالحرب الدائرة في بلادهم؛ فيتوقَّع 64% منهم أن تنتهي الحرب في غضون عام، ويقول 26% إنَّها ستنتهي بالسنوات الخمس المقبلة، بينما يعتقد 10% فقط أنَّها ستستمر لأكثر من 5 سنوات.
وتقول نسبة الثلثين تقريباً في إسرائيل إنَّ الحرب ستنتهي في السنوات الخمس المقبلة، ويتفق مع ذلك 48% بلبنان.
ويُعَد الأتراك هم الأكثر تشاؤماً بشأن أمد الحرب الأهلية في سوريا؛ إذ يقول النصف تقريباً إنَّ الحرب ستستمر لأكثر من 5 سنوات.
الموقف من اللاجئين
وفي المسألة المتعلِّقة بالسماح للاجئين السوريين بدخول بلادهم، تؤيد الجماهير في الأردن وتركيا ولبنان، بقوة، قبول أعدادٍ أقل من اللاجئين السوريين، واختار الكثيرون منهم خيار "عدم قبول أي لاجئين" باعتباره الخيار الأفضل.
وتُعَد هذه النتائج جزءاً من النتائج الرئيسية التي خلصت إليها دراسة أجراها مركز بيو للأبحاث وشارك فيها 6204 أشخاص بإسرائيل، والأردن، ولبنان، وتونس، وتركيا في الفترة ما بين 27 فبراير/شباط وحتى 25 أبريل/نيسان 2017.