كيف أصبح منع قيادة المرأة قاتلاً للرجل؟

عليك أن تتخيل الآن رجلاً يقود مركبته في أحد شوارع الرياض المزدحمة وبجانبه زوجته التي لم يمضِ وقت طويل على عقد قرانهما، وحصل حادث بسيط لهما ونطقت زوجته في لحظة لا مبالاة عبارة لم تلق لها (أنت ما تعرف تسوق؟) فسرى في جسده شعور الإهانة والطعن في رجولته فعنفها جسدياً ولفظياً وقال لها: أنتِ طالق".

عربي بوست
تم النشر: 2015/11/06 الساعة 04:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/11/06 الساعة 04:37 بتوقيت غرينتش

يموت شخص كل 70 دقيقة تقريباً في المملكة العربية السعودية، حتى أصبح سبب الوفاة الأول عام 2013 على عكس بقية المناطق الجغرافية التي يكون سبب الوفاة الأول مرض ما، مثل أمراض القلب في أوروبا وأمريكا أو الأمراض المعدية في إفريقيا حسب موقع The lancet الطبي.

وهذا يثير تساؤلات كثيرة حول الأسباب التي أدت لهذا النزف البشري في السعودية عن بقية الدول لتجعلنا نبحث أسباباً اجتماعية وقناعات، بالإضافة طبعاً للأسباب الأخرى التنظيمية مثل السماح باستيراد مركبات تصل سرعتها إلى 260 كيلومتراً/الساعة، بينما في أمريكا الأكبر مساحةً من بلدنا مركباتها لا تتجاوز 160 كيلومتراً/ساعة.

أعتقد أن السعودي يقود مركبته هنا كفعل ذكوري يميزه عن الأنثى الممنوعة من القيادة، ما يجعل ذكوريته أحياناً تصل به لمرحلة التهور حتى يثبت مدى تميزه على بقية أقرانه، الحرب مثلاً فعل يختص به الذكور ويتمايزون به. وكلما كان المقاتل جسوراً مُقدماً في أرض القتال انتشى وساوره شعور التميز.

عندما تتجاوزه سيارة يسرع أكثر حتى يشعر بأنه الأسرع، عندما تعترضه أخرى في دوار يشعر بأن الكل يتعامل برجولته فيحاول لوي عنق النظام وتجاوز البقية. في ساحات التفحيط يمارس الشاب السعودي تهوره واستعراض ذكوريته بأفعال نسبة الحياة فيها ضئيلة، كما هي بقية التصرفات الرجولية المتهورة في كل مكان.

أرى أنه عندما يكون الفعل خاصاً بجنس معين يجعل له خصوصية ومعياراً مختلفاً، ويكون القدح فيه يجرح من انتماء الشخص لصفات جنسه. كما هو الطبخ عند النساء، لأنه فعل نسائي غالباً عندما تقلل من جودته فبذلك قللت شيئاً من أنوثتها، لذلك عليك الحذر من أن تبدي رأياً سلبياً تجاه طبخهن حتى لا تمتنع إحداهن عن الطبخ بأعذار واهية تجعلك صديقاً لصاحب المطعم القريب من منزلكم.

بينما الأفعال والواجبات التي يشترك النساء والرجال في فعلها ولا يختص جنس ما بها يعتبر عدم إتقانها أمراً ليس بتلك الأهمية، وحتى نقده أقل وقعاً وتأثيراً على النفس.

في السعودية بمجرد أن الشاب يدخل مرحلة المراهقة ومرحلة إثبات الذات سيزعج والديه برغبته الشديدة في تعلّم القيادة حتى يقوم بخدمة والدته وأخواته كفعل ذكوري خالص يشعر معه بأنه مكتمل.

عليك أن تتخيل الآن رجلاً يقود مركبته في أحد شوارع الرياض المزدحمة وبجانبه زوجته التي لم يمضِ وقت طويل على عقد قرانهما، وحصل حادث بسيط لهما ونطقت زوجته في لحظة لا مبالاة عبارة لم تلق لها (أنت ما تعرف تسوق؟) فسرى في جسده شعور الإهانة والطعن في رجولته فعنفها جسدياً ولفظياً وقال لها: أنتِ طالق".

حسناً لقد بالغت قليلاً في الخيال لكن لو دسست في أذن أحدنا عن شعوره عندما تقول له امرأة إنه لا يحسن القيادة لقال لك إنها تجاوزت حدودها قليلاً وتفوّهت بما لا يليق أن يقال.

لذلك أعتقد بأن منع النساء من القيادة أحد الأسباب، ولو كان هامشياً، في فتح القبور لنا معشر الرجال وبمحض إرادتنا، وفي كل عائلة لابد أن تجد لهم فقيداً قتله مقود مركبة لعينة لم تلتزم هيئة المقاييس والمواصفات أيضاً بوضع مواصفات سلامة كافية.

القارئ لتدوينتي هذه سيبدأ في حشرها في الصراع القطبي لدينا حول الخلاف المصيري على قيادة المرأة، لذلك أصرح بأن لا ناقة لي ولا جمل في هذا الخلاف، خصوصاً أن أحدهم قال إن قيادتهن تضر المبايض وأنهى الخلاف!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد