6 مخاطر تهدد التظاهرات المؤيدة لغزة بجامعات الولايات المتحدة مع عودة ترامب.. أبرزها ترحيل الأجانب

عربي بوست
تم النشر: 2024/11/30 الساعة 11:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/11/30 الساعة 11:43 بتوقيت غرينتش
خيم نصبها طلاب محتجون على الحرب في غزة بحرم جامعة كولومبيا الأمريكية/الأناضول

مع عودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2025، تواجه التظاهرات المؤيدة لغزة في الجامعات الأمريكية مخاطر عدة، حيث تمارس ضغوطاً على المؤسسات التعليمية بشأن التعامل مع التظاهرات وحرية التعبير، سواء من قبل مشرعين أو جهات مانحة. 

وكانت شرارة هذه التظاهرات قد اندلعت في أبريل/نيسان الماضي حينما بدأ طلاب مؤيدون للفلسطينيين في جامعة كولومبيا الأمريكية اعتصاماً في حديقة الحرم الجامعي، احتجاجاً على الاستثمارات المالية المستمرة للجامعة في الشركات التي تدعم احتلال فلسطين و"الإبادة الجماعية" في غزة. 

وفي وقت لاحق، امتدت المظاهرات والاعتصامات إلى جامعات رائدة أخرى في الولايات المتحدة، مثل جامعات نيويورك وييل، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وجامعة نورث كارولينا.

يأتي ذلك بينما أصبحت المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، التي أشعلتها الحرب الإسرائيلية المستمرة في غزة منذ أكثر من عام، بمثابة نقطة اشتعال سياسية ترفض الاختفاء.

وقد نجحت التظاهرات الطلابية الداعمة لفلسطين في تحقيق أهدافها بالفعل، وكان ذلك ملحوظاً في قرار عدة جامعات أمريكية سحب استثماراتها من الشركات المتعاونة مع الاحتلال الإسرائيلي، ومن بينها جامعة إيفرغرين وجامعة جونز هوبكنز.

التظاهرات المؤيدة لغزة
عناصر من الشرطة أمام جامعة كولومبيا/رويترز

في المقابل، شنّ اللوبي الداعم لإسرائيل هجوماً على قادة الجامعات. ففي شهر مايو/أيار الماضي، وخلال جلسة استماع في الكونغرس، اتهمت لجنة في مجلس النواب بقيادة الجمهوريين قادة الجامعات بالاستسلام لمعاداة السامية، حتى أن مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية، أفريل هاينز، اتهمت إيران بأنها "تحاول تأجيج الاحتجاجات سراً في الولايات المتحدة فيما يتعلق بالحرب في غزة، وفي بعض الحالات، تقدم الدعم المالي للمتظاهرين". 

وبينما تستعد الولايات المتحدة لتنصيب ترامب رئيساً جديداً، أعرب مستشارون قانونيون وطلاب جامعيون عن مخاوفهم من أن تشكل عودة الرئيس الجمهوري نهاية لحرية التعبير في الجامعات الأمريكية، يواجه من خلالها الطلاب وأعضاء هيئة التدريس على حد سواء أعمال انتقامية لمجرد الانخراط في خطاب مؤيد للفلسطينيين أو مناهض للحرب. 

 ووعدت إدارة ترامب القادمة بحملات قمع أكثر صرامة، وهو ما قد يؤدي إلى إعادة تشكيل مشهد التظاهرات والتعبير في الحرم الجامعي، بحسب تقرير نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني.

نستعرض في هذا التقرير أبرز المخاطر والتحديات التي تواجه التظاهرات المؤيدة لغزة، والتي تتنوع ما بين تشريعات جديدة تستهدف هذه التظاهرات وتهديدات أطلقها ترامب بترحيل الطلاب الداعمين لفلسطين.

1- التحقيقات الفيدرالية

اعتباراً من شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خضعت ما لا يقل عن 60 جامعة لتحقيقات فيدرالية في جميع أنحاء الولايات المتحدة، والتي تتضمن اتهامات بتعزيز معاداة السامية أو دعم الإرهاب تحت ستار التضامن مع الفلسطينيين. 

ونقل موقع ميدل إيست آي عن أودي عوفر، أستاذ في جامعة برينستون ورئيس المجلس الاستشاري الدولي لجمعية الحقوق المدنية في إسرائيل، قوله: "أخشى أن تخضع المنظمات والطلاب الذين يشاركون في حركات الاحتجاج في الحرم الجامعي لتحقيقات فيدرالية غير مبررة، سواء من قبل إدارة ترامب أو من قبل الكونغرس". 

وأضاف عوفر أن "مثل هذه التحقيقات قد يكون لها تأثير خطير على رغبة الطلاب في التعبير عن آرائهم في الحرم الجامعي في جميع أنحاء البلاد".

كما أعرب إريك لي، المحامي الذي يمثل براهلاد إينجار، الطالب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والذي يواجه الطرد بسبب نشره مقالاً في مجلة طلابية بعنوان "حول السلمية"، من أن يزداد الوضع سوءاً.

وقال إريك: "اتهمت الجامعة إينجار صراحة بالترويج لمنظمة إرهابية، وهي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. إن محاولة اتهام إينجار بالإرهاب تشكل هجوماً هائلاً على التعديل الأول، والإجراءات القانونية الواجبة، والحقوق الديمقراطية للسكان بالكامل".

ومن المتوقع أن يحضر إينجار جلسة استماع في الجامعة، حيث لن يُسمح له بحضور محاميه. وأضاف إريك أن "أحد الإداريين المسؤولين عن توجيه الاتهامات ضده سيكون رئيساً للجنة الاستماع".

ولا يقتصر الأمر على التحقيقات مع الجامعات، حيث أشارت تقارير أخرى سابقة إلى اعتقال المئات من الطلاب المؤيدين لفلسطين أيضاً، ناهيك عن تعرض البعض منهم لمعاملة قاسية من الشرطة الأمريكية. وأفاد طلاب بأنهم تعرضوا للضرب على أيدي ضباط شرطة نيويورك بعد اعتقالهم ونقلهم إلى المستشفى بسبب إصاباتهم قبل إعادتهم إلى مركز الاحتجاز.

اعتصام طلبة جامعة كولومبيا الأمريكية تضامناً مع فلسطين/ رويترز
اعتصام طلبة جامعة كولومبيا الأمريكية تضامناً مع فلسطين/ رويترز

2- التمييز وإساءة المعاملة

أظهر تقرير أعده فرع كاليفورنيا لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)، أن 49% من الطلاب المسلمين في نحو 87 جامعة ومؤسسة للتعليم العالي بولاية كاليفورنيا الأمريكية، يتعرضون للمضايقات والتمييز.

التقرير الذي حمل عنوان "الوضع في جامعات كاليفورنيا لعام 2024″، ونشرته وكالة الأناضول، تناول حوادث الإسلاموفوبيا في الجامعات والمؤسسات التعليمية بالولاية والبالغ عددها نحو 87.

واتضح خلال الاستطلاع الذي جرى في إطار التقرير أن 49% من الطلاب أكدوا أنهم "واجهوا مستويات عالية من التمييز والمضايقات".

ووفقاً للتقرير، قال 37% من الطلاب المسلمين إنهم يشعرون أن الكوادر التدريسية يستهدفونهم بسبب هويتهم الدينية، فيما اعتبر 53% منهم، أنهم مستهدفون من طلاب (غير مسلمين).

وأفاد 92% من المشاركين في الاستطلاع أنهم تعرضوا للمضايقات والتمييز بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وذكر 47% من الطلاب الذين واجهوا التمييز، أنهم مترددون في التعبير عن مخاوفهم لإدارة الجامعات، وأكد 36% أنهم لا يستطيعون التعبير عن آرائهم السياسية في الحرم الجامعي بحرية تامة.

3- ترحيل الطلاب الداعمين لفلسطين

تشكل تهديدات ترامب بشأن ترحيل الطلاب الأجانب الداعمين لفلسطين أحد أبرز المخاطر التي تواجه الحركة الطلابية المناهضة للاحتلال الإسرائيلي.

وكان قد تعهد خلال حملته الانتخابية بسحق الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات إذا عاد إلى البيت الأبيض.

ووصف ترامب خلال اجتماع عقده في مايو/أيار الماضي مع مجموعة من المتبرعين الأثرياء وغالبيتهم من اليهود، المظاهرات التي اندلعت ضد الحرب الإسرائيلية في غزة بأنها جزء من "ثورة جذرية"، ووعد المانحين بأنه سيعيد الحركة 25 أو 30 عاماً إلى الوراء إذا ساعدوه على الفوز بالبيت الأبيض في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وأضاف ترامب أيضاً أن إدارته ستطرد الطلاب الأجانب الذين سيتبين أنهم يشاركون في الاحتجاجات. 

وقال المحامي إريك لي: "من المرجح أن تضطر إدارة ترامب، في إطار جهودها، لإلغاء تأشيرات الطلاب، والادعاء بأن الطلاب متورطون في دعم الإرهاب من خلال التظاهر ضد الإبادة الجماعية".

ورأى الأستاذ في جامعة برينستون عوفر، الذي عمل أيضاً محامياً في الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية لأكثر من 20 عاماً، أن هذه الحملة القمعية بمثابة بوابة نحو هجوم أوسع على الطلاب الأجانب. 

وقال عوفر:"وقد تشمل هذه الهجمات إلغاء وضع الهجرة للطلاب غير المواطنين الذين يتواجدون في الولايات المتحدة بتأشيرات، أو حتى البدء في توجيه اتهامات خاطئة إلى المنظمات والناشطين الطلابيين بالفشل في التسجيل كعملاء أجانب، وكلاهما مثالان على الأفكار التي يتم تداولها".

ويعاني الطلاب الدوليون بالفعل من التأثيرات المخيفة.

فقد روى مومودو تال، وهو طالب في جامعة كورنيل، تهديداً مبطناً بالترحيل بعد المشاركة في الاحتجاجات. وقال: "قيل لنا إن الجامعة لا تملك سلطة الترحيل. لكن الجامعة أخبرتني أنها ستلغي تسجيلي – عندما تلغي تسجيل شخص يحمل تأشيرة F1، فإن تأشيرتك باطلة ولاغية بشكل أساسي."

ترامب يروِّج لنسخة خاصة من الأناجيل المحكمة العليا الأمريكية التحريض على العنف عودة محتملة.. هل تشهد الهجرة إلى أمريكا مزيداً من القيود في عهد ترامب الثاني؟
الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب/رويترز


4- مشروع إستر

يثير "مشروع إستر: استراتيجية وطنية لمكافحة معاداة السامية"، وهو مبادرة تهدف إلى مكافحة ما يسميه مؤيدوها التحيز ضد إسرائيل في الحرم الجامعي، مخاوف أخرى لدى مؤيدي الحركة الطلابية الداعمة لفلسطين في الفترة المقبلة.

ووفقاً لموقع المشروع المبادرة على الإنترنت، فقد "سميت على اسم البطلة اليهودية التاريخية التي أنقذت اليهود من الإبادة الجماعية في بلاد فارس القديمة" و"تقدم مخططاً لمكافحة معاداة السامية في الولايات المتحدة وضمان أمن وازدهار جميع الأمريكيين".
وقد أثار تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA) لمعاداة السامية، والذي يخلط بين انتقاد إسرائيل ومعاداة السامية، مناقشات ساخنة، حيث يزعم المدافعون أنه ضروري لحماية الطلاب اليهود من التمييز، بينما يزعم المعارضون أنه يسكت الانتقادات المشروعة للسياسة الإسرائيلية.  

وانتقدت توري بوريل، المحامية في منظمة فلسطين القانونية، اعتماد إدارة ترامب على هذا المشروع لتقويض نشاط الطلاب.

وقالت بوريل: "حتى الآن، يتولى مكتب الحقوق المدنية التابع لوزارة التعليم عمليات التحقيق التي تجري مع الطلاب الفلسطينيين والعرب والمسلمين بشأن التمييز، لكنني أعتقد أن هذه التحقيقات ستبدو مختلفة تماماً في ظل إدارة ترامب". 

وأضافت بوريل أنه من الممكن أن تتبنى وزارة التعليم تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست، الأمر الذي من شأنه أن يزيل طبقة الحماية المحتملة للطلاب.

وأعرب محامون مختصون عن قلقهم من أن يحد تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست لمعاداة السامية من حرية التعبير، واصفين مثل هذه التدابير بأنها غير ضرورية.ويزعم العديد من الطلاب والمنظمات أن الطبيعة الواسعة لتعريف معاداة السامية قد تؤدي إلى تجريم الخطاب السياسي في الحرم الجامعي، وخاصة بالنسبة لأولئك الذين يدافعون عن حقوق الفلسطينيين أو يحتجون ضد سياسات إسرائيل في غزة.

وبالنسبة للطلاب مثل أرمان، وهو عضو في تحالف براون لسحب الاستثمارات، فإن هذا يشكل تهديداً مباشراً لقدرتهم على التنظيم والتعبير عن معتقداتهم.

مشاهير تيك توك يشنّون حملة غير مسبوقة ضد احتمالية حظر التطبيق في أمريكا قراءة في كتاب
الكونغرس الأمريكي/رويترز


5- تشريعات تخنق التظاهرات المؤيدة لغزة

تمثل موجة الجهود التشريعية الرامية إلى الحد من النشاط المؤيد للفلسطينيين في الولايات المتحدة، مصدر قلق أخر للطلاب، حيث من المتوقع أن تكتسب العديد من مشاريع القوانين الرئيسية زخماً في ظل الإدارة المقبلة. 

ومن بين هذه القوانين التي أشير إليها في الآونة الأخيرة:

 أولاً: قانون حماية الحرية الاقتصادية: وهو قانون أصدرته المنظمات الحكومية الدولية. ويقضي بمنع التمويل الفيدرالي للجامعات التي تشارك في المقاطعة التجارية لإسرائيل. 

ويهدف مشروع القانون إلى معاقبة الجامعات التي تستجيب لمطالب المحتجين المؤيدين للفلسطينيين بسحب استثماراتها من إسرائيل.

ثانياً: قانون مكافحة المقاطعة: ويسعى قانون المنظمات الحكومية الدولية لمكافحة المقاطعة إلى تقييد قدرة المنظمات الحكومية الدولية على فرض أو دعم المقاطعة التي تستهدف حلفاء الولايات المتحدة، بما في ذلك إسرائيل. 

ويأتي مشروع القانون الجديد ليوسع نطاق قانون مكافحة المقاطعة الحالي، وهو التشريع الذي يتطلب من المواطنين الأمريكيين رفض المشاركة في حملات المقاطعة التي تنظمها الحكومات الأجنبية ضد الدول الصديقة للولايات المتحدة. 

ثالثاً: قانون المؤسسات غير الربحية: ويمنح هذا القانون الذي أقره مجلس النواب الأمريكي منح وزارة الخزانة سلطة إلغاء الإعفاء الضريبي لأي منظمة غير ربحية تعتبرها "منظمة داعمة للإرهاب"، وهو ما قد يعرض العديد من الجماعات المؤيدة للفلسطينيين والتي تنتقد حرب إسرائيل على غزة للخطر.
وبالنسبة للطلاب الناشطين مثل أرمان، تشير مشاريع القوانين إلى تصعيد محتمل في المعركة القانونية من أجل حرية التعبير في الحرم الجامعي. وقال: "نحن جميعاً ننظر إلى هذه القوانين ونتوقع كيف تستعد الدولة لقمع الخطاب المؤيد للفلسطينيين والاحتجاجات الداعمة لحركة التحرير الفلسطينية".

غرق خيام النازحين
قصف إسرائيلي متواصل على قطاع غزة/رويترز

6- قطع التمويل

تواجه الجامعات الأمريكية أيضاً مخاطر بقطع التمويل والدعم المالي الاتحادي في حال لم تتعامل مع التظاهرات الداعمة لفلسطين.

وكان ترامب قال خلال حملته الانتخابية في سبتمبر/أيلول الماضي إن الجامعات الأمريكية ستكون معرضة لخسارة الاعتماد والدعم الاتحادي بسبب ما وصفه "بالدعاية المعادية للسامية" إذا انتخب رئيساً.

وقال ترامب أنذاك متحدثاً عن بعد لتجمع ضم أكثر من ألف متبرع من التحالف اليهودي الجمهوري في لاس فيجاس: "يتعين على الجامعات أن تضع حداً للدعاية المعادية للسامية وإلا فإنها ستفقد اعتمادها ودعمها الاتحادي".

أيضاً، قد يكون لتعريف معاداة السامية الجديد الذي أقره التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست آثار أوسع على السياسة والتمويل. وستكون الجامعات التي لا تمتثل للمعايير المعاد تعريفها لمعاداة السامية عرضة لحجب التمويل عن المنظمات الطلابية أو حتى فقدان الدعم المالي الفيدرالي.

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلنت جامعة هارفارد الأمريكية عن انخفاض التبرعات المقدمة للجامعة بنسبة بلغت 14% في السنة المالية المنتهية في 30 يوينو/حزيران.

وذكر موقع والا العبري أن كبار المانحين قطعوا علاقاتهم بالجامعة وسط انتقادات من خريجين بارزين لموقفها من الفعاليات المؤيدة لفلسطين التي شهدتها الجامعة العام الماضي، وبسبب طريقة تعاملها مع معاداة السامية. 

وانخفض إجمالي التبرعات للجامعة إلى 896 مليون دولار مقارنة بـ 1.05 مليار دولار قبل عام.  

تحميل المزيد